الآثار الأردنية تحتضن ملايين الزوار.. فهل تشكل السياحة نفط الأردن؟

أيمن فضيلات-عمّان

من ساعات الصباح الباكر يستعد الشاب علي العياصرة (23 عاما) لاستقبال ضيوفه من دول العالم في مدينته الأثرية جرش، معتمرا شماغه الأحمر وحاملا بيده الصور التذكارية والمنتجات الخزفية.

وعلى أنغام "شبابته" يعزف العياصرة أجمل ألحان الترحيب بالزوار، ويتحدث مع السياح بلغاتهم، فقد تعلم الإنجليزية والإيطالية والألمانية وقليلا من الروسية، ويعرض لهم تاريخ أجداده الساكنين مدينة جرش قبل آلاف السنين.

يمتهن العياصرة ورفاقه عمل الدليل السياحي وبائع التحف والمطرزات الأردنية للسياح منذ عشرة أعوام، فقد كانت نشأتهم في منطقة الآثار، ويقضون يومهم متجولين فيها بين السياح، مما أتاح لهم تعلم اللغات والتحدث مع الزوار، وفق حديثه مع الجزيرة نت.

ارتفاع عائدات السياحة
أمام هذه الوفود السياحية، سجلت عائدات الأردن من الدخل السياحي ارتفاعا بنسبة 9.2% خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، مقارنة مع ذات الفترة من 2018، مسجلة 2.8 مليار دينار (3.9 مليارات دولار)، مقارنة مع 3.5 مليارات دولار لنفس الفترة من العام الماضي، وفق أرقام البنك المركزي الأردني.

السبب الرئيسي لهذا الارتفاع عزاه البنك المركزي إلى ارتفاع عدد السياح الكلي بنسبة 7%، وبلغ 3.6 ملايين سائح مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2018.

كما عزاه إلى ارتفاع السياحة الداخلية من خلال البرامج المقدمة من وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة، مثل برنامج "أردننا جنة" الذي شهد مشاركة ما يزيد عن 52 ألف سائح محلي.

‪وزارة السياحة حريصة على استمرار الاستثمارات السياحية‬ (الجزيرة)
‪وزارة السياحة حريصة على استمرار الاستثمارات السياحية‬ (الجزيرة)

حوافز للمستثمرين
في حديثها مع الجزيرة نت، أوضحت وزيرة السياحة والآثار مجد شويكة أن الوزارة حريصة على إدامة الاستثمارات السياحية القائمة وتذليل أي عقبات أمامها، وجذب استثمارات جديدة لهذا القطاع الحيوي.

وأضافت أنه تم منح المستثمرين في القطاع السياحي جملة من الحوافز والإعفاءات الجمركية لمدخلات الإنتاج، من أجل تحفيز الاستثمارات وزيادة التنافسية، وتخفيف كلف العمل، حتى تنعكس على المواطن الأردني.

ويرجع سبب ارتفاع النمو السياحي -وفق شويكة- إلى الطيران المنخفض التكاليف والطيران العارض، إضافة إلى تضافر جهود القطاع العام والخاص في ترويج السياحة الأردنية.

كما تحظى السياحة الدينية باهتمام كبير من قبل السياح القادمين إلى المملكة، خاصة الحج المسيحي، وذلك لوجود خمسة مواقع أردنية معتمدة من الفاتيكان كمواقع للحج المسيحي.

هذا بالإضافة إلى غنى الأردن بالمواقع التاريخية الإسلامية وأضرحة الصحابة ومواقع الغزوات الإسلامية، وهناك تشجيع للسياح العرب والمسلمين -خاصة من إندونيسيا وتركيا- لزيارة تلك المواقع في الأردن.

‪مطرزات شرقية ورسومات يحرص أرباب الأعمال السياحية على عرضها أمام الزوار‬ (الجزيرة)
‪مطرزات شرقية ورسومات يحرص أرباب الأعمال السياحية على عرضها أمام الزوار‬ (الجزيرة)

حدائق واستراحات
"الأردن يمثل متحفا تاريخيا متنوعا، تجد فيه الآثار الرومانية والبيزنطية والإسلامية وأضرحة الصحابة والمواقع التاريخية في كل مكان"، يقول الزائر الكويتي حمد الفهد للجزيرة نت.

ويضيف الفهد أثناء تنقله وعائلته بين أروقة مدينة جرش الأثرية، أن المناطق الأثرية بحاجة إلى عناية واهتمام من حيث الترميم والصيانة، وبحاجة إلى مرافق عامة مثل جلسات استراحات ومطاعم للزائرين، وحدائق فيها ألعاب للأطفال الذين لا يقدّرون قيمة الآثار أثناء التجول فيها.

يشار إلى أن العام الماضي شهد زيارة نحو خمسة ملايين سائح للأردن، مما أسهم في دخل سياحي تجاوز 3.5 مليارات دينار (4.9 مليار دولار) وبنسبة 12.4% من الناتج المحلي الإجمالي، موفرا قرابة 55 ألف فرصة عمل.

‪العام الماضي زار الأردن خمسة ملايين سائح‬  (الجزيرة)
‪العام الماضي زار الأردن خمسة ملايين سائح‬ (الجزيرة)

تعاون وتنسيق
أرجع الخبير السياحي شاهر حمدان أسباب ارتفاع الدخل السياحي إلى تعاون القطاع الخاص والحكومي في تسويق الأردن كوجهة سياحية مستقلة، لا كوجهة مشتركة مع دول الجوار كما كان متبعا خلال السنوات الماضية، إضافة إلى ما تتمتع به المملكة من حالة استقرار وتنوع سياحي قلما تجده في دول أخرى، وتحسن السياحة في دول المنطقة خاصة مصر.

ولجذب مزيد من السياح إلى الأردن، يقول حمدان إنه لا بد من فتح باب التأشيرات للجنسيات المقيدة خاصة المصرية، فهناك أقباط يقصدون السياحة الدينية والحج المسيحي.

ويتفق حمدان مع السائح الكويتي على ضرورة تفعيل السياحة الداخلية من خلال برامج مناسبة للأردنيين، وتأهيل المناطق السياحية خاصة في شمال المملكة (جرش وعجلون والأغوار) بالحدائق والمرافق العامة والمسابح ووسائل الترفيه المختلفة.

‪علي العياصرة يقدم شرحا للسياح عن آثار جرش‬ (الجزيرة)
‪علي العياصرة يقدم شرحا للسياح عن آثار جرش‬ (الجزيرة)

كما أشارت الوزيرة شويكة إلى وجود تحديات تواجه السياحة، كالنظافة والمرافق الصحية والنقل السياحي. ولمعالجة ذلك، تم طرح عطاء لإدارة وتشغيل نحو 220 مرفقا صحيا في 23 موقعا سياحيا، وتوفير وسائل نقل مريحة وحديثة.

القطاع السياحي يعتمد في عمليات ترويجه على التنوع السياحي وثرائه في الأردن، إذ يبلغ عدد المواقع التراثية نحو مئة ألف موقع سياحي، منها خمسة مواقع مسجلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، ومحميات طبيعية حصلت على جوائز عالمية. 

المصدر : الجزيرة