ارتفاع سلبي لاحتياطي النقد بمصر

صورة البنك المركزي المصري
زيادة الاحتياطي تشجع البنك المركزي المصري على ضخ سيولة دولارية في السوق (الجزيرة)

عبد الحافظ الصاوي

في نهاية السبعينيات من القرن العشرين وقف رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب المصري ليقول أثناء مناقشة الموازنة، إن هناك فائضا في الموازنة. وكان الرجل صادقًا، لكن الأزمة أن هذا الفائض كان نتيجة توسع مصر في الاقتراض من الخارج، ليترك السادات مصر في أوائل الثمانينيات مدينة بنحو عشرين مليار دولار.

المشهد يتكرر في أيامنا هذه، حيث خرج هشام رامز محافظ البنك المركزي المصري، ليعلن عبر وسائل الإعلام عن وصول احتياطي النقد الأجنبي إلى ما يزيد على عشرين مليار دولار بنهاية أبريل/نيسان الجاري، وذلك بعد حصول مصر على ودائع خليجية بنحو ستة مليارات دولار وبسعر فائدة 2.5%، ولا توجد فترات سماح لا من حيث السداد أو احتساب سعر الفائدة.

إلا أن محافظ البنك المركزي كان شديد التفاؤل من خلال تصريحه لوسائل الإعلام بإمكانية وصول إيرادات النقد الأجنبي في البنوك المصرية لما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير، في وقت قصير جدًا.

الودائع الخليجية
الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي مصطفى عبد السلام صرح للجزيرة نت بأن الودائع الخليجية الأخيرة التي وصلت مصر مؤخرًا بقيمة ستة مليارات دولار سيكون لها أثر ملموس في زيادة الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري، وتعويض التراجعات في موارد البلاد من النقد الأجنبي خاصة من قطاعات رئيسة كالصادرات والسياحة والاستثمارات الخارجية وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.

ويضيف عبد السلام بأن زيادة الاحتياطي من خلال الودائع الخليجية ستنعكس في النهاية على سوق الصرف المحلي وستوقف النزيف في قيمة العملة المحلية وتدعم سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وكذا تؤدي إلى تحسين تصنيف مصر الائتماني، لأن الاحتياطي سيغطي في هذه الحالة أربعة شهور من واردات البلاد السلعية.

عبد السلام: زيادة الاحتياطي قد تشجع البنك المركزي على ضخ سيولة دولارية في السوق (الجزيرة نت) 
عبد السلام: زيادة الاحتياطي قد تشجع البنك المركزي على ضخ سيولة دولارية في السوق (الجزيرة نت) 

ويبين عبد السلام أن زيادة قيمة الاحتياطي قد تشجع البنك المركزي المصري على ضخ سيولة دولارية في السوق وتلبية احتياجات المستوردين المعلقة لدى القطاع المصرفي والتي يقدرها البعض بنحو 1.5 مليار دولار عجزت البنوك عن تدبيرها للتجار.

لكن عبد السلام يتخوف من كون الودائع الخليجية سترفع قيمة الاحتياطي لدى البنك المركزي لأكثر من عشرين مليار دولار، حسب تصريحات هشام رامز، إلا أنها ستزيد في المقابل ديون مصر الخارجية لأكثر من 46 مليار دولار، حسب أرقام البنك المركزي.

وبحسب رأي عبد السلام، فإن الودائع الخليجية تصب في النهاية لصالح الاقتصاد المصري على المدى القريب، إلا أنها ليست في صالحه على المدى المتوسط والبعيد. فمن ناحية تركيبة الاحتياطي يوجد معظمها على شكل ديون مستحقة على مصر لدول عدة، منها مليار دولار لتركيا ومليارا دولار لليبيا و11 مليار دولار لدول الخليج الثلاثة: السعودية والإمارات والكويت.

ارتفاع سلبي
الخبير الاقتصادي محمد رمضان يشارك محافظ البنك المركزي بشأن تحسن أوضاع احتياطي البنك المركزي، وكذلك عودة إيرادات النقد الأجنبي في البنوك إلى ما كانت عليه قبل الثورة، لكنه أوضح للجزيرة نت أن هذا الأمر لن يتحقق في الوقت الحالي، وإنما في ظل تحرك عجلة النشاط الاقتصادي في مصر، وخاصة في قطاع السياحة، وتدفق الاستثمارات الأجنبية التي أعلن عنها في مؤتمر شرم الشيخ.

وبسؤال رمضان عن رأيه بخصوص ارتفاع احتياطي النقد من خلال الودائع الخليجية، أجاب أنه ارتفاع سلبي وليس إيجابيا، بسبب أن هذه الزيادة لم تتحقق من موارد ذاتية، وهي أقرب للديون منها للودائع، لكنه أضاف أن الاقتصاد المصري في مرحلة استثنائية، ولا يمكن أن يترك الاحتياطي ينهار بحجة عدم الاقتراض.

ويؤكد رمضان على أن الاقتراض من الخارج تمارسه جميع الدول، حتى تلك التي في وضع أفضل اقتصاديًا من مصر، وتبقى قضية كيفية إدارة القروض، وهو ما يجب على الحكومة المصرية إيضاحه بشكل شفاف، حتى لا تكون هذه القروض عبئا على الأجيال القادمة.

المصدر : الجزيرة