في تونس.. حبيب للإيجار احتفاء بعيد الحب

A Tunisian soldier stand in front Tunisians wearing traditional costumes, at Bourguiba Avenue in the capital of Tunis during the National Day of Crafts and Traditional Dress in Tunis, Tunisia March 12, 2017. REUTERS/Zoubeir Souissi
تونسيون خلال احتفال في العاصمة التونسية (رويترز-أرشيف)

بدر الدين الوهيبي-تونس

تصاعد الجدل في تونس مؤخرا إزاء الاحتفال بعيد الحب أو ما يعرف محليا بـ"السان فالونتان" بعد إعلان مطعم تونسي يعرض إيجار حبيب أو حبيبة ليلة الاحتفال بعيد الحب.

وكان إعلان مطعم "الكافي شانتا" بمثابة مادّة إعلامية دسمة أشعلت نقاشا من نوع آخر على منصات التواصل وحتى وسائل الإعلام بشأن المعايير الأخلاقية والتسويقية التي اعتمد عليها القائمون على المطعم، وبشأن جدية العرض المقدم.

وتناقلت منصات التواصل الإعلان الذي سرعان ما سرى كالنار في الهشيم نظرا للعنوان الجذاب والغريب والذي تم تداوله بين التونسيين بطرق مازحة وأخرى مستهجنة للفكرة.

واعتبر البعض الأمر ضربا من الاستعباد للبشر وتشريعا صريحا لشراء الإنسان أو استئجاره، في حين سخر آخرون من هذه المبادرة وصنفوها في خانة جذب الأنظار لا غير.

شوكولاتة وحبيب
وتضمن نص الإعلان توفير طاولة في المطعم مع علبة شوكولاتة وخاتم خطوبة وشخص يمثّل دور الحبيب أو الحبيبة يجالس الزبون، يتوجه خاصة إلى البالغين العزّاب الذين لا تربطهم علاقات عاطفية مع شخص آخر.

وترتكز الفكرة في الأساس على مبدأ مفاجأة الأصدقاء والمقربين على منصات التواصل بصور شخصية للزبون محتفلا بعيد الحب رفقة شاب وسيم أو شابة جميلة يبهر المشاهد للصور، مما يدفعه للإعجاب والتفاعل ليعيش الزبون اللحظة وأجواء الاحتفال بعيد الحب.

يقول المشرف على الحجوزات في المطعم -فضل عدم الكشف عن اسمه- إن الهدف إشهاري بالأساس ويرتكز على عامل الطرافة والغرابة، والفكرة مستوحاة من تجربة فرنسية وأخرى إيطالية مماثلة لاقت نجاحا من الناحية الاتصالية.

وأضاف أنه من خلال متابعته للتجاذبات التي أحدثها العرض، لاحظ أيضا تعدد ردود الفعل، وأنه في كل مرة يتدخل للتوضيح ولدرء سوء الفهم أحيانا، معتبرا أنه يتفهم الضجة التي أثارها الإعلان.

ما وراء العنوان
ويتابع أنّه رغم الجاذبية التي اتّسم بها عنوان العرض، فإن النص التفصيلي كان صريحا بخصوص حيثيات العرض الذي يتيح للزبون فقط التقاط صور تذكارية رفقة مرافق يجالس الشخص، وأن العلاقة تنتهي بانتهاء السهرة.

من جهة أخرى، صرح صاحب المطعم لإذاعة محلية بأنهم لا يروّجون لتجارة الحب، لكن في صورة حصول تفاهم بين الطرفين فإنهم لا يملكون "إلاّ إغماض العينين وغض الطرف".

وعن كيفية اختيار الحبيب (ة) فضّل المتحدث عدم الخوض في التفاصيل، قائلا إنّه يجهلها. وبخصوص كلفة استئجار الشخص، أجاب بأن العملية مجانية غير ملزمة للدفع، والهدف منها تسلية الحرفاء وإضفاء أجواء احتفالية استثنائية للسهرة.

خيط رفيع
وفي السياق، يقول المختص في الإعلام والاتصال بالجامعة التونسية الدكتور وليد الحيوني إن القانون يمنع الإشهار الكاذب على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة المرخص لها والذي يخل فيه المعلن بكل أو بأحد التفاصيل المعلنة.

كما يمثل نص الإعلان عقدا ملزما أمام القانون للمستشهر إزاء المستهلك أو الزبون، لكن في الوضعية الحالية فإن نص المقال الإشهاري صريح لا لبس فيه رغم اعتماده أسلوب الرجة والطرافة.

ويضيف أن هناك خيطا رفيعا في القوانين المنظمة للدعاية على مواقع الويب ومنصات التواصل يتسلل منه أصحاب الإعلانات بطريقة سلسة لا تمس روح القانون ويبقى الرادع الأخلاقي هو الأساس بالعودة إلى الثقافة والتقاليد.

آراء مختلفة
ورصدت الجزيرة نت آراء بعض التونسيين حول الموضوع، وتبين أن وجهات النظر ترفض في أغلبها الاحتفال بعيد الحب بمختلف أشكاله.

يقول الشاب حسن العوني، وهو مهندس إعلامية، إنها "ممارسات دخيلة يطغى عليها الجانب التسويقي دون الأخذ بعين الاعتبار الثوابت الأخلاقية والمجتمعية".

في المقابل ترى زينب، وهي عاملة بمقهى، أن الحب قيمة إنسانية يجب إحياؤها بين كل أفراد المجتمع وأن لا نحبسها في يوم واحد بين العشّاق فقط، لكن فكرة استئجار مرافق لا تجد صدى في نفسها لأن المناسبة تفقد معناها وحميميّتها لتتحوّل إلى عملية بيع وشراء.

أما حمزة الوسلاتي، وهو طالب، فيرى أن "المسألة على بساطتها أعمق من ذلك لتكون إلهاء للشعب وإخراجا له من تحديات السياق الراهن للبلاد وهي تلاعب بالأولويات في ذهن المواطن".

بقية الآراء اتّسمت بالسخرية والتبنّي غير المعلن للفكرة مع التساؤل عن جدّية الموضوع والتطوّرات التي يمكن أن يبلغها الطرفان أثناء وبعد السهرة بما أن العملية ليست سوى استئجار.

المصدر : الجزيرة