حملة لاقتلاعها في قطر.. شجرة المسكيت تستحوذ على المياه وتضر البيئة

تجميع الأشجار المقطوعة يسهل نقلها
"المسكيت" شجرة شوكية دائمة الخضرة تنمو تحت ظروف بيئية مختلفة (الجزيرة نت)

عماد مراد-الدوحة

من المعتاد أن ترى ناشطين في مجال البيئة يزرعون أشجارا، لكن من غير المعتاد أن تشاهدهم يقتلعون نوعا معينا من الأشجار رغم انتشاره الكبير وحفاظه على اللون الأخضر طوال السنة.

ولكن عندما تعلم أن هذه الشجرة المسماة شجرة "المسكيت"، ترفض التعايش مع غيرها من الأشجار، وتدمر البيئة الطبيعية للبر باستحواذها على كامل المياه الجوفية تاركة غيرها من الأشجار يصارع على الحياة، عندها ستجد المبرر لتلك الخطوة التي يقوم بها هؤلاء الناشطون.

فشجرة "المسكيت" استحوذت على كافة المضار فلم تترك أحدا بجوارها إلا تأذى، فإذا نمت في مكان ما تجعله غير آمن لغيرها من الأشجار التي سرعان ما تتأثر حتى تموت عطشا. ليس هذا فحسب، بل إنها تعرّض حيوانات المرعى لسقوط الأسنان والهزال أحيانا والنفوق أحيانا أخرى، ولا تترك الإنسان وشأنه وإنما تصيب من يقترب منها بأشواكها القوية الممتدة في كافة أفرعها المتناثرة.

"المسكيت" تقتل الأشجار المجاورة (الجزيرة نت)

شجرة شوكية
و"المسكيت" شجرة شوكية دائمة الخضرة، تنمو تحت ظروف بيئية مختلفة، وهي متوسطة الارتفاع ما بين 5 و6 أمتار، ولها ورقة مركبة لونها أخضر داكن، وتمتلك قدرة هائلة على نشر جذورها تحت الأرض إلى مسافة 500م سطحيا، مما يؤدي إلى تدني كفاءة قنوات الري وإعاقة تطهيرها والتغول على الأراضي الزراعية والقضاء على الأصناف المحلية من الأشجار والنباتات المختلفة، فضلا عن تدهور المراعي الطبيعية.

رابطة "الشبهانة" البيئية في قطر نظمت حملة بمنطقة روضة الهشم شمالي البلاد للقضاء على شجرة "المسكيت" التي انتشرت انتشارا كبيرا في تلك المنطقة بشكل يهدد الأشجار الأصلية، خاصة شجرة السدر ذات المكانة الكبيرة في قطر ومنطقة الخليج برمتها.

لم يكن نمو "المسكيت" في مناطق واسعة بقطر وسلطنة عمان وعدد كبير من البلدان العربية -رغم أن موطنها الأصلي هو الأرجنتين- وليد الصدفة، بل إن الاستعمار البريطاني هو المسؤول عن ذلك لنقله هذه الشجرة إلى المنطقة للاستفادة من أخشابها في صناعة السفن، نظرا لأن أخشابها صلبة للغاية وامتصاصها للماء ضعيف، لذلك تمت زراعتها أول الأمر في دول حوض النيل إبان الاستعمار، ومن ثم انتقلت إلى منطقة الشرق الأوسط برمتها.

رئيس رابطة "الشبهانة" البيئية عبد الله الخاطر في حديثه مع الجزيرة نت وصف "المسكيت" بالشجرة الشيطانية التي تكافحها دول العالم كافة، موضحا أنها شجرة دخيلة على البيئة القطرية واستطاعت خلال فترة قليلة غزو مناطق كبيرة من الروض في البلاد، لتهدد كافة النباتات والأشجار الأخرى صاحبة الموطن الأصلي في تلك المنطقة.

‪شجرة السدر في بيئتها الأصلية‬ (الجزيرة نت)
‪شجرة السدر في بيئتها الأصلية‬ (الجزيرة نت)

الروض في قطر
الروض في قطر مناطق واسعة تتجمع فيها مياه الأمطار، مما يساعد على نمو العديد من الأشجار، وعلى رأسها شجرة السدر البري، وكانت في الماضي منتزهًا للعائلات القطرية، إلا أن التطور الكبير الذي شهدته البلاد في الفترة الماضية قلل الاهتمام بتلك الروض، مما دفع العديد من المؤسسات والروابط الأهلية إلى عمل حملات لزراعتها وتنظيفها.

ويوضح الخاطر أن عملية اقتلاع "المسكيت" ليست سهلة، بل تتم على عدة مراحل، أولاها قص الشجرة من الأرض ثم حقن الجذع بمادة تمنع نموه مرة أخرى، وبعد فترة تصل إلى ستة أشهر يتم تنظيم حملة أخرى لاقتلاع الأشجار التي نمت مجددا من هذه الجذور، مشيرا إلى أن الحملة الراهنة التي تمتد لمدة شهر تهتم بقطع الأشجار الكبيرة وتنظيف الروضة من البذور، ثم زرع أشجار بديلة لنباتات من البيئة القطرية.

ويضيف أن هناك دراسات موثقة تثبت تأثير شجرة "المسكيت" السلبي على الأراضي الزراعية والمياه الجوفية في البلدان التي انتشرت فيها، داعيا إلى تضافر الجهود ورفع مستوى الوعي لدى المجتمع بأهمية مكافحة هذه الشجرة وضرورة اقتلاعها من المنازل والطرق والمزارع الخاصة لأنها الرافد الرئيسي لها.

ويروي الخاطر أن مدرسا بريطانيا كان يعمل في جامعة البحرين هو أول من زرعها في دولة قطر، حيث كان في زيارة إلى البلاد وزرعها، وبعد ذلك تم التشجير النظامي لها، وشجع على ذلك كونها شجرة دائمة الخضرة وتتحمل درجات الحرارة والجفاف وكافة الظروف المناخية الأخرى، فضلا عن أنه لم يكن معلوما حينها المضار التي ستسببها هذه الشجرة للبيئة في البلاد.

المصدر : الجزيرة