هل حققت حملة مقاطعة الفاكهة بمصر أهدافها؟

تجار الفاكهة اختلفوا حول الموقف من الحملة ومدى فاعليتها الصورة لأصناف من الفاكهة وهي خاصة للجزيرة نت
أسعار الفاكهة بمصر ارتفعت الضعف هذه السنة (الجزيرة نت)

عبد الرحمن محمد–القاهرة

مع اقتراب أسبوع حملة مقاطعة الفاكهة بمصر من نهايته، تباينت آراء مراقبين حول مدى نجاحها وتحقيق ما تطلع إليه داعموها من أهداف، وذلك بالتزامن مع انخفاض طفيف في الأسعار رآه البعض طبيعيا فيما اعتبره آخرون من ثمرات الحملة.

وكان نشطاء مصريون دشنوا مطلع الأسبوع الجاري حملة في مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة شراء الفواكه اعتبارا من السبت الماضي ولمدة أسبوع، بسبب ارتفاع أسعارها الكبير، واعتمدوا لذلك العديد من "الوسوم" لحث الناس على المشاركة في الحملة.

ولم تعلن جهة بعينها تبنيها إطلاق الدعوة للحملة التي حرصت وسائل إعلام محلية على تناولها باعتبارها حملة شعبية عفوية، إلا أن الترويج الإعلامي لها في تلك الوسائل وتأييدها من إعلاميين معروفين بدعمهم المطلق للسلطات بمصر -وفي مقدمتهم أحمد موسى- دفع مراقبين للتشكك في "عفوية" تلك الحملة.

وتختلف أسعار الفاكهة باختلاف أماكن بيعها، إلا أن هذه الأسعار على اختلافها ارتفعت بشكل واضح هذا الموسم عما كانت عليه في الموسم الماضي، قبل أن يشوبها انخفاض طفيف مع نهاية الأسبوع الجاري.

الارتفاع غير المسبوق بأسعار الفاكهة والذي تجاوز الضعف في بعضها قبل التراجع الأخير، أرجعه تجار وفلاحون إلى أسباب مختلفة، واعتبروا أن الحملة "ظالمة وغير منصفة" كونها تعود بالضرر الأكبر عليهم دون المتسبب الرئيسي في هذا الارتفاع.

أسباب مختلفة
ويرى تاجر الفاكهة بالجملة رضا الفيومي أن من أبرز تلك الأسباب ارتفاع أسعار الوقود الذي يعتمد عليه الفلاح في آلاته الزراعية والتاجر في نقل المحاصيل، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأسمدة والمخصبات والذي جاء بالتزامن مع ارتفاع كلفة اليد العاملة في الفلاحة.

ويلفت الفيومي في حديثه للجزيرة نت إلى أن تعرض عدد من محاصيل الفاكهة الرئيسية -وفي مقدمتها المانجا والمشمش- للآفات والأمراض، بخلاف ما كان عليه حال الأعوام الماضية، ودخول أصناف مختلفة من الفاكهة مرحلة نهاية الموسم، كان له دور رئيس في ارتفاع الأسعار المرصود.

وأبدى تاجر الفاكهة سعيد الجمال تفهمه للحملة ودوافعها وعدم استياءه ممن يقفون وراءها حتى إن تسببت في الضرر له، ورأى أن الحملة لاقت قبولا في الشارع المصري قلل من حجم شراء الفاكهة.

في المقابل، عبّر تاجر الفاكهة أبو المكارم عن غضبه ورفضه للحملة، متهما الداعين لها باختلال البوصلة، على حد تعبيره.

واعتبر أن ضعف الإقبال على شراء الفاكهة سبق الحملة بأسابيع، وهو نتاج طبيعي لتردي الأحوال المعيشية للمواطنين. 

(الجزيرة)
(الجزيرة)

ويعتقد نقيب الفلاحين السابق عبد الرحمن شكري أن هذه الحملة "مشبوهة" يقف وراءها رجال أعمال يعتمدون على الاستيراد والتصدير، وهي في تقديره تأتي في إطار حملة ممنهجة تستهدف المنتجات المصرية بقصد القضاء عليها، مستغلين الأزمة التي يشهدها الواقع المصري.

ويقول في حديثه للجزيرة نت إن الظروف المناخية التي تمر بها مصر هذا العام لم تساعد على توفير محصول جيد من قبل الفلاح، فضلا عن تعمد الحكومة التهاون في الرقابة على سوق المبيدات والمخصبات مما أدى إلى أن يمتلئ السوق بمنتجات فاسدة أضرت بالمحاصيل.

فئات مظلومة
وعبر نقيب الفلاحين السابق عن أسفه من الضرر المتوقع أن ينزل بالفلاحين والتجار، ممن يرى أنهم لا يتحملون مسؤولية ارتفاع أسعار الفاكهة.

وذهب إلى أنه كان الأولى بمن يريد الضغط في مواجهة هذا الغلاء أن يستهدف وزارة الزراعة والجمعيات التابعة لها وما ينخر فيهما من فساد.

وكانت جمعية "مواطنون ضد الغلاء" قد أعلنت تضامنها مع حملة المقاطعة فور الإعلان عنها، واعتبرها رئيس الجمعية محمود العسقلاني "قرصة أذن" للتجار الذين يغالون في رفع الأسعار أكثر من اللازم، مطالبا الحكومة بتشديد الرقابة على الأسواق وتحديد هامش ربح للتجار بدلا من ترك الأمر لهم.

بدوره، يلفت الإعلامي المتخصص في الشأن الزراعي جلال جادو إلى أن هذه الحملة جاءت مع اقتراب عيد الفلاح الذي يصادف التاسع من هذا الشهر.

 ولم يستبعد وقوف جهات سيادية وراء هذه الحملة في إطار سياسة الإلهاء وتحويل الانتباه عن المسؤول الأساسي عن الأزمة.

ويرى في حديثه للجزيرة نت أن الحملة رغم ما يظهر من كونها شعبية فإنها ليست في المسار الصحيح، كونها تستهدف فئة بلغت الحد الأقصى من التضرر.

كما لم يستبعد جادوا أن يلجأ النظام لمزيد من الاستيراد، بعد أن بلغت كلفة ما استوردته مصر خلال الشهور الأربعة الماضية من الخضروات والفواكه 196 مليون دولار.

لكنه يرى أن الحملة لن يكون لها تأثير كبير، في ظل ضعف القوة الشرائية عند المصريين وتراجع حجم مشتريات الفرد من الفاكهة خلال العام الحالي بسبب وصول الأسعار إلى حد لا يتناسب مع دخل المواطن.

المصدر : الجزيرة