راتب الزوجة العاملة.. خلافات تبحث عن حلول

الراتب الشهري للزوجة العاملة - المصدر - بيكساباي
حالات كثيرة انتهت بالطلاق بسبب راتب الزوجة وكيفية إنفاقه (بيكساباي)

لاريسا صليعي-بيروت

في ظل تطور الحياة، وشغل المرأة مواقع حساسة ومهمة في العمل؛ تحصل كثير من الموظفات المتزوجات على راتب قد يزيد أحيانا على راتب الأزواج، ومع صعوبة الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة تصبح الزوجة المساهم الأكبر في مصاريف المنزل والأولاد.

وتسبب هذا الوضع في خلق مشاكل بين الأزواج الذين يتنازعون الراتب وطرق صرفه، الأمر الذي يشكّل عائقا آخراً تدفع ثمنه النساء على حساب سعادة الأسرة.

قضية حساسة
تستحق قضية راتب المرأة الوقوف عندها لأنها قضية حساسة ومؤثرة تهدّد استقرار واستمرار العديد من الزيجات.

استطلعت الجزيرة نت العديد من الآراء، التي تفاوتت بين مؤيد لمشاركة المرأة في نفقات الأسرة، مع احتفاظ الرجل بمهمة الإنفاق الأساسي، وأن تكون هذه المشاركة نوعا من الانتماء والمشاركة في أعباء الحياة القاسية، التي يجب ألا تضعف موقف الرجل أو تهز صورته، وفي الوقت نفسه لا تعطي للمرأة حق السيطرة على المنزل بمجرد إنفاقها، وبين من أعطى المرأة الحق الكامل في مرتبها، ويرى أن مسؤولية الإنفاق أولا وأخيرا من واجبات الرجل.

‪رانيا عباس (موظفة) مع زوجها أحمد الذي يرفض مشاركة الزوجة في مصاريف البيت‬ (الجزيرة)
‪رانيا عباس (موظفة) مع زوجها أحمد الذي يرفض مشاركة الزوجة في مصاريف البيت‬ (الجزيرة)

مسؤولية الرجل
رانيا عباس موظفة، وسعيدة في زواجها، ولا تشعر بمعاناة تقاضي الراتب الشهري، فزوجها أحمد لا يرفض فكرة مشاركة الزوجة في مصاريف البيت فحسب، بل يؤكد أنه يفضل أن تكون الزوجة ربة بيت، حتى لا تُثار قضية راتب الزوجة من أساسها، لذلك يفضل أن تكتفي زوجته بتحمل مسؤوليات البيت والأولاد فقط، وفي حالة خروجها للعمل لا يرضى أن تنفق على بيتها وعائلتها، معتبراً أنها مسؤولية الرجل.

‪بشرى شكير: مع مرور الوقت لم أشعر بأن زوجي يريد الوقوف لجانبي وصار اتكاليا ورفع عن كاهله الكثير من الأعباء‬ (الجزيرة)
‪بشرى شكير: مع مرور الوقت لم أشعر بأن زوجي يريد الوقوف لجانبي وصار اتكاليا ورفع عن كاهله الكثير من الأعباء‬ (الجزيرة)

زوجي صار اتكاليا
بشرى شكير (تعمل في تزيين الشعر) وصلت الأمور بينها وبين زوجها إلى حد كبير من الخلاف والشقاق؛ بسبب مسألة الإنفاق، إذ تقع على عاتقها كل المسؤوليات، وهي لم تعترض نظرا للظروف الصعبة التي يمر بها كل الأفراد.

تقول بشرى -وبحسرة- للجزيرة نت "كان يجب وضع النقاط على الحروف منذ البداية، لكنني أردت مساعدة زوجي الذي يعمل مدرسا، ومعاشه لا يكفي لتأمين حياتنا وحياة أولادنا الأربعة، لذلك وقعت المسؤولية على عاتقي، فأنا أتحمل كل هذا العبء".

واضطرت بشرى لتأمين خادمة في المنزل أيضا، لأنها لا تملك الوقت الكافي للعمل المنزلي، فعملها مزينة شعر يؤمن لها الدخل المناسب، لكنه يسبب الإرهاق والتعب.

‪بشرى: أردت مساعدة زوجي لأن معاشه لا يكفي لتأمين حياتنا وحياة أولادنا الأربعة‬ (الجزيرة)
‪بشرى: أردت مساعدة زوجي لأن معاشه لا يكفي لتأمين حياتنا وحياة أولادنا الأربعة‬ (الجزيرة)

وأضافت بشرى أنه "مع مرور الوقت لم أشعر بأن زوجي يريد الوقوف لجانبي، إنما صار اتكاليا ورفع عن كاهله الكثير من الأعباء، لدرجة أنني شعرت بالضيق، وازدادت مشاكلنا؛ فالزوج في الإسلام هو المسؤول عن الإنفاق على الأسرة، حتى ولو كانت الزوجة غنية وتملك الملايين، لكن زوجي تجاهل هذا الأمر مما زاد الأمر تعقيدا، ولم أعد أرغب في التعاون والمشاركة في متطلبات المنزل وغيره".

ورغم أن زوجها لا يستغل هذا الأمر، لكنه يتجاهل مساعدتها في تربية الأطفال، ولا يسهم في تخفيف الضغوط عليها. وتقول "باختصار الزوجة العاملة التي تصرف من راتبها على نفقات المنزل معتبرة أن التعاون ضروري، في ظل الظروف الصعبة، يجب أن تكون مدللة من قبل زوجها".

‪منى درويش: الخلافات الزوجية تبدأ في أكثر الأحيان بسبب اعتماد الرجل على المرأة في مصروفات البيت‬ (الجزيرة)
‪منى درويش: الخلافات الزوجية تبدأ في أكثر الأحيان بسبب اعتماد الرجل على المرأة في مصروفات البيت‬ (الجزيرة)

خطوات لحل المشكلة
وترى الاختصاصية الاجتماعية منى درويش أن الخلافات الزوجية تبدأ في أكثر الأحيان بسبب الراتب، واعتماد الرجل على المرأة في مصروفات البيت، ومطالبتها بإنفاق راتبها على مستلزمات المنزل وإعالة الأولاد.

وقدمت درويش الحل لهذه المشكلة في ثلاث خطوات:

1- ضرورة اتفاق الزوجين على طريقة الإنفاق، وأن يفهم الرجل أن للمرأة ذمة مالية مستقلة.

2- يجب أن يكون الاتفاق واضحا ومكتوبا في شروط عقد الزواج.

3- على المرأة أن تساعد زوجها في تحمل بعض الأعباء المادية، ويجب أن يكون ذلك نابعا من إرادتها، وألا تشعر زوجها بأنها تتفضل عليه، بل عليها أن تشعره بأنها تسانده في حياتهما معا.

‪التوازن والوعي مطلوبان وظروف الحياة المعيشية الصعبة تدعو لتشارك الزوجين لتأمين مستقبل جيد ولائق للأسرة‬ (بيكساباي)
‪التوازن والوعي مطلوبان وظروف الحياة المعيشية الصعبة تدعو لتشارك الزوجين لتأمين مستقبل جيد ولائق للأسرة‬ (بيكساباي)

الإنفاق ضمن الإمكانيات
ومن الناحية الشرعية، يقول الشيخ حسن الشلّ "إنه يجب على الزوج الإنفاق على زوجته وأسرته، وتأمين المسكن والطعام واللباس حتى لو كانت الزوجة غنية".

وأشار إلى أن الزواج من أهم الروابط التي اعتنى بها الإسلام، والذي بين الحقوق والواجبات للزوجين من حيث المبدأ، وانسجاما مع ما جاء في أحكام الشريعة، يقع على الزوج واجب النفقة على زوجته بالمعروف، وذلك في المسكن والمأكل والمشرب والملبس ضمن الإمكانيات المتوفرة لديه.

راتب الزوجة من حقها
وينوه الشيخ الشل إلى أن الإسلام أعطى للمرأة حق التصرف في مالها، والزوج هو المكلّف بالإنفاق عليها، وما تجنيه الزوجة من راتب شهري هو من حقها، مؤكدا أن "لها حرية التصرف فيه كيف شاءت، ضمن إطار ما حلله الله، وليس من حق الزوج أن يتسلط على مالها أو يأخذ منها جناها عنوة".

المصدر : الجزيرة