تعتذر وتبكي بالنيابة عنك.. شركات ترفع الحرج عن الخجولين

كانت وظيفتها تتبع روتينا واحدا، الاستيقاظ كل صباح والدخول على حساب رجل (أحد العملاء) منتحلة شخصيته بموافقته، ومغازلة كل فتاة على قائمته لمدة عشر دقائق، وفي مقابل كل رقم هاتف فتاة تحصل عليه، تتلقى أجرا 1.75 دولار.

تأسست شركة "فيدا" (ViDa) عام 2009، بناء على التجربة الشخصية لصاحبها سكوت فالديز، وكان يعمل رجل مبيعات، استغرق عشرات الساعات في البحث والمواعدة على الإنترنت.

واكتشف فالديز -كما أشار في حديثه على موقع "كوارتز" (Quartz)- أن "المواعدة عبر الإنترنت تحتاج إلى المجهود، والمجهود يساوي الوقت".

وبما أن الوقت لم يكن يسعفه قرر تدريب شخص ليرد على رسائله بديلا عنه وحين نجح الأمر، فكر في الآخرين الذين لا يجيدون التعامل مع الإنترنت أو لا يجدون وقتا لذلك.

ومن هنا جاءت فكرة التأسيس، حتى أن الشركة اليوم بها ثمانون موظفا، وتتباهى بإرضاء 2500 عميل، ولها موقعان، أحدهما مخصص للرجال، والآخر للنساء، يتبعون "كتيب إرشادات" وضعه فالديز بناء على معرفته الشخصية وتجاربه في التعامل مع النساء.

تقديم الاستقالة بديلا عن الموظفين الخجولين
يقدر اليابانيون قيمة العمل ويشعرون بالمسؤولية تجاهه وتجاه زملائهم، ويتعامل معظمهم بشكل واضح في قبول أو رفض شيء ما، ونادرا ما يشعرون بالحرج حيال ترك وظائفهم، ورغم تجاوزهم ذلك "الإدراك" يتردد الكثيرون في إخبار رؤسائهم فعليا، خوفا من الجدال ووصف موقفهم بأنه خطوة أنانية.

الأمر الذي جعل البعض يفكر في إنشاء شركات "تقديم الاستقالة" بديلا عن هؤلاء الموظفين، نتيجة مرورهم بتجارب شخصية مشابهة.

يقول توشيوكي آرانو أحد مؤسسي شركة "الخروج" في طوكيو -في حديثه على موقع "اليابان اليوم" (Japan Today)- إنك عندما تترك وظيفة يتطلب الأمر الكثير من الجهد.

ويضيف آرانو بدأنا هذه الشركة على أمل إنشاء مجتمع يكون من السهل فيه على الأشخاص ترك وظائفهم، خاصة أنني عملت في ثلاث شركات قبل إنشاء تلك الشركة، وعانيت عند تقديم استقالتي.

بمجرد أن يتعاقد العميل مع شركة "الخروج"، تتواصل الشركة مع مكان عمل "العميل" وتبلغ مسؤول الموارد البشرية به أن "الموظف" الذي يعمل لديها يستقيل من عمله، وتحصل "الخروج" على وثيقة رسمية من مكان عمل "العميل" تفيد أنه لم يعد يعمل لديها.

بدأت الشركة في تقديم خدمة "وكيل الاستقالة" في 2018، وتتعامل -الآن- مع طلبات من حوالي 300 عميل شهريا.

وتبلغ رسوم خدمات استقالة العاملين بدوام كامل في الشركات 50 ألف ين (450 دولارا أميركيا)، في حين تبلغ رسوم العاملين بدوام جزئي 40 ألف ين.

ونظرا لعدم وجود ضمان بأن يؤدي ترك وظيفة واحدة إلى الحصول على غيرها تلائم أحلام العملاء، يحصل العملاء المكررون الذين يحتاجون إلى خدمات تقديم الاستقالة من "الخروج" مرة أخرى، على خصم بقيمة 10 آلاف ين.

ويؤكد آرانو أنه ينبغي أن يكون الناس قادرين على ترك وظائفهم دون تردد، قائلا "أريد أن يكون ترك العمل أمرا إيجابيا".

السعر بناء على نوع الاعتذار
ليس من السهل على الكثيرين تقديم الاعتذار، حتى إن أرادوا ذلك، فقد يخجل البعض ويشعر بالحرج عند الاعتذار لشخص قد أخطأ في حقه -بالفعل- ومن أجل ذلك استغل بعض المستثمرين اليابانيين ذلك الضعف والحرج وأنشؤوا وكالات "للاعتذار بالنيابة عنك" مقابل مبلغ مالي.

واجهت تلك الشركات انتقادات، على أساس أنها تختصر تجربة إنسانية شديدة الأهمية، وتعفي الفرد من مواجهة أخطائه بشكل مباشر، لكن تلك الشركات بررت وظيفتها بأن بعض الناس -بالفعل- يشعرون بالندم حيال أخطاء ارتكبوها لكنهم لا يملكون جرأة الاعتذار، وهي ليست سوى وسيط لإصلاح الخطأ.

تقدم شركة "شازايا آياجا برو" خدماتها للاعتذار وجها لوجه مقابل 25 ألف ين (حوالي 224 دولارا)، في حين يكلف الاعتذار من خلال البريد الإلكتروني أو المكالمة التلفونية 10 آلاف ين (90 دولارا تقريبا).

وتقدم شركة "يوكوهاما بينريا ناتشان" الاعتذار مع البكاء، باعتباره أكثر فاعلية مع الأشخاص الغاضبين.

شبكات التواصل الاجتماعي متهمة -دائما- بقدرتها على تسطيح العلاقات الإنسانية، لكن ما نشاهده اليوم من شركات تستثمر ضعف وحرج الأشخاص لتدر أرباحا طائلة يعتبر تحديا جديدا أمام التواصل الإنساني الحقيقي، خاصة في علاقات مثل الحب والتخلي والاعتذار التي تستمد أهميتها -في الأساس- من صعوبتها.