الإضرابات بتونس بين التأييد والرفض

المجلس التأسيسي يتجه لتنظيم الإضرابات حتى لا تعطلّ المصالح العامّة
undefined

خميس بن بريك- تونس

اتّسعت رقعة الجدل في تونس بشأن إضرابات العمّال بين أطراف ترى أنها ساهمت في تدهور الوضع الأمني وبروز خطر الإرهاب فضلا عن تراجع نموّ الاقتصاد، وبين أطراف أخرى تعتبر الإضرابات حقا شرعيا يهدف إلى تحسين أوضاع العمّال في ظلّ ارتفاع الأسعار.

زعيم حزب حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم راشد الغنوشي صرّح لوسائل الإعلام بأنّ الإضرابات ساهمت بشكل غير مباشر في انتشار ظاهرة الإرهاب في تونس وتعطيل برامج التنمية التي بقيت نسب إنجازها في المناطق الفقيرة متدنية، وفق قوله.

دغمان: كثرة الإضرابات أصبحت تشكل
دغمان: كثرة الإضرابات أصبحت تشكل "خطرا" على أمن البلاد (الجزيرة نت)

هذه التصريحات جاءت في أعقاب تسجيل إصابات خطيرة في صفوف قوات الأمن والجيش إثر انفجار أربعة ألغام يعتقد أنّ "مسلحين موالين للقاعدة" قاموا بزرعها في جبل الشعانبي الواقع بمحافظة القصرين المحاذية للجزائر.

مخاطر أمنية
الغنوشي اعتبر أنّ ظاهرة الإرهاب والتطرّف الديني تنشأ وتنمو بالمناطق الفقيرة والمحرومة التي تعاني من التهميش وغياب التنمية، قائلا إنّ تعطيل الاستثمارات بسبب الإضرابات "عامل من عوامل نشأة الإرهاب".

هذا الرأي تبناه عضو مجلس الشورى بحركة النهضة الفرجاني دغمان، مؤكدا للجزيرة نت أنّ كثرة الإضرابات أصبحت تشكل "خطرا" على أمن البلاد بسبب ارتفاع بؤر التوتر وتعطيل الإنتاج والتنمية، وفق قوله.

ويرى أنّ ارتفاع الإضرابات التي شملت مختلف المجالات عمّقت معاناة قوات الأمن وخاصة الجيش بسبب استنزاف جهوده في عمليات حفظ الأمن بدلا من تركيزه على حماية الحدود، وفق تعبيره.

وعبّر كثيرون من التونسيين عن تذمّرهم من كثرة الإضرابات والاعتصامات التي يعمد خلالها بعض المتظاهرين لقطع الطرق وسكك الحديد وتعطيل الإنتاج، وهو ما أزعج المستثمرين ودفع بعضهم لغلق مصانعه.

وبسبب الإضرابات سجل إنتاج الفوسفات -التي تحتل تونس المراتب الأولى عالميا في تصديره- هبوطا حادا بنسبة 70%  بين سنتي 2011 و2012. وبلغت خسائر شركة فوسفات قفصة حوالي 1.2 مليار دولار في تلك الفترة.

ويقول دغمان إنّ الإضرابات تخرّب الاقتصاد وتعطل الإنتاج وتبعث برسائل سلبية للمستثمرين، مؤكدا أن الكثير من الإضرابات "تخفت" وراء غطاء نقابي لكن عنوانها الحقيقي "سياسي بامتياز".

واستغرب من تصاعد الإضرابات رغم توقيع العقد الاجتماعي بين الحكومة واتحاد الشغل واتحاد أرباب الأعمال، الذي يهدف إلى إرساء مناخ من الاستقرار بحلّ المسائل الخلافية بالحوار والتفاوض.

المباركي أدان الخلط بين انتشار الإرهاب والإضرابات (الجزيرة نت)
المباركي أدان الخلط بين انتشار الإرهاب والإضرابات (الجزيرة نت)

ووفقا لإحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية ارتفع عدد الإضرابات خلال الربع الأول من هذا العام بنسبة 14% مقارنة بنفس الفترة من عام 2012. وتمّ تسجيل 126 إضرابا منهم 75 إضرابا قانونيا فقط.

تملّص من المسؤولية
لكن النقابات العمالية والمعارضة لا تتفق مع الخلط بين انتشار ظاهرة الإرهاب وتفاقم الإضرابات. وزعيم حزب العمال اليساري حمّة الهمامي قال للجزيرة نت إن الحكومة الحالية "تحاول إلقاء فشلها على شماعة الإضرابات".

وحمّل الحكومة مسؤولية توتر الوضع الأمني وتراجع التنمية، مؤكدا أنها "تسعى للتملص من مسؤوليتها وإلقاء التهم على النقابات والعمال والمعطلين عن العمل والفقراء والمساواة بينهم وبين إرهابيين يقتلون رجال الأمن".

من جهته أدان بو علي المباركي الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل -أكبر منظمة نقابية- الخلط بين انتشار الإرهاب والإضرابات التي تطالب بتحسين أوضاع العمال المادية والمهنية في ظلّ ارتفاع الأسعار.

وأوضح أنّ اتّحاد الشغل لا يلجأ إلى الإضرابات إلا كآخر خيار لتحقيق مطالب العمال "التي يتمّ التنكر لها سواء من الحكومة أو القطاع الخاص" مضيفا أنّ الإضراب حقّ نقابي مشروع يضمنه القانون.

المصدر : الجزيرة