تتحدى كورونا وقيظ الصيف.. السياحة الداخلية في قطر تنتعش بعد تخفيف القيود

منتجع سلوى يلبي معايير السياحة العالمية (مواقع التواصل)

لأول مرة، يجد أبو محمد نفسه مضطرا لتحمل صيف قائظ، زاد من حرارته ما فرضه فيروس كورونا من إجراءات احترازية، بخلاف الأعوام الماضية التي كان يحتار فيها بين خيارات متعددة على قائمة أفضل الوجهات السياحية العالمية التي تستهوي أغلب العائلات القطرية في أوروبا وآسيا.

وعلى إثر حالة الإغلاق التي تعيشها عدد من المطارات حول العالم، وتعليق الحجوزات في أغلب المنتجعات السياحية المعروفة، وازدياد المخاوف من أي مخاطر محتملة جراء السفر، اختار أبو محمد إعادة التفكير في قضاء العطلة خارج البلد.

وقام بتوجيه البوصلة إلى الداخل في محاولة لكسر الأجواء الرتيبة التي خلفتها فترة الحجر الصحي في قطر، وتنويع حجوزاته بين عدد من الفنادق والمنتجعات السياحية، واستكشاف إمكاناتها في مجالات الضيافة والترفيه، خاصة بعد بدء المرحلة الثالثة من مراحل تخفيف الإجراءات الاحترازية في قطر.

إقامات فندقية فاخرة يضمها منتجع سلوى (مواقع التواصل)

حجوزات فندقية غير مسبوقة

عائلات كثيرة من المواطنين القطريين والمقيمين من مختلف الجنسيات مالت إلى هذا الخيار، حيث سجل عدد من الفنادق والمنتجعات السياحية في قطر، وخاصة العائلية، إقبالا كبيرا بلغ حدود الإشغال الكامل بفعل الطلب غير المسبوق الناتج عن عدم السفر إلى الخارج.

ومنذ سنوات، تبلور تفكير جدي لتنويع المنتوج السياحي في قطر من خلال استغلال عدد من المناطق الواعدة بشكل أمثل، خاصة تلك المطلة على السواحل أو القريبة منها بحكم أن قطر تعتبر شبه جزيرة، كما أن هناك مواقع سياحية في الصحراء يمكن استغلالها لإنشاء واحات استقبال شتوية تعكس البيئة القطرية وتراثها.

ولم تكن أغلب المنتجعات السياحية والفنادق الكبرى بحاجة لطرح عروض ترويجية تكسر بها الأسعار، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي ظلت فضاء مفتوحا لانتقاد أسعار بعض الفلل والإقامات على البحر، معتبرين أنها موجهة لشريحة معينة، ولم تراع باقي الراغبين في الاستفادة من خدماتها الترفيهية في ظل عدم توفر بدائل أخرى.

وتحاول هذه المنتجعات المزاوجة بين المعايير السياحية العالمية مع مراعاة البيئة المحلية، وخلق ظروف مناسبة للسياحة العائلية التي تفضل مراعاة الخصوصية، إلى جانب الاستجابة لاحتياجات فئات الشباب والأطفال المختلفة.

فضاءات ترفيهية منتوعة بمنتجع سلوى (مواقع التواصل)

الإنفاق في الداخل

يظل السائح القطري الأكثر إنفاقا على السياحة عربيا، حيث ترتفع معدلات الإنفاق لدى القطريين سنة بعد أخرى وبوتيرة متسارعة على السفر والإقامة الفاخرة في أرقى الفنادق، وما يلحق هذا من عمليات شراء من أرقى المتاجر والعلامات التجارية العالمية.

وبحسب معطيات رسمية، فقد بلغ الإنفاق القطري على السياحة في الخارج حوالي 34.528 مليار ريال (الدولار يساوي 3.56 ريالا قطريا) العام الماضي، ويرى مراقبون لقطاع السياحة أن ذلك يعود إلى حزمة من العوامل، من أبرزها امتلاك نسبة كبيرة من القطريين عقارات في وجهات سياحية عالمية متنوعة، تشجعهم على قصد تلك الوجهات أكثر من مرة في السنة.

ولعل هذا ما جعل المجلس الوطني للسياحة (جهة قطرية رسمية) يبذل جهودا كبرى للارتقاء بالقطاع السياحي في قطر من خلال تطوير المنشآت السياحية والاستثمار في الجزر والشواطئ وتوسيع الخيارات السياحية الممكنة، وتلبية الطلب الخارجي والداخلي من أجل تحويل دفة إنفاق السياح القطريين في الخارج نحو الداخل، ويتوقع أن تشهد الشهور المقبلة طرح المزيد من المشروعات من قبل المجلس، لتنفيذها بالتعاون مع القطاع الخاص.

منتجع جزيرة البانانا حفّز على إنشاء مزيد من المنتجعات وفضاءات الترفيه (مواقع التواصل)

السياحة الداخلية رهان مهم

يقول رئيس لجنة السياحة بغرفة قطر وعضو مجلس إدارتها الشيخ حمد بن أحمد بن عبد الله آل ثاني إن قطر لديها اليوم بنية سياحية متطورة، كما تمتلك كافة عوامل الجذب السياحي بفضل ما تحقق من مشاريع كبرى تتفرد بها في منطقة الشرق الأوسط وتضاهي بها مواقع عالمية، وذلك بعد تحفيز القطاع الخاص للاستثمار بشكل أكبر في هذا المجال وتوفير جميع وسائل الدعم بالتنسيق مع الحكومة.

وذكر في تصريح للجزيرة نت أن السياحة الداخلية رهان مهم، وأحد عوامل تحفيز الاقتصاد المحلي وتحقيق رؤية قطر الطموحة في مجال السياحة، ومن هنا تبذل غرفة قطر جهودا كبيرة لتذليل الصعوبات، وبحث التحديات التي تعترض هذا القطاع الحيوي.

بدورها تعزز المجمعات التجارية الكبرى التي تسوق للعلامات العالمية فرص رفع السياحة الداخلية بتوفيرها وجهات تسوق ذات مستوى عالمي، بحكم افتتاح فروع متعددة لها في قطر منذ سنوات.

منتجع البانانا احتكر جل الحجوزات بعد تخفيف القيود (مواقع التواصل)

مشاريع سياحية واعدة

طوال السنوات الماضية، ظل منتجع البانانا الواقع في إحدى الجزر البحرية أحد أهم المنتجعات السياحية في قطر، ومثل نجاح هذا المشروع الترفيهي حافزا كبيرا لإنشاء مزيد من المنتجعات وفضاءات الترفيه التي تخدم تطوير البنية السياحية باعتبارها تحتل حيزا مهما في رؤية قطر الوطنية 2030.

واليوم، يضاف إلى البانانا منتجع شاطئ سلوى الواقع على بعد أقل من 100 كيلومتر من الدوحة، ويضم مجموعة واسعة من المرافق الرائعة، بما في ذلك شاطئ خاص بطول ثلاثة كيلومترات، ومرسى فاخرا وناد لليخوت، وحديقة مائية، ومركز للغوص، ودور للسينما، ومركز للتسوق وقرية عربية، ومنتجع صحي.

منتجع زلال الصحي أكبر وجهة سياحية صحية في قطر، والأول من نوعه بالمنطقة (مواقع التواصل)

ولتفادي استنساخ نموذج واحد وتنويع المنتوج السياحي تبعا لفصول السنة، أعلن أخيرا عن افتتاح منتجع زلال الصحي، وهو مشروع متميز من تطوير شركة مشيرب العقارية، ويعد أكبر وجهة سياحية صحية في قطر، والمنتجع الصحي الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط.

كما ينتظر إطلاق عدد آخر من المشاريع الفندقية والمنتجعات في مناطق جديدة تستغل البيئة المحلية، وذلك مع قرب احتضان قطر لنهائيات كأس العالم 2022، والاستعداد لاستقبال عشاق كرة القدم من جميع دول العالم.

المصدر : الجزيرة