الطلاق في الكويت.. قصص غريبة وارتفاع مقلق

مبنى قصر العدل
معدل الطلاق يبلغ 20.3 حالة يومية مقابل 38.1 حالة زواج عام 2017 (الجزيرة نت)

محمود الكفراوي-الكويت

في الأيام الأولى للزواج، واجهت الطبيبة الشابة مشكلة في تشغيل غسالة الملابس الحديثة، وعند ذلك بدأت في البحث عن "كتيب الإرشادات" (الكتالوغ) الخاص بها بغية فهم طريقة عملها بشكل أفضل.

أحضرت الطبيبة الكويتية الكتيب وبدأت في القراءة بصوت مسموع أمام الزوج وهو أحد أبناء عمومتها، إلا أن الأمر لم يرق له، بحسب رواية منى حسين صديقة مقربة للزوجة.

وفقا لحديث الصديقة للجزيرة نت، فإن الزوج الذي لم يتجاوز تعليمه المرحلة المتوسطة، اعتبر الأمر من قبيل التعالي عليه، مما أدى لاندلاع مشاجرة انتهت باللجوء إلى المحكمة والطلاق.

وتشير حالة الطلاق تلك إلى مشكلة أزلية تعاني منها بعض الفتيات الكويتيات، إذ لا تزال بعض القبائل ترفض تزويج البنات من خارج القبيلة مهما كانت الأسباب، مقابل التساهل في تزويجهن من أبناء عمومتهن بغض النظر عن الفارق في المستوى التعليمي.

ولا تمثل حالة الطلاق تلك أكثر حالات الطلاق غرابة، فبحسب رواية اطلعت عليها الجزيرة نت، فإن خلافا وقع بين شقيقين أثناء لعب الورق (أو الكوتشينة أو الجنجفة) كان سببا في إرغام أحدهما نجله على تطليق زوجته، وهي ابنة شقيقه الذي تشاجر معه.

أخطاء الزوجات
وتروي مريم إبراهيم معاناتها مع زوجها السابق، وكيف تغير بعد نحو خمس سنوات من الزواج السعيد، مشيرة إلى أن الأمر بدأ بسفره إلى إحدى الدول الآسيوية رفقة صديق له ليعود بعدها الزوج شخصا آخر يدمن الخروج بمفرده والسهر في أماكن مشبوهة، إلى أن انتهت القصة ذات يوم حين عادت إلى منزلها في وقت مبكر عن موعد عودتها من عملها، لتجده رفقة سيدة أخرى في غرفة نومها.

ولا تتوقف حالات الطلاق على أخطاء الزوج، إذ تروي مريم كذلك حالة طلاق وقعت بين صديقتها وزوجها -اللذين تزوجا عن قصة حب شهد بها الجميع- نتيجة اشتعال الخلافات بينهما على خلفية انشغال الزوجة بالخروج كثيرا وحضور المناسبات الاجتماعية المختلفة ومواعيد الصالون النسائي على حساب بيتها.

وتؤرق الإحصائيات الأخيرة المختصين من باحثي علم النفس والاجتماع، إذ تعكس نموا ملحوظا في حالات الطلاق في المجتمع الكويتي لا سيما خلال السنوات الأولى من الزواج.

فقد أظهرت دراسة حديثة صادرة عن إدارة الإحصاء في وزارة العدل الكويتية، أن إجمالي عدد حالات الطلاق خلال المدة من 2007 وحتى 2017 بلغ 71445 حالة.

وبحسب دراسة وزارة العدل، شهد عام 2014 نحو 6904 حالات طلاق مقابل 13441 حالة زواج، بينما شهد عام 2015 نحو 7327 حالة طلاق مقابل 15412 حالة زواج.

كما أوضحت الدراسة أن حالات الطلاق بلغت 7223 مقابل 14693 زيجة في 2016، كما شهد العام 2017 نحو 7433 حالة طلاق مقابل 13932 حالة زواج.

وبحاسب بسيط، فإن معدل الطلاق يبلغ 20.3 حالة طلاق يوميا في العام 2017 -على سبيل المثال- في وقت بلغت فيه حالات الزواج 38.1 حالة يوميا.

وكانت صحيفة القبس المحلية أشارت إلى أن الثلاثة أشهر الأولى من العام 2018 شهدت 2995 حالة زواج مقابل 1985 حالة طلاق، بواقع 33 حالة زواج و22 حالة طلاق يوميا.

دراسة رسمية ترى أن قانون الأحوال الشخصية الكويتي يشجع المرأة في بعض الحالات على طلب الطلاق(الجزيرة نت)
دراسة رسمية ترى أن قانون الأحوال الشخصية الكويتي يشجع المرأة في بعض الحالات على طلب الطلاق(الجزيرة نت)
أسباب الطلاق
وتتقاطع القصص السابقة مع نتائج دراسة لوزارة العدل نشرتها عدد من الصحف المحلية مؤخرا، والتي حددت 37 سببا للطلاق، من بينها سوء المعاملة، وتحكم الأزواج، وعدم التوافق في العلاقة الخاصة، واختلاف المستوى التعليمي، وتدخل الأهل، إضافة إلى العناد والبخل أحيانا.

اللافت أن الدراسة أشارت كذلك إلى دور قانون الأحوال الشخصية الكويتي في تشجيع المرأة في بعض الحالات على طلب الطلاق نتيجة ما يضمنه من مزايا لها عقب الانفصال.

ويكفل قانون المساعدات الاجتماعية راتبا شهريا للمطلقة مقداره أربعمئة دينار (نحو 1300 دولار)، كما أن من حقها الحصول على قرض إسكاني مقداره 70 ألف دينار (230 ألف دولار)، ويلزم القانون الزوج، بالإضافة إلى نفقة الأبناء وإيجار المنزل، بتوفير سائق وخادمة وثمن سيارة للمطلقة إذا كان الطليق ميسور الحال.

ويرى أستاذ علم الاجتماع العائلي بجامعة الكويت فهد الناصر أن غياب مدة الخطبة في المجتمع الكويتي، واعتماد الثقافة الكويتية على عقد القران مباشرة، ساهما في زيادة معدلات الطلاق، إذ لا حل لاكتشاف عدم التوافق بعد الارتباط إلا الطلاق غالبا.

ويؤكد الناصر للجزيرة نت أن سهولة قوانين الأحوال الشخصية تساهم كذلك في هذا الأمر، إذ لا يحتاج الرجل لأكثر من صورة بطاقته المدنية وتعبئة نموذج بيانات ودفع مبلغ مقداره ثلاثة دنانير (نحو عشر دولارات) لهدم الأسرة بقرار يشوبه التسرع في غالب الأمر.

ويضيف أن التغيرات التي شهدها المجتمع ساهمت كذلك في اختفاء الأسرة الممتدة التي يعيش فيها المتزوجون حديثا في كنف الآباء، حيث يمثل وجودهم فرصة مهمة للتدخل وقت الأزمات مقارنة بالواقع الحالي الذي يعزز استقلال حديثي الزواج ليشكلا معا ما يسمى بالأسرة النواة، وهي أسرة لا يعلم أحد بالخلافات داخلها غالبا إلا في حالة تفاقم الأمر ووصل لمرحلة الطلاق، معتبرا أنه كلما كان الزوجان متجانسين، استقرت حياتهما الزوجية أكثر.

المصدر : الجزيرة