الصحافة بمصر.. متاعب المهنة تغتال مهنة المتاعب

- المشاركون في المؤتمر الصحفي الذي نظمته رابطة الصحفيين المصريين في الخارج تحت عنوان الصحافة ليست جريمة
صنفت لجنة حماية الصحفيين الدوليين مصر كواحدة من أكثر أربع دول حبسا للصحفيين (الجزيرة)

خليل مبروك-إسطنبول

يقبع الصحفي المصري هشام جعفر رهن الحبس الاحتياطي منذ 1300 يوم، دون أن تشفع له سيرته المهنية التي يصفها زملاؤه بالقول إنها من "العيار الثقيل" بينما قضى الصحفي بقناة الجزيرة محمود حسين 814 يوما رهن الاعتقال دون أن يعرف أحد عن تهمته شيئا.

وتروي قصة الإعلاميين جعفر وحسين سطرا وحيدا عن ظروف الإعلام ورجالاته في "أم الدنيا" التي تحولت في سبع سنين إلى "بنت الدهر" لكل من خاض غمار "مهنة المتاعب".

أما بقية سطور الحكاية فترويها "رابطة الإعلاميين المصريين بالخارج" التي وثقت اعتقال السلطات المصرية لعدد كبير من الصحفيات خلال 2018 بينهن علياء عواد وأسماء زيدان وزينب أبو عونة وشروق أمجد وشيرين بخيت وفاطمة عفيفي.

ونظمت لجنة الحريات والحقوق بالرابطة مؤتمرا صحفيا أمس الاثنين في مدينة إسطنبول التركية بعنوان "الصحافة ليست جريمة" لرصد معاناة الصحفيين والإعلاميين على "أرض الكنانة" على يد السلطات هناك.

أكد رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام أن تسعين صحفيا ما زالوا معتقلين لدى نظام السيسي (الجزيرة)
أكد رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام أن تسعين صحفيا ما زالوا معتقلين لدى نظام السيسي (الجزيرة)

تراجع
وكانت لجنة حماية الصحفيين الدوليين قد صنفت مصر كواحدة من أكثر أربع دول حبسا للصحفيين في العالم خلال عام 2018، بينما وضعتها منظمة "مراسلون بلا حدود" في المنزلة رقم 161 على التصنيف العالمي لحرية الصحافة.

وطالب رئيس الرابطة حمزة زوبع -في توصيات المؤتمر- الصحفيين ورجال الإعلام في مصر وخارجها بالتوحد واستعادة حقهم في حرية التعبير، منبها إلى ضرورة العمل على الإفراج الفوري عن الصحفيين المعتقلين هناك.

كما دعا زوبع كافة المنظمات والمؤسسات المهتمة بحرية الصحافة إلى التحرك العاجل لإدانة قمع النظام المصري لحرية الصحافة والإعلام.

وتتحدث مصادر حقوقية ووسائل إعلام مصرية معارضة عن انتهاكات جسيمة ترتكب بحق الصحفيين المعتقلين بالسجون المصرية.

فقد أكد الإعلامي والحقوقي هيثم أبو خليل أن نيابة أمن الدولة العليا أصدرت قرارات بحبس عشرة صحفيين بينهم شيماء سعيد ورشا عبد الرحمن ومعاذ سعيد وعادل عبد السلام وأحمد الغزاوي بتهمة نشر أخبار كاذبة على وسائل الإعلام الاجتماعي.

أما رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام قطب العربي فأكد أن تسعين صحفياً ما زالوا معتقلين لدى نظام السيسي يمثلون العدد الأكبر من الصحفيين المعتقلين في دولة واحدةٍ.

‪أبو خليل وعبد المنصف بالمؤتمر الصحفي‬ (الجزيرة)
‪أبو خليل وعبد المنصف بالمؤتمر الصحفي‬ (الجزيرة)

متعددة الأوجه
وتشير دراسات حقوقية ونقابية إلى تعرض الحريات الصحفية في مصر إلى انتكاسة كبيرة منذ إطاحة العسكر بمحمد مرسي الرئيس المدني المنتخب الأول للبلاد في يوليو/تموز 2012.

ووفقا للدراسات فإن أشكال الانتهاكات تتراوح بين حبس الصحفيين وإغلاق القنوات التلفزيونية والصحف والمجلات، ومنع الكتاب من النشر والتدوين، وحجب أكثر من 690 موقعا إلكترونيا.

كما وثقت منع عدد من الصحفيين من السفر، وتوجيه بعضهم بالهاتف من قبل السلطات الأمنية، فضلا عن قتل عدد منهم أثناء عملهم كما حصل مع الصحفية ميادة أشرف التي قتلت في كمين للشرطة، والصحفي تامر عبد الرؤوف الذي قتل في كمين للجيش.

ويتحدث العربي عن ثلاث موجات من القمع تعرض لها الإعلام المصري منذ 2013، قائلا إن الموجة الأولى استهدفت رافضي الانقلاب ومؤيدي الديمقراطية، وتم فيها اعتقال ومطاردة وفصل عدد من الصحفيين من أعمالهم، وإغلاق قنوات تلفزيونية والهجوم على مدينة الإنتاج الإعلامي للسيطرة على بعض القنوات وإغلاق جزء منها.

أما المرحلة الثانية فاستهدفت -وفق ما يقول رئيس المرصد العربي- المؤيدين للانقلاب الذين حاولوا صناعة رأي خاص بهم، بينما استهدفت الثالثة أنصار النظام الذين ظلوا وحدهم في ساحة العمل الإعلامي المصري.

ويرى العربي أن النظام لجأ إلى دمج القنوات والشركات الإعلامية، وشراء قنوات والاستحواذ عليها بالضغط والقهر والبيع لشركات الاعلام التابعة للمخابرات العامة والحربية.

من ناحيته أوضح الناشط الحقوقي علاء عبد المنصف أنه جرى التأصيل لانتهاك الحريات الإعلامية بمصر من خلال 36 مادة قانونية لعقاب الصحفيين في جرائم النشر.

وقال -خلال المؤتمر الصحفي لرابطة الإعلاميين المصريين بالخارج- أن هذا التغول على الحقوق الإعلامية يفسر ما يتعرض له الصحفيون هناك من حبس وحجب مواقع ومداهمة مقر النقابة للمرة الأولى بالتاريخ، رغم تعارض أحكام جرائم النشر مع المادة 71 في الدستور التي تحصر الجنايات الإعلامية في ثلاثة مجالات فقط.

المصدر : الجزيرة