مغربيات يحاربن السمنة بمجموعات تغذية افتراضية

حليمة في محل خاص للأكل الصحي copy.jpg
حليمة في محل خاص للأكل الصحي (الجزيرة)

عزيزة بوعلام-الرباط

تبدو حليمة سليمي سعيدة بوزنها الصحي -وهي تتقاسم صورها بوزن مثالي- على صفحة مجموعة (group) للتغذية المتوازنة الجماعية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". 

التحول الكبير في شكل حليمة، حصد لها إعجاب صديقاتها، اللواتي يتابعن عرضها لرحلة خسارة الوزن الزائد عبر هذه المجموعة التي انضمت إليها منذ إنشائها في فبراير/شباط الماضي. 

وذاع صيت المجموعة في الأيام الأخيرة، بعدما نجحت في تغيير حياة كثيرات من عضواتها اللواتي بلغ عددهن ما يقارب عشرة آلاف، وحملت عنوان "فات تو فلات ويث صوفي" (fat to flat with sophy). 

تملأ حليمة صفحة المجموعة التي تتزايد أعداد المنضمات إليها يوما بعد يوم، نشاطا وحيوية حيث تزرع في نفوس زميلاتها الثقة وتبدي الملاحظات هنا وهناك، بل وتشاركهم وجباتها اليومية وتعطي رأيها حول قيمتها الغذائية والصحية قبل تناولها. 

عندما تتحدث إلى هذه الشابة الثلاثينية، تدرك إلى أي مدى ظل الوزن الزائد عقدة متأصلة في نفسها لسنوات طويلة من عمرها. كلما قرأت رقما ضايقها، دفعها ذلك إلى توتر يقودها إلى الأكل الانفعالي فيزيد وزنها.

يغلبها الشجن -وهي تحكي للجزيرة نت- كيف وجدت سلواها في الطعام الذي تتناوله بكميات كبيرة ودون وعي، كلما انزعجت من تحولات جسمها المرعبة، ليرتفع وزنها أكثر إلى أن تجاوز مئة كيلوغرام. 

مشاكل صحية
لم تكن حليمة تستمتع بارتداء الملابس التي تحب بسبب صعوبة إيجاد المقاس المناسب، وعانت من مشاكل صحية عديدة، مثل ضيق التنفس. وهذا ما جعلها تتخذ القرار الأهم في حياتها، فوقفت على الميزان أخيرا بعد ستة أشهر من انضمامها لمجموعة الحمية الغذائية الجماعية، وهي الآن بوزن لا يتجاوز ستين كيلو غراما. 

وتذكر حليمة بامتنان، أنها في رحلة تخفيف الوزن كانت لها محاولات متكررة للتخلص من كل زائد لا يفترض أن يكون موجودا لكنها تفشل دائما، حتى عرفت طريقا للإرادة الجماعية من خلال هذه المجموعة، وكونت صداقات حفزتها على ممارسة الأنشطة الرياضية وتقاسم وجبات غذائية صحية. 

وبمحافظتها على تناول طعام صحي، أكدت حليمة أنها فطمت بالتدرج عن الوجبات السريعة والأطعمة المشبعة بالدهون. وركزت على المشويات والأطعمة خالية الدسم، كما أضافت إلى مائدة طعامها مزيدا من الخضروات والفاكهة، وتضحك قائلة، "الخس والخيار أصبحا لا يفارقاني أينما حللت وارتحلت".

وتضيف حليمة، أنها وجدت في المجموعة مجالا للاستشارة والنقاش والتعلم من خبرات وتجارب الآخرين. وتحفزها رغبة أكيدة في بث العزيمة لدى أعضائها، لقناعتها بأن تجربة أمل الراجي -مؤسسة المجموعة التي نجحت في إنقاص 44 كيلوغراما من وزنها في ظرف سنة- تحمل أملا لغيرها بأن قهر السمنة ليس مستحيلا. 

فيما توضح أمل -التي رزحت تحت ثقل الوزن الزائد سنوات من عمرها- أنها تكرس جزءا من وقتها من خلال المجموعة للتحفيز والتشجيع وإرشاد من لا يستطعن المواظبة على الحمية كسلا أو ضعفا أمام أنواع الطعام غير الصحية، مستعينة بخلاصة تجربتها في محاربة سمنتها المفرطة، وسبر أغوار هذا المجال عبر تكوينات متعددة، وكذا بمتابعة مختصات في علم التغذية، عضوات بالمجموعة.

وتعتبر أن نقل مهارات إنقاص الوزن إلى المبتدئات، من أفضل الطرق للبقاء على الاطلاع واكتساب المعرفة باستمرار. 

ويشكل أعضاء المجموعة كما تقول، " قوة لأنهن يتشاركن نفس ما يقمن به، سواء كن ممن مررن بالتجربة نفسها أو لديهن الاستعداد على مشاركتهن نظاما غذائيا صحيا.

ففكرة المواظبة على نظام غذائي صحي لخفض الوزن أو للحفاظ على وزن مثالي هي القاسم المشترك بين عضوات المجموعة، اللواتي يؤكدن أن وجودهن وسط المجموعة منحهن الدعم والتشجيع. وهذا برأي صوفي من أهم عوامل إنقاص الوزن. 

وتجزم أمل بثقة، أن المجموعة التي أنشأتها تحت إلحاح كثير من صديقاتها لأجل تقاسم تجربتها الناجحة، يؤسس لفكرة أن الإرادة الجماعية من أهم عناصر التحول من السمنة إلى الرشاقة بالدرجة الأولى. وتتحدث بحماس -أنه بالانخراط الجاد تكتشف كل واحدة بالمجموعة في تجربتها عناصر جديدة ومؤثرة يمكن أن تضيفها إلى سجل التجارب، إذا كانت شديدة العزم والإصرار على النجاح. 

ويرى الدكتور كريم الوالي اختصاصي التغذية وعلاج الريجيم، أن المجموعات التنافسية لإنقاص الوزن، يمكنها أن تكون محفزة للإرادة ومعززة للرغبة في تحقيق أفضل النتائج. 

وذكّر الوالي في هذا السياق ببرنامج ريجيم ويت واتشرز (Weight Watchers Diet)، الذي يرتكز على تناول الأطعمة المفيدة بنسب متوازنة، وممارسة الرياضة بانتظام، بالإضافة إلى خلق بيئة داعمة ومشجعة للاستمرار بهذا النظام.

 

لكن ذلك برأي الوالي، لا يبرر اتباع الجميع لأنواع الحميات نفسها، لأن لكل جسد خصوصياته، ولا سيما إذا ارتبطت السمنة بمرض ما. وأكد ضرورة استشارة الطبيب المختص لاتباع حميات تناسب الحالة الصحية لكل شخص.

فيما حذرت بنعيني زهور اختصاصية التغذية، من مجموعات غذائية تفتقد للمصداقية، لأنها برأيها تسوق لحميات قاسية موحدة لا تراعي طبيعة كل شخص ولا تستجيب لمعايير تغذية متوازنة تساعد في إنقاص الوزن، معتبرة أن نظام الحمية لا يكون إلا في حالة السمنة المرضية وباستشارة الطبيب المختص. 

لكنها بالمقابل أكدت أن المجموعات الغذائية التنافسية، إذا كانت سليمة من ناحية الغذاء المتوازن المتفق عليه طبيا، فهي طريقة إيجابية للتشجيع وأكثر فاعلية في إنقاص الوزن. 

المصدر : الجزيرة