عزوف عن الاستثمار في قطاع الشقق بالكويت.. تعرف على الأسباب

تخمة في الشقق السكنية المعروضة للإيجار / السالمية / الكويت
تخمة في الشقق السكنية المعروضة للإيجار بالكويت (الجزيرة نت)

محمد الحايك-الكويت

بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على تعليقه لافتة كبيرة تتحدث عن وجود شقق خالية للإيجار، لا تزال المساحات والوحدات الشاغرة في البناية التي يدير شؤونها الحارس أبو طارق في منطقة السالمية بمحافظة حولي في الكويت على حالها.

وعلى الرغم من بعض الإغراءات التي بادر مالك العمارة إلى تقديمها أكثر من مرة على غرار تحمّل فاتورتي الكهرباء والماء والتنازل عن إيجار الشهر الأول من تاريخ بدء سريان العقد، فإن شيئا لم يتغير، بحسب ما يؤكد الرجل الخمسيني.

يجزم أبو طارق، الذي يعمل في مجال حراسة العقارات منذ نحو عشرين عاما، بأن قطاع الشقق الاستثمارية في الكويت لم يشهد عزوفا وتباطؤا كالذي يشهده في الوقت الراهن، لافتا إلى أن مداولاته ونقاشاته اليومية مع أقرانه من الحراس في العمارات المجاورة تبين أن هناك أزمة حقيقية قد تعصف بهذا القطاع الحيوي في وقت قريب.

أبرز الأسباب
أسباب عدة تقف خلف هذه الأزمة، لعل أبرزها من وجهة نظر عماد حيدر نائب رئيس اتحاد وسطاء العقار تراجع أعداد الوافدين في ظل سياسات "التكويت" (إحلال المواطنين مكان الأجانب في الكثير من الوظائف الحكومية) التي تنتهجها الدولة، وهو ما دفع آلاف المغتربين وعائلاتهم إلى مغادرة البلاد والعودة إلى أوطانهم، أو البحث عن فرص عمل في دول أخرى.

تقرير مختص كشف أن عدد الشقق الشاغرة في البلاد بلغ نحو 49 ألفاكشف (الجزيرة)
تقرير مختص كشف أن عدد الشقق الشاغرة في البلاد بلغ نحو 49 ألفاكشف (الجزيرة)

أما السبب الثاني، بحسب ما يرى حيدر في تصريح للجزيرة نت، فيتمثل في بناء عشرات وربما مئات العمارات السكنية الجديدة، بالإضافة إلى ظهور مناطق استثمارية حديثة نسبيا خلال السنوات القليلة الماضية، منها على سبيل المثال صباح السالم والمهبولة.

ويتمحور السبب الثالث للأزمة حول شروع العديد من المواطنين الكويتيين في بناء شقق استثمارية في مناطق السكن الخاص بهدف تأجيرها والاستفادة من عوائدها، وهو ما أدى إلى زيادة المعروض مقابل تراجع الطلب بشكل لافت.

وأمام هذا الواقع الصعب، بات الملّاك والمطورون العقاريون في وضع لا يحسدون عليه. لكن هذا الأمر لا يعني وفق خبراء أنهم لا يملكون خيارات قد تساعدهم على تجاوز هذه المحنة.

على رأس هذه الخيارات -وفقما يشير إليه نائب رئيس اتحاد وسطاء العقار- مسارعة أصحاب البنايات إلى خفض الإيجارات من أجل الحفاظ على المستأجرين الموجودين في عماراتهم، بما يحول دون دفع هؤلاء إلى البحث عن شقق جديدة متوفرة بكثرة وبأسعار ومساحات ربما تكون أفضل.

عماد حيدر شدد أيضا على ضرورة وأهمية تغيير سياسات الدولة المتعلقة بكيفية تعديل التركيبة السكانية، فضلا عن إمكانية المضي قدما نحو السماح بفتح باب تملك الشقق أمام الوافدين.

بنايات جديدة قيد الإنشاء والتشطيب بمنطقة السالمية في الكويت(الجزيرة)
بنايات جديدة قيد الإنشاء والتشطيب بمنطقة السالمية في الكويت(الجزيرة)

وكان تقرير صادر عن اتحاد العقاريين الكويتيين كشف في وقت سابق أن عدد الشقق الشاغرة في البلاد يبلغ نحو 49 ألفا، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود ما يزيد عن 26 ألف شقة أخرى قيد الإنشاء، وبالتالي فإن السوق المحلي بحاجة إلى استيعاب نحو 75 ألف وحدة سكنية استثمارية خلال فترة تتراوح بين أربع وخمس سنوات فقط.

أقساط وقروض
اعتبر الخبير العقاري عبد العزيز الدغيشم أن خفض الإيجارات خطوة مطلوبة من قبل الملاك والمستثمرين من أجل المحافظة على مداخيلهم الشهرية والسنوية، لا سيما أن عليهم تسديد أقساط وقروض شهرية للمصارف، وهو ما لا يحتمل التأجيل نظرا لتبعاته وتداعياته الخطرة على مستقبل وسمعة التجار.

في المقابل، حذر الدغيشم، في تصريح للجزيرة نت، من مغبة لجوء الملاك وأصحاب البنايات إلى التأجير للشباب العزاب بهدف تعويض النقص الحاصل جراء ترك العائلات الوافدة الشقق في عماراتهم. واعتبر أن أضرار هذا الخيار أكبر من فوائده، "فالعزاب لا يحافظون على الوحدات المؤجرة كما تفعل العائلات، علاوة على أن وجودهم في البنايات نفسها التي تقطنها أسر كاملة يسبب إحراجا لهذه العائلات، وقد يدفعها نحو المغادرة لاعتبارات مرتبطة بالعادات والتقاليد الدينية والاجتماعية في بلداننا".

المصدر : الجزيرة