وداعا لمجانية التعليم والصحة.. مصر على أعتاب قرض جديد من صندوق النقد
محمد سيف الدين-القاهرة
مجددا تسعى الحكومة المصرية للاقتراض من صندوق النقد الدولي، بعد حصولها على قرض بقيمة 12 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الماضية، الذي استلزم إجراءات اقتصادية وصفتها الحكومة بالإصلاحات الضرورية، في حين اعتبرها معارضون عبئا إضافيا على الفقراء والطبقة المتوسطة.
وقال وزير المالية المصري محمد معيط -في تصريحات لمجلة "يورومني" الاقتصادية البريطانية نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي- إن بلاده بدأت محادثات جديدة مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة تمويلية جديدة، على أمل التوصل إلى اتفاق في مارس/آذار المقبل.
وتأتي هذه المباحثات في ظل مخاوف لدى المصريين من أن شروط القرض الجديد قد تأتي على حساب مجانية التعليم والصحة، وفق ما نقلته وسائل إعلام مؤخرا عن مصادر برلمانية، وصفتها بالمطلعة.
وحسب المصدر ذاته، فإن إلغاء مجانية التعليم بمراحله المختلفة سيكون بصورة تدريجية خلال السنوات المقبلة، بدعوى "عدم قدرة الدولة على تمويل مشروعات تطوير التعليم".
من جهته، لم يستبعد الصحفي المصري عمرو خليفة إقدام النظام المصري الحالي على مثل هذه الخطوة، موضحا في حديثه للجزيرة نت أن مخصصات الإنفاق على الصحة والتعليم انخفضت بالفعل في الموازنة الحالية 2019/2020؛ لتبلغ 3.3% من حجم الناتج المحلي الإجمالي البالغ 6.2 تريليونات جنيه، وذلك بالمخالفة للنسب التي نص عليها دستور 2014 المعمول به حاليا.
ووفقا لنص المادة 18 و19 من الدستور المصري، تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3%، والتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
ومنذ إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي، حررت مصر سعر صرف الجنيه ليبلغ 16.3 جنيها للدولار -وفق تعاملات اليوم الخميس- بعدما كان يساوي نحو ثمانية جنيهات.
وخفضت مصر الدعم عن المحروقات والمواد البترولية والكهرباء والغاز، فضلا عن بعض الخدمات؛ مما تسبب في ارتفاع معدلات الفقر، التي بلغت 32.5% لعام 2018، مقابل 27.8% في عام 2015، وفق تقديرات رسمية.
|
وأوضح أبو الخير في حديثه للجزيرة نت أن المجتمع المصري سينقسم لطبقتين: الأولى العليا، وهي التي تملك الأموال لتنفقها على التعليم والصحة والشهادة. والثانية الطبقة الفقيرة، التي سينتشر فيها الجهل بسبب عدم قدرتها، مما يدفعها أيضا لإجبار أطفالها على العمل في سن مبكرة من أجل مساعدتها في سد احتياجاتها المعيشية.
ووفق تقديرات رسمية، فإن متوسط الإنفاق الكلي السنوي للأسرة المصرية يصل لـ 51.4 ألف جنيه عام 2018، مقابل 36.7 ألف عام 2015، أي قبل قرار "تعويم الجنيه"، منها 25% يتم إنفاقها على الصحة والتعليم، في ظل أوضاع معيشية صعبة جراء الزيادات المتتالية التي أقرتها الحكومة في أسعار الوقود والكهرباء والمياه والخدمات الأساسية والسلع، وذلك استجابة لمطالب صندوق النقد.
وأشار عبد القادر في حديثه للجزيرة نت إلى أن المستشفيات الحكومية يتردد عليها سنويا نحو 70% من الشعب المصري، وجميعهم من محدودي الدخل والطبقة الفقيرة.
ومع إقرار قانون التأمين الصحي الجديد؛ أعرب عدد كبير من المهتمين بالشأن الطبي عن تخوفهم من قيام الحكومة بخصخصة المستشفيات الحكومية، حيث تساءل رئيس مركز الحق في الدواء محمد فؤاد عن مصدر تمويل المشروع الذي سينفق 150 مليار جنيه سنويا، رغم ضعف مخصصات وزارة الصحة.
ومؤخرا، بدأت وزارة الصحة تلقي طلبات المؤسسات الطبية الخاصة للتعاقد على تقديم الخدمات الطبية تحت مظلة نظام التأمين الشامل الجديد.
ووفقا لبيان لوزارة المالية الصادر في سبتمبر/أيلول الماضي؛ فإن الخزانة العامة للدولة تقدم ثلث التكلفة المقررة لتمويل نظام التأمين الصحي الشامل، والباقي من الاشتراكات ومصادر متنوعة (لم يحددها).
ويوضح عقدة في حديثه للجزيرة نت أن الاقتراض من الصندوق يعني مزيدا من رفع الدعم، وسيكون بشكل كامل عن كل الاتجاهات، مشيرا إلى أن اشتراطات صندوق النقد الدولي دائما تتكلم عن رفع الدعم، وفتح المجال بشكل أكبر للقطاع الخاص وتحجيم القطاع العام.
ولعل ذلك السبب الرئيسي وراء إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري طرح الشركات المملوكة للقوات المسلحة في البورصة المصرية، ودعوة المصريين للمساهمة فيها، حسب الخبير الاقتصادي.