تخطر ببال الإنسان آلاف الأفكار السلبية.. فكيف تغمر نفسك بالإيجابية؟

على الرغم من أن التفكير الإيجابي يعتبر أمرا جيدا فإنه لا يجب أن يتضارب مع تفكيرنا بواقعية عند وضع خططنا للقيام بالمهام.

وتقول الكاتبة هالي غولدبيرغ في تقرير نشرته مجلة "فاست كومباني" الأميركية إن المخاوف تنتابها من كل شيء، ومع ذلك يبدو كل شيء بديهيا نوعا ما بالنسبة لها.

لكن، لماذا نتظاهر بأن كل الأمور ستكون على ما يرام على الرغم من عدم بذلنا أي مجهود لحصول ذلك؟ في الواقع، تخطر ببال الإنسان أكثر من خمسين ألف فكرة يوميا، وعادة ما تكون 70 أو 80% منها سلبية، مما يعني أننا لا ننوي أن نكون في دائرة الأفكار السعيدة فقط.

لكن، هناك توجه وسطي يمكن اتباعه عوضا عن أن يكون لك توجه واحد في التفكير حتى إن كان ذلك التوجه هو التفكير الإيجابي.

التفاؤل الواقعي
لا يعتبر التفاؤل أمرا جيدا فحسب، بل هو ضروري، ذلك أنه يعطينا الثقة والدافع الكافيين لمواصلة السعي نحو تحقيق أهدافنا.

هناك أسلوبان مختلفان لتكون شخصا متفائلا، حيث يعتقد الأشخاص المتفائلون غير الواقعيين أن الأشياء الجيدة ستحدث لا محالة دون التركيز على دورهم في تحقيقها، في حين يؤمن المتفائلون الواقعيون بقدرتهم على تحقيق هذه الأمور الجيدة حتى إذا واجهتهم ظروف صعبة.

وفي هذا الصدد، نقلت الكاتبة عن هايدي غرانت تصريحها لمجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" أن "الأشخاص المتفائلين الواقعيين يؤمنون بنجاحهم، ولكنهم يعتقدون أيضا أنه يجب عليهم بذل الكثير من الجهد والمثابرة، والقيام بتخطيط دقيق، واختيار الإستراتيجيات الصحيحة لتحقيق هذا الهدف، كما أنهم يدركون حاجتهم إلى التفكير بجدية بشأن كيفية التعامل مع العقبات، ويزيد هذا الاستعداد ثقتهم في قدرتهم على تحقيق أهدافهم".

التعامل مع المشكلات قبل حدوثها
وأضافت غرانت أن "الأمر يتعلق أساسا بمعرفة هدفك ومدى ثقتك بأنه يمكن تحقيقه، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار بأنه سيتحقق بفضل قدرتك على وضع إستراتيجية واضحة والتغلب على العقبات التي لا مفر منها".

ويعتبر هذا النوع من التفكير أكثر فائدة من أن يكون الشخص متفائلا وغير واقعي، ويتمثل الفرق الأساسي بين الفئتين في أن الأشخاص المتفائلين الواقعيين يعتقدون أن بإمكانهم تحقيق النجاح حتى لو تطلب الأمر الكثير من الجهد، ويدفعهم هذا الإيمان إلى تحقيق المزيد من النجاحات.

وترى هايدي غرانت أن "معرفتك بأن سبيلك لتحقيق النجاح لن يكون سهلا ستساعدك على تحقيق نجاح أكبر، لأن هذا الأمر سيفرض عليك اتخاذ الإجراءات المناسبة للوصول إلى ما تطمح إليه".

إن الأشخاص الذين يثقون بأنهم سينجحون -مع الأخذ بعين الاعتبار أن النجاح لن يتحقق بسهولة- يبذلون المزيد من الجهد، ويخططون لكيفية التعامل مع المشكلات التي قد تواجههم قبل حدوثها، ويستمرون في مواجهة الصعوبات لفترة أطول.

كيف تصبح شخصا متفائلا واقعيا؟
وذكرت الكاتبة ما تطرقت إليه مارا كاربل في تقريرها على موقع "هافينغتون بوست" أن "تحقيق هذا الأمر يبدأ بمزج التفكير الإيجابي مع التقييم الواقعي للتحديات التي قد تواجهها في سبيل الوصول إلى هدفك".

بناء على ذلك، يجب عليك أولا تحديد الهدف الذي ترغب في تحقيقه، وفي مرحلة ثانية فكر في التحديات التي قد تواجهها عند السعي لتحقيق ما تطمح إليه، لكن احرص على أن تكون تلك التحديات المحتملة واقعية أيضا، فقد تشعر بالتوتر عند تفكيرك ببعض العقبات، ويجب عليك في هذه الحالة أن تكون متفائلا حيالها عوض التغاضي عنها من خلال التفكير في خطوات عملية تساعدك على التغلب عليها. 

أما المرحلة الثالثة فتتلخص في بداية السير على الطريق الذي وضعته لنفسك لتحقيق مبتغاك، ويساعدك التفاؤل الواقعي على تقبل الأشياء التي تحدث وفقا لتصرفاتك وتلك التي تكون خارج سيطرتك.

فعلى سبيل المثال، أنت لا تستطيع التحكم في الحافلة التي تصل في وقت محدد، أو في حالة الطقس في اليوم الذي كنت تفكر فيه في التنزه، في حين يمكنك التفكير في خطة بديلة عند تفويت الحافلة أو ما يمكنك فعله عندما يحرمك الطقس من التنزه.

ويخلص التقرير إلى أنه في الوقت الذي يدفعك التفكير الإيجابي إلى التأمل في الأفكار السعيدة يجعلك التفاؤل الواقعي تفكر بأفكار مميزة، ويعتبر هذا الأمر أكثر أهمية وتحفيزا.