تحديات إدماج اللاجئين بسوق العمل الألمانية

أحد المراكز المعنية بإدماج اللاجئين في ألمانيا
أحد المراكز المعنية بإدماج اللاجئين في ألمانيا (الجزيرة)

دارا عبد الله-برلين

من المحتمل أن يبلغ عدد اللاجئين الذين دخلوا ألمانيا منذ عامين وحتى الآن حسب تصريحات المسؤولين الألمان حوالي ثمانمئة ألف لاجئ، ويشكل السوريون النسبة العظمى من اللاجئين، حيث يبلغ عددهم أربعة ملايين وفق المفوضية العليا للاجئين للأمم المتحدة.

وفي ظل غياب الدعم الإقليمي العربي الجدي لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية المستعصية يتجه هؤلاء اللاجئون إلى دول أوروبا مخاطرين بحياتهم عبر البحار طمعا في مستقبل أفضل، وفرص عمل لهم ولأولادهم تحقق لهم العيش الكريم، ويوجد أكثر هؤلاء اللاجئين في ألمانيا.

وقال رئيس وكالة التوظيف الألمانية فرانك يورغن فيز إن أغلب اللاجئين السوريين في بلاده يتمتعون بمستوى جيد من التعليم، وسيساهمون في سد العجز ببعض الوظائف في البلاد.

اللغة الألمانية
ويشير مراقبون ومحللون إلى أن الشهادات الجامعية التي يحوزها اللاجئون السوريون تؤهلهم لدخول سوق العمل الألمانية بسرعة ويصبحون بالتالي فاعلين في الدورة الاقتصادية للبلاد. إلا أن أهم عائق لاندماج الأجانب عموما والسوريين خصوصا في المجتمع الألماني هو عدم إتقان اللغة الألمانية.

‪لاجئون يتعلمون اللغة الألمانية‬ (الجزيرة)
‪لاجئون يتعلمون اللغة الألمانية‬ (الجزيرة)

وصرحت وزيرة العمل الألمانية أندريا نالس بأن "هناك حاجة لـ180 مليون يورو (204 ملايين دولار) إضافية في عام 2016 لإقامة دورات تعلم اللغة الألمانية، وهي ضرورية للتوظيف بالنسبة للاجئين".

وأكدت نالس أنها تعتزم تخصيص مبلغ يتراوح بين ستمئة مليون يورو (680 مليون دولار) إلى 1.1 مليار يورو (1.2 مليار دولار) من أجل إدماج اللاجئين الجدد في سوق العمل الألمانية. وجاء تصريح الوزيرة في جلسة برلمانية عقدت في العاشر من الشهر الجاري من أجل مناقشة موازنة ٢٠١٦.

دعوة ميركل
وقد أوصت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل برلمان بلادها قائلة "من يأتون إلينا طالبين لجوءا أو لاجئين من الحرب يحتاجون إلى مساعدتنا حتى يتسنى لهم الاندماج سريعا، وسيكون من الضروري مساعدة مثل هؤلاء الأشخاص على تعلم الألمانية بسرعة، والعثور على وظيفة عمل".

وأضافت ميركل أن الكثير منهم سيصبحون مواطنين ألمانيين جددا، و"ينبغي أن نتعلم من تجارب الستينيات في الهجرة العمالية الكبرى، وألا نكرر أخطاءنا، علينا أن نجعل الاندماج السريع للاجئين على رأس أولوياتنا".

ويقول فرهاد أحمي عضو بلدية برلين السابق والناشط في حزب الخضر إن ألمانيا تتوفر على ٥٧٤ ألف وظيفة شاغرة، إلى جانب وجود أكثر من أربعين ألف وظيفة شاغرة في المدارس المهنية، وهذه المدارس ترفد السوق الألمانية بالحرفيين المختصين.

وقد سمحت حكومة برلين للاجئين بالعمل بعد مضي ثلاثة أشهر من دخولهم البلاد، في حين أطلقت شركات كبيرة مثل سيمنس وتيليكوم برامج محدودة لتأهيل وتشغيل القادمين الجدد.

غير كاف
لكن تبقى هذه الإجراءات غير كافية إذا لم تهدف إلى دمج اللاجئين بشكل فعلي في المجتمع على المديين المتوسط والبعيد. ويشدد أحمي على أنه ليس كل اللاجئين السوريين من حملة الشهادات العلمية، أو يتقنون مهنا محددة، ويضيف المتحدث أنه على الرغم من الحديث عن العدد الكبير للأطباء السوريين مثلا فإن الأرقام الرسمية تقول إن من بين كل الذين قدموا حديثا إلى ولاية برلين كان هناك فقط 23 طبيبا فقط.

وفي الجانب الآخر، هناك أكثر من عشرين ألف شخص من اللاجئين الجدد لا يتقنون الكتابة والقراءة بأي لغة.

يذكر أن ألمانيا الغربية كانت قد شجعت في العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية على الهجرة كسبيل للتعامل مع نقص العمالة، لكنها وصفت من وصلوا إليها من دول مثل تركيا وإيطاليا واليونان بأنهم عمالة زائرة، وكأنهم سيعودون إلى بلدانهم بمجرد انتهاء العمل.

المصدر : الجزيرة