للجدران آذان في غوانتانامو

A picture made available on 12 October 2007, screened and cleared by the US Department of Defence officials, shows a US soldier stand in a guard tower overlooking Camp Delta on US Naval Base, Guantanamo Bay, Cuba 09 October 2007. The US Government currently maintains custody of approximately 340 enemy combatants in the 'Global War on Terrorism' at Guantanamo Bay, Cuba. EPA/SHAWN THEW THESE PICTURES HAVE BEEN SCREENED AND CLEARED BY U.S. DEPARTMENT OF DEFENSE OFFICIALS
undefined
"جهاز التصنيف الأصلي" كلمة غامضة لمدلول غامض بدأ يتكشف شيئا فشيئا بعد أحداث ملاحقة في سجن غوانتانامو ترويها لورا بيتر خبيرة شؤون مكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش في مقال لها على موقع المنظمة الإلكتروني يفصل ما تتعرض له سرية اتصالات محامي الدفاع بموكليهم من انتهاكات.

تبدأ بيتر قصتها من وقت الانقطاع المفاجئ للبث الصوتي، الذي كان يجري بمعدل تأخير 40 ثانية للحؤول دون تسرب المعلومات التي قد تكون على درجة ما من السرية، وهو ما انتبه له ممثلو وسائل الإعلام والمراقبون الذين جلسوا خلف جدار من الزجاج العازل للصوت في القسم الخلفي من القاعة، وذلك في أواخر شهر يناير/كانون الثاني في ثنايا جلسة جزئية لسماع الدعوى في القضية المقامة بحق خمسة رجال متهمين بالضلوع في هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وتروي بيتر أن ذلك الانقطاع أثار الدهشة حتى لدى القاضي العسكري الذي كان باعتقاده أنه هو الشخص الوحيد المخول بضغط زر الإيقاف، وهو من لم ير في المعلومات التي كانت تتم مناقشتها في تلك اللحظة ما يستحق السرية.

وهنا يتحدث القاضي العسكري العقيد جيمس بول بغضب قائلاً إن حادثة انقطاع البث الصوتي "لم أكن أنا فاعلها" و"إذا ما كان لطرف خارجي أن يلغي وجود اللجنة طبقاً لرؤيته عما يجب أن يكون.. فعلينا إذن أن نعقد اجتماعاً قصيراً بشأن من سيتحكم بالإضاءة!".

ومن ذلك يتبين أن "كيانا" يطلق "جهاز التصنيف الأصلي" يملك هو أيضا السلطة ذاتها التي لدى القاضي، وأن ذلك الكيان ليس إلا وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي)، و"يبدو أن معظم المعلومات التي تخضع للرقابة في تلك القضية تتصل بما لاقاه المتهمون من تعذيب واحتجاز سري على يد الوكالة".

وقد حفزت تلك الحادثة، كما تقول بيتر، محامي الدفاع على التساؤل عما يخضع -غير ذلك- للمراقبة مما ليس لهم به علم، وهل يشمل ذلك الاتصالات بين محامي الدفاع وعميله؟ وهو ما رأى القاضي أنه يستحق التحقيق بشأنه.

‪‬ المحتجزون يتعرضون لأشكال الإهانات وتصادر أغراضهم الشخصية(رويترز)
‪‬ المحتجزون يتعرضون لأشكال الإهانات وتصادر أغراضهم الشخصية(رويترز)

كشاف الأدخنة
وتروي الخبيرة الحقوقية البارزة كيف اكتشف مؤخرا أن أجهزة تنصت على هيئة أجهزة كشف الأدخنة قد تم تثبيتها في غرف التقاء المحامين بموكليهم، وهو ما يعد خرقا فاضحا لـ"عنصر أساسي من عناصر العدالة الأميركية هو سرية اتصالات محامي الدفاع بموكله".

وتقول بيتر إن شكوكا ثارت منذ أمد بعيد لدى محاميي الدفاع وموكليهم بأنهم تحت المراقبة، وتشير إلى أن السجين اليمني وليد بن عطَّاش كان قد أثار مع موكلته المحامية شيريل بورمان أنه "كان يجري التنصت علينا".

وتستطرد بورمان "أجبت موكلي بأن هذا أمر لا يمكن حدوثه إطلاقا مثلما كنت أقول لكل عميل سبق لي تمثيله". إلا أن بورمان رغبت في المزيد من التأكيدات. وفي أحد الأيام بينما كانت في لقاء بموكلها، أشارت إلى جهاز كشف الأدخنة بالغرفة وسألت الحارس "سيدي الحارس، أهذا جهاز للتنصت؟" فأجابها قائلاً "بالطبع لا".

وقد أخبرت بورمان القاضي في سياق تقديمها للشهادة التي كانت على وشك عرضها على المحكمة بأمر جهاز التنصت. وفي اليوم التالي طلبت شهادة عقيد البحرية توماس ولش كبير محامي شؤون الأفراد بمعسكر الاعتقال، الذي شهد بأن أجهزة كشف الأدخنة كانت بالفعل أجهزة للتنصت.

يذكر ولش أنه لم يكتشف الأمر إلا بمحض الصدفة، إذ رأى "شخصا" يضع سماعات رأس متنصتاً على محادثة تدور في إحدى الغرف. وحين شرع في طرح أسئلة بهذا الشأن علم أن أحد عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي كان يتنصت على مناقشة دارت بين محتجز وممثل ادعاء ومحامي الدفاع، الذين كانوا يناقشون صفقة تتضمن رد الدعوى.

وقد تبين للملأ، وفق بيتر، منذ ذلك الحين أن "بثا صوتيا لكل ما كان يدور داخل قاعة المحكمة بما في ذلك ما يدور من محادثات بين المحامين وموكليهم على مناضد المحكمة فضلاً عن المترجمين ومعدي التقارير المتعلقة بالمحكمة، بل وحين يتم إخماد الميكروفونات الرسمية، كل ذلك يتم إرساله إلى جهاز التصنيف الذي ليس إلا وكالة الاستخبارات الأميركية".

وفضلا عن ذلك، تسترسل خبيرة هيومن رايتس ووتش في ذكر ما يتعرض له المتهمون من تفتيش لزنازينهم وما تتم مصادرته منها كصور لبيت الله الحرام وكتب وحتى لوثائق قانونية مسموح لهم بها كتقرير لجنة 11 سبتمبر.

وتخلص بيتر من كل ذلك إلى أنه "ما أن يبدأ المرء في الاعتقاد بأن الأمور لا يمكن أن تكون أسوأ مما هي عليه بالنسبة للجان العسكرية في غوانتانامو، حتى يقع من الأحداث ما يثبت خطأ هذا الاعتقاد".

المصدر : الجزيرة