الكشف عن تعذيب منظم في العراق

(FILES)--Iraqi Prime Minister Nuri al-Maliki gestures as he speaks during a joint press conference with Massud Barzani (unseen), president of Iraq's regional Kurdish government, in the northern city of Arbil on August 08, 2010. Maliki, a tough-talking former rebel who spent decades in exile

تقرير المنظمة الحقوقية الأميركية يقول إن السجون السرية تتبع المالكي مباشرة (الفرنسية) 

كشف تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن قوات النخبة الأمنية الخاضعة لإدارة المكتب العسكري لرئيس الوزراء العراقي نور المالكي تمارس التعذيب المنهجي بحق المعتقلين العراقيين في أحد السجون السرية التي تديرها القوات المذكورة.

وذكر التقرير الذي تسلمت الجزيرة نت نسخة منه، أن قوات النخبة الأمنية تمارس التعذيب في السجن السري الذي كشف عنه -إضافة إلى سجون أخرى- بلا حسيب ولا رقيب.

وتقول المنظمة إنها حصلت على كتب رسمية تثبت أن تلك السجون تابعة لمكتب المالكي، وأن المعتقلين فيها يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب ليجبروا على توقيع اعترافات مزورة، وهم محرومون من الاتصال بمحامين أو تلقي زيارات من عائلاتهم.

مقر سابق للاستخبارات
ويقع موقع الاعتقال السري ضمن حرم مركز اعتقال قانوني تابع لوزارة العدل في معسكر العدالة المعروف باسم "سجن العدالة2" الذي يضم أكثر من ألف معتقل آخر.

يذكر أن سجن معسكر العدالة هو السجن الذي نفذ فيه حكم الإعدام في الرئيس الراحل صدام حسين، وقد كان مقرا للاستخبارات العسكرية في عهده.

وكانت صحيفة لوس أنجلوس تايمز قد كشفت في وقت سابق عن عمليات تعذيب بشعة كانت تتم في "معسكر الشرف" الذي ظل محط أنظار وسائل الإعلام لفترة طويلة بعد الكشف عن التعذيب الممنهج فيه.

وكانت الصحيفة قد أكدت أن تلك السجون خصصت لإخفاء السجناء عن عيون لجان التفتيش الدولية التي تأتي بين حين وآخر، وأن ظروف الاعتقال فيها "بائسة" حيث يلقى بالمعتقلين في زنازين مكتظة وعديمة التهوية وتنبعث منها رائحة الفضلات الآدمية.

وقال جو ستورك نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش "إن الكشف عن وجود سجون سرية في قلب بغداد يناقض كلياً وعود الحكومة العراقية باحترام حكم القانون. ويتعين على الحكومة أن تقفل هذه المواقع وتخضعها لإدارة النظام القضائي وتحسن ظروف الاعتقال فيها، وتحرص على معاقبة كل من كانت له يد في ارتكاب أعمال تعذيب.

"
جو ستورك:
الكشف عن وجود سجون سرية في قلب بغداد يناقض كلياً وعود الحكومة العراقية باحترام حكم القانون
"

مقابلات حية
وعلى ضوء مقابلات أجرتها هيومن رايتس مؤخراً مع أكثر من عشرة معتقلين سابقين في معسكر الشرف، تمكنت المنظمة من توثيق طريقة توقيف المعتقلين في زنزانات انفرادية وفي ظروف غير إنسانية لمدة شهور في بعض الأحيان.

ووصف المعتقلون بالتفصيل الانتهاكات التي تعرضوا لها أثناء جلسات الاستجواب بغرض حملهم على الإذعان لاعترافات مزورة، وقالوا إن المحققين كانوا ينهالون عليهم ضرباً ويعلقونهم من أرجلهم في بعض الأحيان ساعات طوالا، بل ويُعرّضون أجزاء عدة من أبدانهم -بما فيها الأعضاء التناسلية- لصواعق كهربائية، ويخنقونهم مراراً وتكراراً بوضع أكياس بلاستيكية على وجوهم إلى حين إصابتهم بالإغماء.

المسؤولون العراقيون عن السجن نفوا بعد صدور مقال لوس أنجلوس الاتهامات الموجهة لهم، وقالوا إن السجون المذكورة تخضع لإدارة وزارة العدل المباشرة، وإن مكتب رئيس الوزراء ليس له علاقة بها.

لكن تقرير هيومن رايتس يورد مقابلات مع مسؤولين بوزارتي الدفاع والداخلية العراقيتين يؤكدون فيها أن تلك السجون خاضعة لوزارة العدل بالاسم فقط، ولكن عمليا هي ليست كذلك.

مسؤول آخر بوزارة الدفاع أفاد يوم 23 يناير/كانون الثاني الماضي بأنه خلافاً للممارسات المتعارف عليها والتي تودع فيها قوات الأمن المعتقلين نظام السجن الأساسي، غالباً ما يرفض اللواءان 56 و54  (المسؤولان عن السجن السري) تسليم معتقليهم.

وقال المسؤول "لا يُسمح للعائلات أو المحامين بزيارتهم، بل ويستحيل عليهم في بعض الأحيان معرفة ما إذا كانوا أحياء أو أمواتا".

"
مسؤول عراقي:
لا يُسمح للعائلات أو المحامين زيارة المعتقلين، بل ويستحيل عليهم في بعض الأحيان معرفة ما إذا كانوا أحياء أو أمواتا
"

"قوات المالكي"
وفي مقابلة أخرى أجراها مسؤولون بوزارة الدفاع مع المنظمة الحقوقية، أفاد هؤلاء بوجود تعاون وثيق بين اللواءين 56 و54 اللذين يُشير إليهما الجيش والشرطة "بقوات المالكي". وغالباً ما يُنقل السجناء الموقوفون والمعتقلون أساساً في السجن الخاضع لسلطة اللواء الأول، إلى السجن الخاضع لإمرة اللواء الثاني.

وقال مسؤول بوزارة الداخلية لهيومن رايتس يوم 13 يناير/كانون الثاني الماضي إن "المواطنين يحضرون إلى مراكز الشرطة أو السجون بحثاً عن أفراد أسرتهم الذين تعرضوا للاعتقال، فإذا اكتشفنا أن قوات المالكي أوقفتهم، لا نحصل على معلومات بشأنهم ولا نتمتع بصلاحية التدخل في هذا الخصوص".

وكانت وزارة حقوق الإنسان العراقية قد عثرت على سجن سري في العراق العام الماضي، ووثقت منظمة هيومن رايتس في أبريل/نيسان الماضي شهادات المعتقلين الذين بينوا تعرضهم لتعذيب منظم.

المصدر : الجزيرة