"الخدمة الإلزامية" تعزز قوافل الفارين إلى السويد

سوريون في غابات المجر خلال رحلة لجوئهم إلى الشمال
سوريون فارون إلى شمال أوروبا عبر غابات المجر (الجزيرة نت)

علي أبو مريحيل-ستوكهولم

"لا أريد أن أقتل" جملة يردّدها شباب سوريون، فارون من الخدمة العسكرية الإلزامية، أمام لجان التحقيق التابعة لدوائر الهجرة في الدول الأوروبية التي لجؤوا إليها، حين يُسألون عن سبب لجوئهم، في إطار الإجراءات والتدابير التي تتخذها هذه الدول قبل منحهم اللجوء السياسي أو الإنساني.
 
بالنسبة لغالبية الشباب السوريين في المناطق الخاضعة للنظام، بات فرض التجنيد الإلزامي عليهم، معادلا لإجبارهم على الانخراط في لعبة القتل والموت، وهو ما دفع كثيرين منهم للهرب إلى خارج سوريا واللجوء إلى دول الشمال الأوروبي.

وبعد صدور قوائم بأسماء آلاف المطلوبين للتجنيد الإجباري في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2014 اتسعت ظاهرة الفرار بشكل ملموس، وضمّت قوائمهم -وفقا للأرقام التي أوردتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان- ما يقارب نصف مليون سوري، تتراوح أعمارهم بين 18 عاما و40 عاما، وبات هؤلاء مطلوبين للمشاركة بالقتال، ضد من يسميهم النظام "بالمتآمرين على سوريا".

كما قامت الإدارة العامة للهجرة والجوازات في سوريا من جهتها في الشهر التالي بإصدار قرار ينص على عدم السماح للشباب لمن هم دون الأربعين عاما بالسفر إلى خارج البلاد، حتى من أدى منهم الخدمة العسكرية، إلا بعد حصولهم على موافقة من شعب التجنيد في منطقتهم.

تفريغ المدن
وقد ربط القرار وقتها -وفق مراقبين- برغبة النظام في تفريغ المدن والمناطق الواقعة تحت سيطرته من عنصر الشباب، الذين باشروا بالفعل بالهروب واللجوء إلى الدول الأوروبية وبينها السويد.

شباب سوريون يتناولون العشاء في أحد معسكرات اللجوء بالسويد (الجزيرة)
شباب سوريون يتناولون العشاء في أحد معسكرات اللجوء بالسويد (الجزيرة)

ويقول المدير العام لدائرة الهجرة السويدية في منطقة سندسفال رونالد فالك في هذا الصدد إن عدد اللاجئين السوريين الذي وصلوا إلى السويد حتى نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بلغ 74 ألفا، وإن عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 سنة هو 33 ألفا، أي ما نسبته 45% من إجمالي اللاجئين السوريين.

وتوقع فالك أن يصل العدد الإجمالي لطالبي اللجوء مع نهاية العام 2015 إلى 100 ألف، وبذلك نكون الدولة الأكثر استقبالا للاجئين بين دول الاتحاد الأوروبي نسبة لعدد السكان".

علي أحمد (29 عاما) هو واحد من الشبان السوريين الذين لجؤوا إلى السويد هربا من الخدمة العسكرية، بعد قيام النظام بنشر قوائم المطلوبين لمراكز التجنيد في المدن التي تخضع لسيطرته، وتعميم تلك الأسماء على كل الحواجز الأمنية.

عن الطريقة التي تم بها اقتياده للخدمة قال علي للجزيرة نت "رغم تأديتي للخدمة العسكرية قبل أربعة أعوام، تفاجأت في أثناء ذهابي إلى الجامعة بإيقافي على أحد الحواجز الأمنية في ساحة الأمويين، فقد كان اسمي مدرجا على قوائم المطلوبين لقوات الاحتياط.

وأضاف "رغم إبراز المستندات التي تثبت أني على بعد فصل دراسي واحد من التخرّج، لم يشفع ذلك لي، فتم اقتيادي مع مجموعة من الشباب إلى مركز للشرطة العسكرية في مدينة حماة، التي خدمت فيها 40 يوما".

رونالد فالك توقع مئة ألف لاجئي إلى السويد 
رونالد فالك توقع مئة ألف لاجئي إلى السويد 

ويقول أحمد إن القدر خدمه في هذه المدينة حيث تمكن بمساعدة بعض أصدقائه من الهروب إلى الريف الذي يخضع لسيطرة الجيش الحر، ومن ريف حماة واصل فراره إلى مدينة إدلب، ومنها إلى تركيا.

عن فترة إقامته في تركيا يقول أحمد "بقيت هناك 8 أشهر، اشتغلت فيها بمصنع للألبسة، حتى جمعت مبلغا من المال، دفعته لأحد المهربين من أجل العبور بحرا إلى الأراضي اليونانية".

عبور سهل
أما رحلة لجوئه من بر اليونان إلى السويد مرورا بدول غرب البلقان فيرويها للجزيرة نت قائلا "كان العبور سهلا من اليونان إلى مقدونيا، ومن ثم صربيا، إلى أن وصلنا إلى المجر المحطة الأصعب، حيث كان علينا أن نقطع الغابات الفاصلة بينها وبين النمسا سيرا على الأقدام".

غير أن المهرب تخلى عن مجموعة اللاجئين -حسبما يفيد أحمد- داخل الأراضي المجرية فتاهوا لمدة 11 ساعة متواصلة. 

وختم أحمد الفصل الأخير من رواية هروبه بالقول "بمجرد خروجنا إلى الطريق العام، ألقت الشرطة الهنغارية القبض علينا، وتم احتجازنا لمدة 4 ساعات، بعد ذلك أجبرنا على إعطاء بصمتنا، ومن ثم قاموا بترحيلنا إلى النمسا، ومن هناك إلى ألمانيا، حيث كان بانتظارنا رجال الأمن الذين أخذوا منا ما يُسمى "بالبصمة الجنائية"، بعد ذلك خيرنا بين البقاء والمغادرة، فاخترتُ الذهاب إلى السويد".

المصدر : الجزيرة