مثل شارلوك هولمز.. كيف يتتبع الطب الشرعي الرقمي فيروس كورونا؟

blogs كورونا
فيروس كورونا قتل أكثر من 2800 شخص (رويترز)

الدكتور أمير النمرات* ونيكولا شيميلو**

في محاولتهم حل قضايا الجرائم، يستخدم محققو الطب الشرعي الرقمي في القطاعين العام والخاص أساليب وأدوات متنوعة لتحديد وجمع وتحليل البيانات التي يتم الحصول عليها من الأجهزة الرقمية مثل الهواتف المحمولة. فكيف يمكن استخدام هذه الأساليب لاقتفاء فيروس كورونا الجديد "كوفيد-19″؟

لقد قتل فيروس كورونا -الذي ظهر لأول مرة في مدينة ووهان بالصين في ديسمبر/كانون الأول الماضي- أكثر من 2800 شخص، وأصاب أكثر من 85 ألفا، وأعلنت منظمة الصحة العالمية رسميا حالة طوارئ صحية عالمية.

ويستطيع الطب الشرعي الرقمي عبر تحليل السجلات الهاتفية الخاصة بالأشخاص المصابين بأمراض مثل فيروس كورونا، تحديد المناطق الجغرافية للإصابة المحتملة وتفشي المرض. وأفضل مثال على هذه الحالة هو ستيف والش.

وستيف والش هو الرجل المتسبب في 11 حالة إصابة في بريطانيا بفيروس كورونا تم التعرف عليه باستخدام تحليل السجلات الهاتفية.

وقد وُصف هذا الرجل البالغ من العمر 53 عاما بأنه "الموزع العظيم"، إذ حمل الفيروس خلال مؤتمر عمل في سنغافورة قبل عطلة تزلج في جبال الألب الفرنسية يوم 24 يناير/كانون الثاني الماضي.

وعاد والش إلى المملكة المتحدة بعد أربعة أيام، وتم تشخيصه يوم 6 فبراير/شباط الماضي بمدينة برايتون.

وتم التعرف على أن خمسًا من الحالات المرتبطة بالسيد والش موجودة في إنجلترا، وخمسًا في فرنسا، وواحدة في مايوركا بإسبانيا.

عملية التحليل
يتم التحقيق بهذه الطريقة عبر عمل مخطط يربط جميع أبراج الخلايا الخاصة بهواتف المعنيين، وبالتالي المضي قدما في الإجراءات الصحية المناسبة لاحتواء الوباء.

‪الدكتور أمير النمرات (يمين) من جامعة شرق لندن ونيكولا شيميلو الرئيس التنفيذي لشركة‬ (الجزيرة)
‪الدكتور أمير النمرات (يمين) من جامعة شرق لندن ونيكولا شيميلو الرئيس التنفيذي لشركة‬ (الجزيرة)

إن إجراء استطلاعات التغطية يتم باستخدام أدوات مخصصة، تسمى "BTS Trackers"، التي تبحث بالتحديد عن جميع أبراج الخلايا النشطة في تلك المنطقة ويسجل تغطيتها الحقيقية.

ويساعد هذا البحث على تحديد وفهم كيفية أداء أبراج الخلايا فعليا وتوصيلها بالأجهزة المحمولة والحصول على فهم أعمق للبيئة الرقمية التي تحيط بنا، وتدقيق وضبط البحوث ورسم خرائط لحركات الجهاز.

وعبر تتبع الاتصالات بأبراج الخلايا والحركات التي تُجرى بواسطة أجهزة الهاتف، يتم الحصول على معلومات مستمدة من سجلات الهاتف، وبالتالي يمكن الوصول إلى حقائق قاطعة ومحددة، وذلك خلال وقت قصير نسبيا، إذ ليس هناك مجال لتضييع الوقت.

وبمجرد تتبع مكان يجدر الاهتمام به، يتم تحديد التغطية الحقيقية لأبراج الخلايا المتصلة بموضوع التحقيق.

هذا قد يقود لاحقا إلى الكشف مثلا أن شخصا كان يمكن أن يكون في جزء آخر من المدينة على اتصال مع أشخاص آخرين لم يتم التفكير فيهم من قبل ويحملون الفيروس.

يسمح هذا التحليل الدقيق والشامل للباحثين بتحسين وتوسيع مساحة التلوث المحتمل من خلال فهم ما إذا كان برج الخلية المتصل بجهاز المستخدم يغطي أم لا يغطي، على سبيل المثال، المنطقة الداخلية لمبنى عام، ومن ثم التحقق من فرضية أن هذا الشخص ربما كان هناك.

وتساعد هذه الطريقة في الإسراع في تحسين الإجراءات الصحية التي تركز على البحث عن مناطق العدوى المحتملة الأخرى والحد من انتشار الفيروس.
_________________
* الدكتور أمير النمرات هو أستاذ في كلية الهندسة والحاسوب في جامعة شرق لندن، ومدير برنامج الماجستير في أمن المعلومات والأدلة الجنائية الإلكترونية.
** نيكولا شيميلو هو الرئيس التنفيذي لشركة سكيوركيوب.

المصدر : الجزيرة