نابليون أعاد العبودية.. عندما حمت فرنسا تجارة الرقيق وتواطأت مع الصحافة

تجارة العبيد
فرنسا كانت تعتبر تجارة الرقيق نعمة اقتصادية على البلاد ولذلك ألغت العبودية ثم عادت وسمحت بها (غيتي)

وتدافع الصحيفة عن المصالح الفرنسية قائلة إن "السبب الرئيسي الذي أدى إلى سقوط فروع التجارة البحرية هو منافسة الأجانب على ساحل غينيا"، مشيرة إلى وجود نشاط إنجليزي وهولندي "لإدخال زنوجهم في مستعمراتنا".

مشكلة الزنوج الهاربين
ولا تخلو هذه "التجارة المزدهرة" من بعض المخاطر، كما تقول "الجريدة التجارية"، مستنكرة تحطم بعض القوارب التي دمرتها انتفاضة العبيد على الساحل، ولم ينج من طاقم أحدها سوى القبطان والرئيس والمدفعي.

وتكشف رسالة أحد التجار مدى الخوف الذي كانوا يعيشونه كما نقلت الصحيفة، "نحن نعيش في خوف مستمر؛ جزء من هؤلاء الزنوج الهاربين التقوا في الغابة وفي الجبال، وهم من الزنوج الذين تم تجريدهم من أراضي السكر (…) قتلوا بأكثر الطرق وحشية في مزارع فيرال (…) آمل أن يتم إرسال عدد كبير من البنادق الجيدة، لأننا في وضع حرج للغاية، ولا يمكننا شراء واحدة على هذه الجزيرة".

وعندما قامت الثورة الفرنسية عام 1789، برزت دعوات إلغاء العبودية، مع الإعلان عن حقوق الإنسان وحقوق المواطن، وعندما سرت هذه الإشاعات وجّه مواطن من مدينة لاروشيل رسالة مثيرة للقلق قال فيها إن هذا الاقتراح يضع كل تجارة مدينته في خطر، ويضيف بكل حسرة "من الذي يمكنه حساب عدد الأشخاص الذين يتغذون من واردات السلع الاستعمارية من مبيعات الزنوج؟" 

وتقول الصحيفة إن "168 ألفا من الزنوج في حالة تمرد. قتل 1200 من السكان والحكام. الزنوج اتخذوا لأنفسهم سيدا يسمونه الملك جانات. إنهم يسرقون ولا يتورعون عن شيء. يقتلون الرجال ويحتفظون فقط بالنساء البيض".

وأشار الكاتب إلى أن إلغاء العبودية في سان دومينغو قام به العبيد المتمردون، حيث أقام جان باتيست أول نائب أسود في الجمعية الوطنية ضجة كبيرة، وتم التصويت على إلغاء العبودية في فبراير/شباط 1794 في جميع المستعمرات الفرنسية.

غير أن أول إلغاء للعبودية في فرنسا كان موجزا إلى حد ما، حيث إن نابليون بونابارت -الذي عين قنصلا بعد انقلاب 1799- انقلب على توسان لوفرتور بعد أن كان عينه على سان دومينغو، ودعا إلى التصويت على إعادة العبودية من جديد عام 1802.

ولا عجب –كما يقول الكاتب- أن تشعر فرنسا بالحرج قليلا عندما قررت منافستها وجارتها إنجلترا التصويت لصالح إلغاء العبودية عام 1833، إلا أن الصحافة الفرنسية تستحضر الأثر الاقتصادي للموضوع كما في صحيفة "الدستورية"، التي تقول "إن إنجلترا ستتحمل من أجل إلغاء العبودية في مستعمراتها دون المساس بالمصالح القائمة، ديونا تبلغ خمسمئة مليون دولار".

وبعد إلغاء فرنسا العبودية عام 1848، قالت صحيفة "الدستورية" إن "إلغاء العبودية أدى في الواقع إلى تعطيل إمدادات البلاد"، مع "انخفاض بمقدار الثلث في الإنتاج الاستعماري"، كما شجبت "صحيفة سان كانتين" "المشاعر غير الملائمة" للحكومة التي "قتلت الإنتاج الاستعماري".

تعويض المستوطنين
لكن الأكثر استياء هم أولئك الذين يستفيدون مباشرة من العبودية؛ كالمزارعين، وقد قدمت لهم الحكومة 90 مليونا لتوظيف عمال مأجورين بدل عبيدهم السابقين".

وتعليقا على ذلك، تقول "صحيفة ليون" إن شروط التعويض ليست سخية بما فيه الكفاية، موضحة أن هناك اعترافا بأن "تحرير العبيد، بالطريقة التي فعلتها الحكومة المؤقتة كان متسرعا، وأضاع مستعمراتنا ودمر المستوطنين دون تعويض".

المصدر : لونوفيل أوبسرفاتور