ميكروبات بغبار المنزل تحلل المواد الكيميائية المسرطنة

على مرضى حساسية الغبار المنزلي بالاعتماد على الأرضيات الصلبة والاستغناء عن السجاد في المنزل؛ نظرا لأنها لا توفر بيئة خصبة لما يعرف بعث الغبار المنزلي المسبب للحساسية، فضلا عن سهولة تنظيفها. (النشر مجاني لعملاء وكالة الأنباء الألمانية "dpa". لا يجوز استخدام الصورة إلا مع النص المذكور وبشرط الإشارة إلى مصدرها. ) عدسة: dpa
منازلنا مليئة بجميع أنواع الميكروبات (الألمانية)

كشفت دراسة جديدة أن غبار المنزل يحتوي على ميكروبات يمكنها تحليل المواد الكيميائية المسببة للسرطان الموجودة في البيئة. مع ذلك، قد تكون المنتجات الثانوية الناجمة عن هذا التحلل مضرة بالصحة.

وقالت الكاتبة آنا ساندويو في تقريرها الذي نُشر على موقع "ميديكال نيوز" إن منازلنا مليئة بجميع أنواع الميكروبات، التي يكون بعضها جيدا، في حين يتسم بعضها الآخر بالخطورة. ويمكننا إيجادها في العديد من الأشياء، بدءا من إسفنج غسل الأطباق وصولا إلى حامل فرشاة الأسنان. كما تحتوي منازلنا على العديد من الأماكن، حيث يمكن لهذه الكائنات الدقيقة الاختباء.

في الحقيقة، يحتوي الغبار الذي يستقر على الأثاث والأسطح الأخرى في منزلنا على مجموعة واسعة من الفطريات التي تنتمي إلى بكتيريا المكورات العنقودية والمكورات العقدية.

وذكرت الكاتبة أنه على الرغم من أن هذه البكتيريا قد تلحق الضرر بصحتنا، ولا سيما إذا كان نظامنا المناعي ضعيفا، فإن الأبحاث الحديثة توصلت إلى أن الميكروبات الموجودة في الغبار المنزلي تلعب دورا إضافيا، إذ إنها تساعد في تحليل المواد الكيميائية الضارة الموجودة في البيئة.

وكشفت دراسة جديدة أن بكتيريا الغبار هذه يمكن أن تُحلل ما يعرف بالفثالات، وهي مركبات تنتمي إلى فئة من المواد الكيميائية التي ربطتها الدراسة بالسرطان وأمراض أخرى.

تجدر الإشارة إلى أن آشلي بوب، الباحثة في الدكتوراه في مجال العلوم البيئية بجامعة ولاية أوهايو الواقعة في مدينة كولومبوس، تعد المؤلفة الأولى لهذا البحث.

‪الفثالات قد توجد في الألعاب‬ (الألمانية)
‪الفثالات قد توجد في الألعاب‬ (الألمانية)

تحارب المواد الكيميائية الضارة
الغرض الرئيس من الفثالات يتمثل في تليين مادتي البلاستيك وكلوريد متعدد الفاينيل وجعلهما أكثر مرونة. في الواقع، تكون هذه الفثالات موجودة في جميع المنتجات المنزلية والاستهلاكية تقريبا، بدءا من الستائر وورق الجدران وصولا إلى اللعب البلاستيكية ومواد التنظيف وأكياس تغليف المواد الغذائية.

ولم يتمكن الباحثون من فهم التأثير الصحي للفثالات حتى الآن، ولكن الدراسات الحالية تشير إلى أن هذه المواد الكيميائية تعطل جهاز الغدد الصماء. كما يعتقد الخبراء أن أحد مركبات الفثالات الذي يعرف باسم فثالات مضاعف (2-إيثيل الهكسيل)، يسبب السرطان.

من جهتها، توضح آشلي بوب الدافع من وراء القيام بهذه الدراسة الجديدة، قائلة: "نعلم أن [الفثالات] يمكن أن تتحلل في أنظمة أخرى، على غرار النظم المائية والتربة، لكننا نتعرض لها كثيرا داخل منازلنا. لذلك، كان من المهم بالنسبة لنا معرفة ما إذا كان التحلل البيولوجي يحدث بالفعل داخل بيئة مغلقة".

ولمعرفة ذلك، حلل الباحثون قطعة من السجاد من منزل تم اختياره بطريقة عشوائية في ولاية ماساتشوستس، وقطعا أخرى من السجاد من ثلاثة منازل في مدينة أوهايو، وعينات غبار جمعوها من المكانس الكهربائية في المنازل نفسها.

وكشفت التحاليل المخبرية وجود الفثالات والميكروبات مثلما كان متوقعا. كما وجد الباحثون أن فثالات مضاعف (2-إيثيل الهكسيل) المسببة للسرطان موجودة بتركيزات أعلى بالمقارنة مع الفثالات الأخرى.

ومن ثَم، قام الباحثون بتخزين قطع السجاد في مستويات رطوبة مختلفة لفحص التفاعل بين الميكروبات والفثالات. وقد اكتشفوا أن مستويات الرطوبة العالية ساعدت في تكاثر ميكروبات الغبار، مشيرين إلى أنه كلما زادت الرطوبة وعدد الميكروبات، ارتفعت أعداد الفثالات التي تحللها هذه الميكروبات. كما أوضح الباحثون أن تحلل الفثالات الضارة قد يسبب مزيدا من المخاطر الصحية.

من جهتها، أفادت المؤلفة المشاركة لهذا البحث، سارة هينز، بأنه "يمكننا رؤية أن الفثالات كانت تتحلل لكن المنتجات الثانوية الناجمة عن هذا التحلل، يمكن أن تكون أكثر ضررا. نحن نحتاج حقا إلى دراسة هذا الأمر أكثر، خاصة في حالات الرطوبة النسبية المرتفعة. كما لا يُنصح بالحفاظ على رطوبة نسبية عالية في منزلك، بسبب احتمال زيادة نمو الميكروبات هناك".

تجدر الإشارة إلى أن مستويات الرطوبة التي استخدمها الفريق في هذا البحث تساوي تقريبا ضعف مستويات الرطوبة الموجودة في المنزل العادي. وعندما تكون الرطوبة عالية جدا، تتكاثر الميكروبات بشكل كبير جنبا إلى جنب مع الفطريات والعفن.

الفثالات كانت تتحلل لكن المنتجات الثانوية الناجمة عن هذا التحلل يمكن أن تكون أكثر ضررا

الصورة الأكثر شمولا
وقالت مؤلفة الدراسة المساعدة كارين دانميلر -التي تشغل أيضا منصب مدير مختبر جودة البيئة الداخلية في جامعة ولاية أوهايو- "في السابق، كان الأشخاص يظنون أنه لم يكن هناك نشاط ميكروبي كبير في البيئة الداخلية. لكن هذه الدراسة تكشف أن الأمر ليس كذلك. أما الصورة الأكثر شمولية فتتمثل في أن فهم هذه التفاعلات يمكن أن يؤدي في النهاية إلى تصميم مبانٍ أفضل لمنع التعرض لبعض هذه المركبات الضارة. نحن نعلم أن المواد الكيميائية والميكروبات موجودة في منازلنا، لكن السؤال هنا يكمن في كيفية تمكننا من إنشاء مبانٍ صحية".

المصدر : مواقع إلكترونية