كثافة لاجئين إلى السويد والعنصريون بانتظارهم
جورج حوراني-ستوكهولم
بموازاة هذا التدفق إلى هذه الدولة الإسكندنافية، تتزايد وتيرة الهجمات العنصرية ضد اللاجئين، مما تسبب بحالة من القلق وعدم الأمان في أوساطهم.
ولجأت وكالة الهجرة السويدية مؤخرا إلى بناء الخيم المدفأة في مناطق الشمال لإيواء اللاجئين فيها، وسط توقعات بوصول أعداد طالبي اللجوء نهاية العام الحالي إلى السويد إلى أكثر من 190 ألف طالب لجوء بينهم 30 ألف قاصر.
وتقول مسؤولة الإعلام في وكالة الهجرة غونا غراوفيلد للجزيرة نت حول الموضوع إن الوكالة تواجه تحديات كبرى ولا سيما في إيجاد مساكن لجميع طالبي اللجوء الجدد، وقالت "في كل أسبوع هناك لاجئون جدد، ومراكز استقبال جديدة ولا سيما في شمال البلاد تقوم الوكالة باستئجارها مؤقتا".
غير أن ارتفاع وتيرة اللجوء ترافق في المقابل مع سلسلة من الاعتداءات ومحاولات إحراق مراكز إيواء اللاجئين في مدن كوتنبيرغ، لينغباي، أرلوف وفاسباي، في شمال وجنوب السويد.
وعلقت مصادر الشرطة المركزية في أستوكهولم في اتصال مع الجزيرة نت على هذه الهجمات بالإعراب عن اعتقادها بأن أفرادا أو مجموعات تنتمي إلى شبكات الجرائم المنظمة بدوافع سياسية تقف وراء هذه الهجمات.
تدابير احترازية
وأعلنت عن اتخاذ جملة تدابير احترازية بينها تشديد إجراءات الحماية حول مراكز إيواء اللاجئين، وعدم الإفصاح عن أماكن هذه المراكز لاستقبال اللاجئين وإحاطة المعلومات حولها بالسرية.
ودفعت هذه الأحداث جمعيات عربية ومسلمة لدق ناقوس الخطر جراء تفشي العنصرية بكل أوجهها بما فيها جرائم الكراهية بحق المهاجرين، التي يرتكبها سويديون متطرفون غاضبون من موجات اللجوء الأخيرة.
وكان حزب "ديموقراطيو السويد" المعارض، هو حزب يميني متطرف، قد دعا الحكومة صراحة لإجراء استفتاء شعبي حول الهجرة. وعمد قادته إلى التحريض ضد طالبي اللجوء. وأتى ذلك وسط مناخ عنصري محموم حيث تشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من ثلث السكان يرفضون بالمطلق دخول لاجئين جدد إلى وطنهم.
وتحاول العديد من الجمعيات الناشطة، ومن بينها مؤسسة الإغاثة الإسلامية -التي تعمل تحت مظلة الرابطة الإسلامية في السويد- التصدي للعنصرية، وتقديم يد العون للوافدين حديثا، كما بادر المسجد الكبير في أستوكهولم الى فتح أبوابه لاستقبال الآلاف من طالبي اللجوء ومساعدتهم.
ولا يبدي الناشط في قضايا حقوق المسلمين والأجانب مصطفى السيد عيسى -وهو سويدي من أصول سورية- استغرابه من تطور الشكل العدائي للعنصرية التي تجتاح السويد. ويقول في حديث للجزيرة نت إن شعبية الحزب العنصري "ديموقراطيو السويد" في ازدياد، مذكرا بسلسلة بجرائم الكراهية وأعمال الحرق والتخريب التي شهدت فصولها مناطق عديدة في أنحاء البلاد العام الفائت ضد المساجد ودور العبادة لدى المسلمين.
عداء وتضامن
وأوضح السيد عيسى -الذي يعمل مهندسا مدنيا- أنه "كلما تنامى حجم العداء ضد المهاجرين العرب والمسلمين اتسعت رقعة التضامن مع هؤلاء". وأشار إلى "أن المجتمع السويدي لا يزال تحت تأثير صدمة العملية الإرهابية التي وقعت داخل مدرسة ذات أغلبية أجنبية ويدرس فيها عدد كبير من اللاجئين الجدد في مدينة ترولهيتان، إذ إن الجاني قصد عمدا ذبح ذوي البشرة السمراء والبنية ومن يصنفهم هو بغير سويديين".
وطالب السيد عيسى أجهزة الدولة والشرطة بالاعتراف أولا بالوجود العنصري المنظم في السويد، معتبرا أن "الخطاب الرسمي والإعلامي يقلل من وجود العنصرية في السويد ويتعامل معها وكأنها طباع جاهلية موجودة عند أشخاص محدودين. ولفت إلى أن "العنصرية متفشية في كل نواحي الحياة العامة في السويد، وليست حكرا على الأحزاب السياسية".