كيف نحمي أطفالنا من أن يصبحوا مستبدين؟

epa06930798 Children cool off in the fountains by the River Thames in London, Britain, 06 August 2018. Media reports on 06 August 2018 state that Europe is currently in the middle of a heatwave with European temperature records possibly broken in the coming days. EPA-EFE/FACUNDO ARRIZABALAGA
معالجون نفسيون يرون أن من الممكن إعادة رسم الحدود للأطفال المستبدين بقرار يحدد مناطق اللعب (الأوروبية-أرشيف)

ما الذي يمكن أن يفعله الوالدان تجاه طفل مستبد يسيطر على المنزل؟ من هذا السؤال انطلقت صحيفة لوفيغارو الفرنسية لتقدم العديد من الحلول لاستعادة النظام دون فقدان العطف.

واستعرضت الصحيفة في البداية فيلم المخرجة آن بارث "شجرة الطفولة" الذي صورت فيه جولييت وثيو وتشارلز مع عائلاتهم منذ أن كانوا في سن العاشرة حتى أصدرت فيلمها عام 2000 ليصبح وثيقة حساسة لتتبع تطور كل من هؤلاء الأطفال.

واعتبرت الصحيفة أن هذا الفيلم كان نجاحا بث في المئات من "اللقاءات السينمائية" والمدارس أو الجمعيات التعليمية في المنطقة، وقد أثر في جمهور متنام ممن يشعرون بالقلق تجاه الأسرة.

وتقول المخرجة إن "آباء مشوشين كثرا يأتون إلي بعد كل عرض، كثير منهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع أبنائهم بسبب الخلط الكبير بين السماح للأطفال بفعل كل شيء ومعاقبتهم بعنف".

ومع أن الفيلم لا يقدم أي نصيحة فإنه يطرح المشاكل بجلاء ويعطي بعض الأجوبة، فاليوم يجب على أي والد كي يظل في الوقت ذاته "حازما وعطوفا" أن يفكر في طفولته وينظر إلى أي مدى تؤثر على طريقة تعامله مع الجيل الجديد.

العصا السحرية -التي تعطي لحاملها السيطرة على ملاعبه قبل أن يستعاد منه الدور- بمكن أن يستخدمها الآباء بذكاء ليعززوا بشكل غير مباشر أهمية الحدود لأطفالهم المتمردين

انقلاب التسلسل الهرمي للعائلة
يمكن أن يكون الوعي الذي أطلقته آن بارث -حسب الصحيفة- خطوة أولى بالنسبة لأولئك الذين يشعرون بالإرهاق من الأطفال الذين لا يزالون في حالة صراع ومقاومة وكأنهم يريدون إخضاع الكبار وانتزاع السلطة في المنزل.

وفي دليل "مرافقة آباء الأطفال المستبدين" يقول المؤلفان ناتالي فرانك وحاييم عمر إن "الطفل المستبد هو الذي يسيطر على المنزل، وذلك في انعكاس للتسلسل الهرمي للعائلة"، وينصحان الآباء بالبحث في تاريخهم عما يفسر ميلهم للتخلي عن دورهم التربوي.

وتقترح المعالجة والمعلمة ساندرين بيتاركي إستراتيجية أخرى يمكن أيضا النظر فيها قائلة إن "استعادة القواعد ومعرفة السبب في كونها توصف بالمنطقية يمكن أن تساعدا الوالدين"، وتضيف أن الترحيب بالطفل يشعره بالاعتراف بإنسانيته، كما تنصح بتنفيس الغضب.

وتقول إن "من الممكن إعادة رسم الحدود لهؤلاء الأطفال المستبدين بقرار يحدد مناطق اللعب" كأن تقول له "هنا في غرفتك الخاصة سآتي للعب معك، ولكن المطبخ ليس مكانا لذلك".

وتقول الصحيفة إن لعبة مثل "العصا السحرية -التي تعطي لحاملها السيطرة على ملاعبه قبل أن يستعاد منه الدور- يمكن أن يستخدمها الآباء بذكاء ليعززوا بشكل غير مباشر أهمية الحدود لأطفالهم المتمردين".

ومع ذلك لا يزال من الضروري أن يأخذ الوالدان هذا الوقت للعب، إلا أن العديد من الآباء عندما يرون الطبيب النفسي يستاؤون ويشعرون بأن طفلهم لديه مشكلة نفسية.

نقص في السلطة
وناقشت لوفيغارو الطبيب النفسي للأطفال مارسيل روفو الذي فسر الافتقار إلى السلطة بأن الآباء اليوم يريدون إرضاء أطفالهم بدلا من تثقيفهم، مؤكدا أن الآباء الجدد يرغبون في قضاء وقت ممتع مع أطفالهم ومراهقيهم، لكن لا يمكن أن يحبطوهم.

وينبه روفو إلى المراحل الثلاث التي حددها الطبيب النفسي الكبير رينيه سبيتز، وهي الابتسامة منذ الشهر الأول، ثم اكتشاف الخارج إلى تسعة أشهر وما يرافق ذلك من قلق، وأخيرا في سن 18 شهرا تأتي المرحلة الشهيرة مرحلة "لا" التي تعلم الطفل كيفية تأكيد نفسه، وهذه المرحلة من المعارضة قد تطول، وهي منظم أساسي لتنمية الأطفال.

ويقول روفو "مع نصيحتنا بالاستماع والتسامح أنشأنا مساحة جديدة لهم من خلال توسيع هذه المرحلة من المعارضة يمكنهم الآن اضطهاد والديهم كما يحلو لهم، ولحسن الحظ تم إنقاذ العائلات بشكل أو بآخر عن طريق الدخول إلى روضة الأطفال التي تهذب هذا الوحش الصغير".

ويقول الطبيب النفسي إنه ضد ضرب الأطفال لأنه علامة على ضعف وعجز الوالدين، مؤكدا ضرورة إضافة العنف النفسي إلى قانون الضرب، لأنه ضد تقنين الضرب.

أما عن فكرة الاستبداد لدى الأطفال وفيما إذا كانت ليست مشكلة تربية بل نتيجة معاناة نفسية فيرى الطبيب روفو أن الطفل المستبد يعبر عن مشكلة المكان، أي هل هو منافس خاص لإخوته وأخواته؟ هل هناك أي أسرار عائلية سيئة تتعلق به؟ هل يوجد ضحايا أو جناة في محيطه المدرسي؟

مشكلة هذا الطفل بالنسبة لروفو أن احترام الآخر باعتباره يعادل الشخص نفسه غير ممكن بالنسبة له.

المصدر : لوفيغارو