قلق يمني بشأن الاختفاء القسري

مظاهرات ساحة التغيير في اليمن (جمعة الصمود)

إحدى ساحات التغيير في اليمن حيث يعتقد أن عمليات اختطاف نفذت بالقرب منها (الجزيرة)

                                                     إبراهيم القديمي-صنعاء

 

شدته ثورة الشباب الراغب في التغيير والحالم بحياة حرة كريمة، فالتحق بساحة التغيير بصنعاء حاملا بيده لافتة كبيرة كتب عليها "ارحل"، واستقطب معه 20 شابا من رفاقه الذين يعملون معه في أحد المرافق العسكرية للالتحاق بالثورة السلمية.

 

إنه الشاب علي أحمد الفقيه (24 عاما) الذي اختفى من ساحة التغيير إلى مكان مجهول منذ 29 يوما، والمحاولات التي بذلتها أسرته في البحث عنه باءت بالفشل وأصبح العثور عليه أمرا متعذرا.

 

فحسب شقيق المختفي فإن أخاه بات في عداد المفقودين، وتحدث للجزيرة نت عن كيفية اختفائه قائلا "كان علي متحمسا للتغيير بشكل كبير، ويهتف بشعارات سقوط النظام بملء فيه، ما دفع مرؤوسيه في المرفق الذي يعمل به إلى نعته بالمحرض".

 

وبعد أيام قلائل من التحاقه صادته كاميرا قناة سهيل المعارضة، فرآه مديره في العمل وطلب منه الحضور على التو ومعه زملاؤه العشرون، وهناك تم التحقيق معهم واعتقالهم جميعا ووضعهم في زنزانة المرفق العسكري الذي يعملون به.

 

وأوضح أخو علي الفقيه أنه أفرج عن زملائه بعد أيام قلائل من اعتقالهم باستثناء أخيه الذي نقل إلى إدارة الاستخبارات العسكرية، وفقا لشهادات زملائه. وقال "حاولت زيارته دون جدوى، ثم قابلت مديره في العمل وأكد لي أنه لا يعرف عن أخي شيئا وأنكر صلته بقصة اعتقاله".

 

في ظل هذه الظروف يعتصر الحزن والدة علي الفقيه، وهي المعاقة البالغة من العمر عتيا، وكذا زوجته وطفله، وأملهم أن يعود عائلهم في أقرب وقت.

 

برمان: تلقينا شكاوى بحالات اعتقال لشباب اقتيدوا لأماكن مجهولة (الجزيرة)
برمان: تلقينا شكاوى بحالات اعتقال لشباب اقتيدوا لأماكن مجهولة (الجزيرة)

إنكار الداخلية

من جهة أخرى اعتبر الناشط الحقوقي رئيس منظمة سجين عبد الرحمن برمان أن هذه الأعمال دليل على "انتهاك النظام اليمني للقانون والدستور الذي يجرم الاختطاف والاعتقال بالقوة".

 

وأوضح برمان -الذي يرأس وحدة تلقي البلاغات والشكاوى بمنظمة هود- إن العاملين بالمنظمة رصدوا حالات اعتقالات كثيرة نفذتها الأجهزة الأمنية في مداخل ساحة التغيير، حيث اقتادت الكثير من الشباب إلى أماكن مجهولة.

 

وقال للجزيرة نت "تواصلنا مع وزارة الداخلية بشأن هؤلاء المخفيين، وأفرج عن أعداد قليلة منهم، ولكن الوزارة أنكرت صلتها بهم".

 

توثيق الحالات

من جانبه انتقد عضو مجلس الأمناء بالمرصد اليمني لحقوق الإنسان محمد المخلافي أسلوب النظام في التعامل مع المتظاهرين وإخفائهم قسريا. وبين للجزيرة نت أن القانون اليمني والدولي يحرّمان الإخفاء القسري الذي يندرج ضمن اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية، ودعا إلى محاكمة من يمارسون الخطف بحق المتظاهرين سلميا.

 

واعترف الناشط الحقوقي في حديث للجزيرة نت بوجود عدد من البلاغات لدى المرصد، أبلغ فيها أصحابها عن اختفاء عسكريين من ضباط الجيش والأمن ذهبوا إلى أعمالهم ولم يعودوا إلى منازلهم.

 

وقال إن هذه الحالات تم توثيقها وستقدم الوثائق لأجهزة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري، وسيجري متابعة الحالات تمهيدا لتحريك دعاوى جنائية من لدن الأمم المتحدة ضد مرتكبيها.

 

المخلافي: تم توثيق حالات اختفاء قسري وستسلم للأمم المتحدة (الجزيرة) 
المخلافي: تم توثيق حالات اختفاء قسري وستسلم للأمم المتحدة (الجزيرة) 

الجرحى أيضا

وكانت تقارير صحفية تحدثت عن إقدام قوات الأمن على اختطاف جرحى الاعتصامات من المستشفيات الحكومية واقتيادهم إلى أماكن مجهولة. وقد اتهم العضو القيادي في أحزاب اللقاء المشترك نايف القانص أجهزة الأمن باختطاف شباب تابعين لأحزاب اللقاء المشترك المعارضة من ساحة التغيير، كما اقتيد جرحى من المستشفيات الحكومية إلى أماكن مجهولة.

 

ولم يستبعد أستاذ القانون الدستوري وزير المغتربين السابق صالح سميع إقدام النظام على اختطاف المطالبين برحيله، قائلا للجزيرة نت "ماذا نتوقع من سلطة مارست قتل الأبرياء في وضح النهار؟"، لكن محمد الماوري السكرتير الصحفي لوزير الداخلية نفى تلك المزاعم، وأكد أن "اليمن بلد ديمقراطي لا يؤمن بسياسة الاختطاف أو الاعتقال".

 

وقال الماوري للجزيرة نت "كثيرا ما نسمع مثل هذه الاتهامات، لكن لا أساس لها من الصحة"، واتهم بدوره أطرافا بعينها "لا يسرها أن تتعامل السلطة مع وسائل الإعلام بالشكل المرغوب والمرن فتطلق مثل هذه الشائعات"، على حد قوله.

المصدر : الجزيرة