مؤتمر دولي بنواكشوط لمواجهة الملاريا

من وزراء الصحة للدول الإفريقية الست في ختام ملتقاهم
undefined

أمين محمد-نواكشوط

أنهت ست دول أفريقية، هي موريتانيا ومالي والنيجر والسنغال وغامبيا وتشاد، مؤتمرا استمر ثلاثة أيام بالعاصمة الموريتانية نواكشوط للبحث في سبل مواجهة مرض الملاريا الذي يمثل أحد أهم أسباب الوفيات في عموم القارة الأفريقية.

وبحسب التقارير الرسمية التي تم تداولها في المؤتمر فقد سجلت 219 مليون حالة إصابة بالملاريا عالميا عام 2012، منها 80% في القارة الأفريقية التي حازت 90% من وفيات الملاريا.

وأقر المؤتمر، الذي شارك فيه وزراء صحة الدول الست وممثلون عن الهيئات والمؤسسات العالمية وعدد من الخبراء في هذا المجال، خطة عمل مشتركة تهدف لتسريع مكافحة الملاريا، وتعزيز قدرات البحث والتدخل، والتحديد الدقيق للوضعيات الوبائية في كل دولة على حدة، وتعزيز النفاذ الشامل لمختلف الخدمات والتدخلات الأساسية المرتبطة بهذا المرض من أجل استفادة عموم السكان منها.

والملاريا هو مرض معد ينتقل عن طريق بعوضة أنوفيليس ويسببه طفيلي البلازموديوم، الذي يدخل الجسم عن طريق لدغة البعوضة للإنسان ثم يهاجم الكبد أولا ويتكاثر فيه، وبعدها ينتقل إلى الدم ويهاجم خلايا الدم الحمراء، وفي حال عدم علاجه يتفاقم المرض مؤديا لفشل في الكلى والكبد ومشاكل في الرئة وإغلاق الشرايين الصغيرة التي تغذي الدماغ، مما ينتج عنه أضرار دائمة فيه، بالإضافة إلى الغيبوبة والوفاة.

تحد كبير
وقال وزير الصحة الموريتاني أحمد ولد جلفون إن لقاء نواكشوط ينعقد في وقت تواجه فيه الدول المجتمعة تحديات جساما من أهمها مخلفات سنوات الجفاف الماضية والأوبئة الناجمة عنها، مشيرا إلى أن ذلك يحتم على المجتمعين تكثيف العمل من أجل الخروج من هذه المشكلة في أسرع وقت ممكن، ومؤكدا أن الملاريا تشكل أحد التحديات الصحية الكبرى لموريتانيا.

‪خيري: هناك 200 ألف إصابة جديدة بالملاريا سنويا في موريتانيا‬ (الجزيرة)
‪خيري: هناك 200 ألف إصابة جديدة بالملاريا سنويا في موريتانيا‬ (الجزيرة)

ووفقا لمنسق البرنامج الموريتاني لمكافحة الملاريا محمد الأمين ولد خيري فإن موريتانيا تنقسم بحسب انتشار الملاريا إلى ثلاث مناطق، وهي المنطقة الصحراوية شبه الخالية من هذا الوباء، والمنطقة الوسطى التي تتأثر به غالبا في فترات الخريف، والمنطقة الساحلية التي يستوطنها البعوض ويتأثر سكانها بالملاريا في مختلف فصول العام.

ويشير خيري في حديث للجزيرة نت إلى تسجيل موريتانيا نحو 200 ألف إصابة جديدة بهذا المرض كل عام، وإن كان الرقم قد انخفض العام الماضي مسجلا 168 ألف حالة فقط.

مستشفيات مكتظة
وتواجه المستشفيات الموريتانية وضعا صعبا مع اقتراب موسم الخريف، حيث تكتظ بالمصابين بهذا الوباء الذي يبلغ ذروة انتشاره في الخريف، ويصل الأمر في المناطق النائية من البلاد إلى احتجاز المصابين تحت ظلال الأشجار وفي الساحات العمومية بسبب محدودية السعة الاستيعابية للمستشفيات وصعوبة المواصلات.

ويقول خيري إن ما بين 25% و45% من المعاينات والحجوزات داخل المستشفيات الموريتانية تعود لمصابين أو مشتبه في إصابتهم بالملاريا، ويشكل الأطفال جزءا معتبرا من تلك النسبة.

ويستقبل مستشفى الأمومة والطفولة بالعاصمة نواكشوط وحده يوميا ما بين 30 و40 حالة يشتبه في إصابتها بالملاريا من أصل نحو 100 تمثل طاقة الاستقبال اليومية لديه.

‪فاطمة ذات الثمانية أعوام جاءت من وسط البلاد لمستشفى الأمومة بنواكشوط‬ (الجزيرة)
‪فاطمة ذات الثمانية أعوام جاءت من وسط البلاد لمستشفى الأمومة بنواكشوط‬ (الجزيرة)

وفي المستشفى التقت الجزيرة نت بالسالمة بنت محمد، التي كانت قد وصلت للتو وهي تحمل صغيرتها فاطمة ذات الثمانية أعوام بعد أكثر من شهر من المعاناة القاسية في محافظة تكانت بوسط البلاد.

وتقول السالمة إن صغيرتها ومنذ ما يزيد عن شهر أصيبت بشكل مفاجئ بقيء وحمى شديدة وإرهاق وفقدان للشهية وضعف عام، وتم تشخيص حالتها في أحد المستشفيات الداخلية بالملاريا، ولكنها ما زالت مريضة رغم مكوثها في المستشفى وإجراء نقل دم لها واستخدامها كميات كبيرة من الأدوية، مما استدعى نقلها إلى العاصمة نواكشوط.

وأشارت السالمة إلى أنها المرة الأولى التي تزور فيها نواكشوط، فهي ولدت وعاشت وأنجبت في الريف، ولولا إصابة ابنتها بالملاريا لما قدمت إلى العاصمة حيث لا أهل لها ولا معيل، مطالبة الحكومة الموريتانية بتوفير العلاجات الضرورية لهذا الوباء في أماكن السكان الأصلية حتى لا يضطروا للمجيء إلى العاصمة.

ويقول القائمون على مركز الأمومة في نواكشوط إن المشكلة ليست في عدم توفر الأدوية بقدر ما هي في عدم انتظام المصابين في استخدام جرعاتها، وعدم التزامهم بالاحتياطات الوقائية من قبيل استعمال الناموسيات ورش المنازل بالمبيدات الضرورية.

المصدر : الجزيرة