شاهد- الشتاء والأمطار في مخيمات السوريين.. دمعة وابتسامة

تتجدد محنة النازحين السوريين في كل موسم شتاء على وقع هطول الأمطار، في وقت بات فيه تجمع الطين والوحل مناسبة فرح يولد من رحم المعاناة والبرد، يصنعه ناشطون سوريون رفقة الأطفال المحرومين من التعليم واللعب مثل بقية أطفال العالم.

ورغم ما يحمله المطر من الخير والسعادة للأهالي، فإن حضوره يرسم الحزن والمعاناة على وجه النازحين الذين طالت رحلة نزوحهم في مخيمات الشمال السوري لتكمل 10 أعوام دون بصيص أمل في الأفق.

مياه الأمطار حاصرت آلاف النازحين في مخيمات الشمال السوري (الجزيرة)

نحيب وبكاء

ليس بعيدا عن الحدود السورية التركية، غمرت مياه العاصفة المطرية الشديدة التي ضربت المنطقة خلال اليوميين الماضيين مخيم كفر عروق الذي يسكنه الآلاف من النازحين السوريين، وبات معظمهم محاصرين وسط المياه والطين.

ويقول عبد الله خيرو، وهو نازح من ريف حلب، إنه استيقظ مع أسرته فجر أول أمس (الاثنين) بعد أن غمرت المياه خيمتهم وابتلت البطانيات والأمتعة والمؤن، وقضوا ليلة كاملة في العراء وسط البرد والطين ونحيب كبار السن وبكاء الأطفال.

ويضيف خيرو للجزيرة نت أن أكثر من 20 عائلة غرقت خيامها بالكامل توجهت إلى الجامع القريب من المخيم للمبيت فيه ريثما تنتهي العاصفة ويتمكن النازحون من إعادة نصب تلك الخيام.

وناشد خيرو المنظمات الإنسانية اتحرك سريعا لنجدة مئات المدنيين في المخيم بعد أن شردتهم العاصفة وأصبحوا بلا ملابس أو طعام وبطانيات، في الوقت الذي لا يحصل فيه السكان على أي مساعدات أممية كونها مخيمات عشوائية وغير مسجلة ضمن برامج الدعم.

أكثر من 145 مخيما من مخيمات النازحين تضررت جراء العاصفة المطرية (الجزيرة)

تضرر المخيمات

وعائلة خيرو من بين سكان 145 مخيما تضررت نتيجة الأمطار الكثيفة وانقطاع العديد من الطرقات المؤدية إلى بعض المخيمات، وفق بيان نشره فريق "منسقو الاستجابة" في شمالي سوريا.

وبحسب الفريق، بلغ عدد الخيم المتضررة بشكل كلي 278 خيمة، و513 خيمة بشكل جزئي، إضافة لأضرار واسعة في الطرقات تجاوزت 8 كيلومترات ضمن المخيمات ومحيطها، في حصيلة أولية للأضرار.

وفي حين شردت مئات العائلات ونزح بعضها إلى أماكن أخرى، انتقل جزء بسيط إلى دور العبادة ومراكز إيواء، وفق بيان الفريق، الذي توقع زيادة الأضرار بشكل أكبر في حال استمرار هطول الأمطار أو تجددها في المنطقة.

ويبلغ عدد سكان المخيمات في الشمال مليونا و43 ألفا و869 نازحا، يعيشون ضمن 1293 مخيما، من بينها 282 مخيما عشوائيا أقيمت في أراض زراعية، ولا تحصل على أي دعم أو مساعدة إنسانية أممية، وفق آخر إحصائية لفريق "منسقو الاستجابة" بسوريا.

المئات من الأسر النازحة باتت ليلتها في العراء وسط البرد والوحل (الجزيرة)

مبادرة الطين

على الجانب الآخر أقام ناشطون سوريون مبادرة من وحي المحنة السورية، ارتبطت بصنع الفرح والبهجة من الطين، الذي يحاصر مخيمات النازحين، في محاولة لإيصال رسائل إلى العالم بشأن معاناة آلاف المدنيين في فصل الشتاء.

وعلى الرغم من برودة الطقس، نظم الناشطون المبادرة في مخيم البراعم قرب مدينة سرمدا الواقعة على الحدود السورية التركية، تضمنت أنشطة ترفيهية للأطفال شملت مباراة لكرة القدم وسباق الجري، إضافة إلى نقل المياه وسحب الأطفال بالحبال على الأرض الطينية.

رغم برودة الطقس، نظّم ناشطون مبادرة في مخيم البراعم تضمنت أنشطة ترفيهية للأطفال (الجزيرة)

وقال بلال أبو مصعب وهو مصور صحفي في إدلب، إن معظم المشاركين في المناسبة تمرغوا بالوحل ودهنوا وجوههم به، كأحد أبرز نشاطات هذه المبادرة التي لا تخلو من الطرافة والألم في وقت واحد.

وأضاف أبو مصعب للجزيرة نت إن أهم رسائل القائمين على هذه المبادرة هي أن المدنيين في إدلب قادرون على صنع الفرح والسعادة من مصدر التعاسة والألم، ورسم القليل من البسمة على وجوه مئات الأطفال النازحين.

المصدر : الجزيرة