من المسؤول عن تدهور القطاع السمكي بمصر؟

نسبة الإقبال على السمك بعد ارتفاع أسعاره انخفضت إلى أقل من 50% عما كانت عليه في السابق الصور من أحد أكبر مراكز التسوق بالقاهرة
مسؤولون برروا ارتفاع أسعار السمك بتعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار (الجزيرة)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

احتفت وسائل إعلام محلية في مصر بما اعتبرته نجاحا لحملة مقاطعة السمك بعد ارتفاع أسعاره، عبر تسليط الضوء على ما أصاب سوقه من ركود في أغلب المحافظات، الأمر الذي أدى إلى انخفاض طفيف في أسعار بعض أنواع السمك، دون معالجة واضحة لأزمة الارتفاع الكبير في أسعار أصنافه المختلفة.

وارتفعت أسعار السمك بصورة ملحوظة مؤخرا، حيث بلغ سعر البلطي 34 جنيها (دولاران) بعدما كان 15 جنيها، والبوري 50 جنيها بعدما كان 24 جنيها، والجمبري 180 جنيها بعدما كان 140 جنيها. كما شمل الارتفاع باقي الأنواع.

وبينما برر مسؤولون هذا الارتفاع بقرار تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار، رأى مراقبون أن اقتحام الجيش قطاع الثروة السمكية بتأسيسه "الشركة الوطنية للاستزراع السمكي والأحياء المائية" برئاسة عضو المجلس العسكري السابق اللواء حمدي بدين، له دور رئيسي في تدهور القطاع وارتباك سوق السمك.

وحسبما أفاد به المسؤول عن بيع السمك في أحد أكبر مراكز التسوق بالقاهرة للجزيرة نت، فقد انخفضت نسبة الإقبال على شراء السمك إلى أقل من 50% عما كانت عليه في السابق.

ويكشف الحاج سعيد حمدان الذي يملك مزرعة سمكية أن كميات الأسماك التي تخرج من تحت يد الصيادين قلت بنسبة تقارب 70%، منذ دخول الجيش في المنافسة على هذا القطاع ووضع يده على كل المصادر التي تأتي منها الأسماك.

‪الإقبال على شراء السمك انخفض إلى أقل من 50% بسبب ارتفاع أسعاره‬ (الجزيرة)
‪الإقبال على شراء السمك انخفض إلى أقل من 50% بسبب ارتفاع أسعاره‬ (الجزيرة)

سيطرة وتعجيز
واستشهد حمدان في حديثه للجزيرة نت بإحكام الجيش سيطرته على بحيرة البردويل في بورسعيد، التي تعد من أغنى بحيرات مصر، وكانت تغطي الكثير من احتياجات السوق المصرية، مشيرا إلى أن الجيش فرض رسوما تعجيزية على الصيد فيها، كما يتحكم في أنواع وكميات الأسماك التي يتم صيدها من البحيرة.

ولفت إلى أنه بعد تدخل الجيش، تضاعفت الرسوم أربع مرات كما استحدثت رسوم جديدة لنقل السمك، وارتفع سعر قبضة الزريعة (الطعم) من 20 جنيها (دولار واحد) إلى 300 جنيه، كما ارتفع سعر طن العلف المستخدم في المزارع من ألف جنيه إلى تسعة آلاف.

ويرى حمدان أنه في حال استمرار الوضع بهذه الصورة فلن يبقى تجار للسمك في مصر، لافتا إلى أن كثيرا منهم صفَى تجارته بالفعل.

إضعاف وتفرد
وفي هذا السياق، اعتبر أستاذ الاقتصاد الزراعي والخبير بمجال الاستزراع السمكي عبد التواب بركات أن تدخل الجيش وسعيه للسيطرة على القطاع السمكي أحد أهم أسباب تدهوره وما يشهده السوق من ارتفاع في أسعار السمك.

بركات: سعي الجيش للسيطرة على القطاع السمكي أهم أسباب تدهوره (الجزيرة)
بركات: سعي الجيش للسيطرة على القطاع السمكي أهم أسباب تدهوره (الجزيرة)

ويشير بركات في حديثه للجزيرة نت إلى أنه رغم افتقار قادة الجيش إلى الخبرة الفنية الإدارية اللازمة في مجال الاستزراع السمكي، فإن فجوة الاستهلاك أسالت لعابه للاستثمار والربح، كاشفا أن إضعاف الجيش لعمل الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية وتفرده بالإشراف على مشروعات الاستزراع السمكي والبحيرات زاد من تدهور القطاع.

وأشار إلى أن وزارة التخطيط خفضت ميزانية الهيئة من 160 مليون جنيه (6.6 ملايين دولار) بموازنة 2016/2015، إلى 38 مليونا في موازنة العام الحالي رغم طلب الهيئة 438 مليونا، وهو ما أصاب أداءها بالشلل، وانعكس سلبا على تنمية المصايد وإنتاج الصيادين.

ولفت بركات إلى أن تدخل الجيش اضطر كثيرا من الصيادين إلى الصيد في مياه إقليمية تابعة لدول أخرى، مما أدى إلى غرق بعضهم والقبض على آخرين، مشيرا كذلك إلى وجود عمليات تصدير ضخمة تبرأت وزارة الزراعة من المسؤولية عنها، مما يشير إلى تبعيتها للجيش الذي يهدف إلى الاستفادة من عوائدها الدولارية.

ويرى بركات أن دعوات المقاطعة التي تدعمها وسائل إعلام محلية ستؤدي إلى المزيد من تدمير الثورة السمكية لكونها تحارب المنتج لا التاجر، ولم يستبعد أن تكون تلك الدعوات مفتعلة بهدف التمهيد لاحتكار السوق من قبل الجيش.

المصدر : الجزيرة