تخزين الغذاء وسحب الأموال وارتفاع الأسعار.. إلى أين تتجه الأزمة اللبنانية؟

وسيم الزهيري-بيروت

يسود القلق شرائح واسعة من الشعب اللبناني بعد تنامي المخاوف من التداعيات السلبية للأزمة التي تشهدها البلاد، في ضوء الاحتجاجات الشعبية المتواصلة وتعذر تشكيل حكومة جديدة.

وبدت مؤشرات هذا القلق واضحة من النواحي الاقتصادية والمعيشية والمالية، وذلك في ظل جملة معطيات سلبية ولا سيما منها انخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي لدى محلات الصيرفة أو السوق الموازية، إذ بلغ الدولار الواحد 1800 ليرة لبنانية، فيما سعر الصرف الرسمي هو 1507 ليرات.

وفي وقت تشهد فيه الأسواق اللبنانية ارتفاعا في أسعار بعض السلع، سُجل تهافت للمواطنين على المحلات التجارية، حيث عمدوا إلى تخزين المواد الغذائية، بينما يبرز بين الحين والآخر نقص في المحروقات نتيجة الشح في الدولار الأميركي، كما أقدم البعض على سحب أموالهم من المصارف.

ارتفاع الأسعار
ورأى رئيس جمعية المستهلك زهير برّو أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد صعبة جدا، وأن هناك حالة تضخم، وقال إن هناك ارتفاعا في الأسعار في كل القطاعات.

ولفت إلى أن الناس تهافتت على المخازن كردة فعل، وأشار إلى تنامي القلق لدى المواطنين ولا سيما بعد تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي.

وأوضح برّو للجزيرة نت أن معظم المواد الغذائية والمعلبات والحبوب واللحوم والخضار ارتفعت أسعارها بنسب تراوحت بين 5% و27%، وأضاف أن هناك انعدام استقرار في الأسواق محذرا من ازدياد المخاطر في ظل تعذر تشكيل حكومة جديدة.

‪تسود الشارع اللبناني مخاوف من تراجع كبير للعملة المحلية مقابل الدولار الأميركي‬ (الجزيرة)
‪تسود الشارع اللبناني مخاوف من تراجع كبير للعملة المحلية مقابل الدولار الأميركي‬ (الجزيرة)

تطمينات رسمية
في ظل هذه الأوضاع، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن ما تشهده البلاد حاليا هو وضع استثنائي، ولفت إلى أن الأموال المدخرة في المنازل تساوي ثلاثة مليارات دولار.

وأعلن سلامة عن وضع آليات لحماية أموال المودعين تضمن أيضا عدم تعثر أي مصرف، وقال إن الهدف الأول هو الحفاظ على استقرار الليرة، وإن الإمكانيات متوفرة لذلك.

ولفت إلى أن المصارف تعتمد سعر الصرف الذي حدده المصرف المركزي، وطمأن سلامة بأنه تم اتخاذ إجراءات لحماية حقوق المودعين في المصارف كي لا يتحملوا أي خسارة.

وتعليقا على تصريحات حاكم مصرف لبنان، رأى برو أن هناك انتقالا إلى مرحلة جديدة تتلخص بعدم قدرة مصرف لبنان المركزي على الحفاظ على سعر استقرار الليرة، ولفت إلى وجود خوف لدى الناس لأن معظم الرواتب هي بالعملة المحلية مما سيؤدي إلى حالة تضخم غير معروف النتائج.

‪شهدت محطات المحروقات نقصا بسبب شح الدولار الأميركي‬ (الجزيرة)
‪شهدت محطات المحروقات نقصا بسبب شح الدولار الأميركي‬ (الجزيرة)

ضرورة تشكيل حكومة
من جهتها، اعتبرت الكاتبة المتخصصة في الشأن الاقتصادي محاسن مرسل أن طلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من المصارف إعادة دراسة التسهيلات المصرفية والإبراء بالليرة اللبنانية للمستحقات، جاء بعد أن توقفت هذه المصارف عن منح التسهيلات وما سببّه من صعوبات لعدد من الشركات دفعها إلى صرف موظفين لديها.

وقالت مرسل للجزيرة نت إن هناك قلقا لدى أصحاب الرساميل من الإجراءات المصرفية خاصة بعد التغيير المفاجئ في سعر صرف الليرة اللبنانية وفقدانها جزءا من قيمتها، وما تلا ذلك من أزمات في قطاعات المحروقات والأدوية والقمح، معتبرة أن رقابة الدولة الاقتصادية غائبة.

ورأت مرسل أن هلع الناس أمر طبيعي في مثل هذه الأوضاع المقلقة، وقالت إن أولى خطوات معالجة هذه الأزمات تبدأ بتشكيل حكومة يتمتع أعضاؤها بثقة الشارع اللبناني، واعتبرت أن ذلك كفيل بخفض الطلب على الدولار الأميركي واستعادة الليرة توازنها.

وأضافت أن على الحكومة المقبلة العمل على معالجة الاختلال في ميزان المدفوعات، ووقف النزف في المالية العامة، وتحفيز الآلة الاقتصادية مجددا.

المصدر : الجزيرة