تخلص من الشعور بالذنب القاتل دون أن تفقد ضميرك الحي

ميدان - الاكتئاب
الشعور بالذنب هو جزء رئيسي من التكوين النفسي منذ الطفولة (مواقع التواصل)

شيماء عبد الله

إحساس بوخز في القلب، وتوعك بالمعدة، وارتعاش اليدين، وتعرق شديد، كل هذه أعراض ظاهرة لحالة نفسية، لا يوجد أحد لم يمر بها، جراء الشعور بالذنب عن فعل صغر أم كبر.

 وحش كاسر يبدأ في التضخم بداخلنا، ويكبر بتراكم الأحداث، لو استسلمنا له لقتلنا، ولو لم نستسلم لتركنا أنفسنا للخطأ، وتتحول الحياة إلى شر مطلق، في كتابه "الخروج عن النص"، تناول محمد طه، أستاذ الطب النفسي بجامعة المنيا، الشعور بالذنب، واصفا إياه بأقوى سلاح عرفته البشرية.

النفس اللوامة
الشعور بالذنب هو جزء رئيسي من التكوين النفسي منذ عمر 3 أو 5 سنوات، وأحد أهم مصادره هو طريقة التربية التي يتبعها الأم والأب، بالإضافة لمعتقدات وموروثات المجتمع الذي ننشأ فيه، وبقدر ما يتحصل عليه الطفل من حب وحنان ورعاية وتفهم وتقبل، بقدر ما يستطيع أن يروض هذا الوحش عندما ينتابه.

أما إذا كان ما قد وصل للطفل من والديه هو القسوة والعنف والقهر، فهذه ستكون بيئة خصبة للغاية لظهور هذا الوحش المسلح، ومع كل حركة أو فعل وكل عاطفة، ستكون دوما عرضة لأن يحركك هذا الشعور، و يحصر خطاك بين العيب والخطأ والحرام، وستكون دوما تحت نصل لوم نفسك ليلا و نهارا.

أسباب وراثية
بالإضافة للتربية، هناك عوامل أخرى تزيد من الشعور بالذنب، منها الاستعداد الوراثي والتعبير الجيني، كما أن الشعور بالذنب واللوم المستمر يأتي مصاحبا لأمراض نفسية أخرى، مثل الاكتئاب والوسواس القهري والفصام، فدائما أنت مقصر ومذنب، وهو ما يحسن البعض استغلاله ضدك جيدا.

يتحدث أستاذ الطب النفسي عن حالة الاستغلال للشخص اللائم لنفسه، داخل أسرته يصبح شعوره بالذنب مدعاة لمزيد من الأدب والطاعة، وهو ما يجعل منه أكثر عرضة للأفكار المتطرفة، كونه يعتبر نفسه الإنسان الأعلى المتطهر دوما.

‪يرتبط الشعور بالذنب المرضي بأسباب وراثية أحيانا‬ (مواقع التواصل)
‪يرتبط الشعور بالذنب المرضي بأسباب وراثية أحيانا‬ (مواقع التواصل)

اخرج من شرنقة اللوم
دون أن تفقد ضميرك الحي، هناك بعض الأشياء التي يجب أن تعرفها كي تتخلص من شعورك بالذنب، وأولها كما يوضح طه، أن لوم النفس نوعان، نوع صحي ومفيد ومطلوب، ونوع آخر مرضي ومؤذ ومدمر، يتلخص الشعور الصحي في أنه يأتي بعد الإتيان بالخطأ، فتكتشف أنك أخطأت فتراجع نفسك، وتتعلم من الخطأ، ولا تكرره، ثم تعتذر أو تتوب. 

أما النوع المرضي من الشعور بالذنب، فهو تعليق المشنقة في حال الخطأ، أن تنصب لذاتك محكمة قاسية، يصبح فيها الصواب خطأ والخطأ كارثة، والكارثة فاجعة ستنهي العالم، فتصبح أسيرا يوميا لحالة الغضب، وتصبح نفسك أسيرة لجلدك وتعذيبك إياها كل ساعة.

مفاتيح قبولك لنفسك
يلخص صاحب كتاب الخروج عن النص خطوات تخفيف الأذى النفسي لأصحاب النفوس اللوامة في خطوات:

1- التسامح، إذا أخطأت سامح نفسك، وتعلم من الخطأ ثم ابدأ من جديد، وذكر نفسك دوما كيف سنتعلم إذا لم نخطئ.

2- اقبل ضعفك، فنحن بشر والضعف جزء من بشريتنا، تقبل الفشل، فما جدوى النجاح دون أن تمر على مرارة الفشل.

3- لا تسلم مفتاح قبولك لذاتك لأي شخص وتحت أي دعوى، لا تنتظر القبول والرضا إلا من ذاتك.

4- لا تسمح لأحد أن يأخذ منك حق الخطأ ويمنحك بديلا عنه شعورا بالذنب.

5- تذكر أن الشعور بالذنب يكون في أوقات كثيرة عكس الشعور بالمسؤولية، فأنت لن تفعل ليس خوفا من الخطأ لكن خوفا من تحمل المسؤولية.

6- لا تحمل نفسك فوق طاقتها، ولا تحمل حمولة أحد، كل ميسر لما خلق له، فلا تدعي البطولة.

7- لا أحد يمنح صكوك الغفران سوى الله، تذكر دائما، لا أحد يستحق اعترافك له، اعترف لنفسك فقط ولله.

المصدر : الجزيرة