عمر بن عبد العزيز خليفة
عرف عن هذا الخليفة حسه العالي بالمسؤولية وإنكار الذات والتزامه الدقيق بتعاليم الدين الحنيف وتطبيقها بشكل يرضي الله وعباده. أبهر من عاصره بحكمته وذكائه وعدله ودماثة خلقه ورأفته بالناس، فاستحق لقب خامس الخلفاء الراشدين.
عُرف بالمدينة بأدبه وعقله وحبه للعلم رغم حداثة سنه. ونظرا لمعرفته بالمدينة وأهلها وغزارة علمه وصفاته الحميدة، فقد اختاره الخليفة الوليد بن عبد الملك عام 86 للهجرة واليا على المدينة والطائف.
رفضت الجموع تنحيته عن الخلافة وتمسكت به خليفة وقائدا، فلم يكن منه إلا أن قال لهم بأن عليهم طاعته كولي أمرهم طالما هو في طاعة الله، وإن لم يطع الله يوما فلا طاعة له عليهم.
كان خيِّرا ومدركا بأن المال لله وأن الإنسان خليفة الله على الأرض، فكثر مال الدولة في عهده فصار ينفقه في ما يرضي الله ورسوله، فأعان المعسر وأغاث الملهوف والغريب والمسافر ولم يستثن من ذلك حتى أهل الكتاب ما داموا في رعيته فأمر بتسديد من ديونهم من فائض بيت المال.
وبعد أن عم الخير والرخاء جميع أرجاء بلاد المسلمين، قيل أن الفائض في بيت المال لم ينضب فأمر بشراء الحبوب ونثرها في البراري لتأكل الطير "من خير المسلمين".
قيل عنه أنه ضعف وهزل بعد أن تولى الخلافة، وخشنت ثيابه رغم أنه كان رجلا صحيحا وناعم الملبس قبل ذلك، حتى أنه اشتهى في يوم من الأيام تفاحا فأهدى إليه أحد أقاربه تفاحا فشمه وتغنى بطيب رائحته وأمر بإرجاعه، وعندما سأل عن سبب ذلك وإن الرسول قد قبل الهدية، قال: إن الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.