ضعف أركان الاقتصاد العالمي

A view of the floor of the New York Stock Exchange, Tuesday 09 December 2003.
undefined

بعد تعرضه لأزمة الدين الأوروبي عقب سنوات من الأزمة المالية العالمية، يواجه الاقتصاد العالمي هبوط النمو بالدول الرئيسية في العالم، مما يضعف أركانه.

فاقتصاد الولايات المتحدة -وهو الأكبر في العالم- يعاني من ضعف في نمو سوق الوظائف للشهر الثالث على التوالي. أما اقتصادات آسيا والهند والبرازيل فتعاني أيضا من ضعف في النمو.

وأدت المخاوف من هبوط الاقتصاد العالمي إلى تدافع المستثمرين نحو الاستثمارات الآمنة خاصة السندات الأميركية والألمانية.

ونتيجة لذلك هبطت العائدات على سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات إلى أدنى مستوى على الإطلاق لتصل إلى 1.46%، بينما هبطت نظيرتها الألمانية إلى 1.17%.

ويخشى المستثمرون في أوروبا من احتمال رفض الناخبين اليونانيين في 17 يونيو/حزيران الجاري شروط حزمة الإنقاذ المقدمة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي وقوامها 170 مليار دولار.

وقد يؤدي مثل هذا الرفض إلى اضطراب مالي واقتصادي بسبب ما يستتبعه ذلك من انسحاب اليونان من اليورو، وتحويل القروض الأوروبية لليونان إلى دراخما (العملة اليونانية) بسعر صرف لم يعرف بعد.

المشكلة تتعدى اليونان
لكن مشكلة الاقتصاد العالمي تتعدى اليونان. ففي الشهر الماضي زاد عدد الوظائف بالولايات المتحدة 69 ألفا فقط. وبعد أن كان معدل الزيادة 252 ألفا شهريا ما بين ديسمبر/كانون الأول وفبراير/شباط، تباطأ ليصل إلى 96 ألفا شهريا.

يخشى المستثمرون في أوروبا من احتمال رفض الناخبين اليونانيين في 17 يونيو/حزيران الجاري شروط حزمة الإنقاذ المقدمة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي وقوامها 170 مليار دولار

وبعد إصدار الحكومة الأميركية للأرقام الجديدة لمايو/أيار يوم الجمعة الماضي هبط مؤشر داوجونز 275 نقطة، وهي أكبر خسارة له منذ نوفمبر/تشرين الثاني. وهبط المؤشر 0.8% هذا العام.

وتفيد الأرقام بأن الاقتصاد الأميركي يعاني من هبوط في منتصف العام، كما حدث في 2010 و 2011. وقد ارتفع معدل البطالة إلى 8.2% في الشهر الماضي من 8.1 في أبريل/نيسان.

وفي الربع الأول من العام الحالي، حقق الاقتصاد الأميركي نموا وصل إلى 1.9%. ويعتبر هذا المعدل ضعيفا بعد انتهاء الركود بصورة رسمية في يونيو/حزيران 2009. ومنذ ذلك الحين كان من الصعب زيادة عدد الوظائف أو خفض معدل البطالة. وفي الظروف العادية التي أعقبت فترات الركود السابقة كان معدل البطالة لا يزيد على 6%.

وبالرغم من ذلك، فقد سجلت قطاعات اقتصادية أرقاما إيجابية، مثل قطاع المساكن وصناعة السيارات والإنتاج الصناعي وإنفاق المستهلكين.

لكن بسبب ضخامة الاقتصاد الأميركي فإن أي ضعف أكبر سوف يزيد تباطؤ اقتصادات أوروبا وآسيا التي تعتمد على التصدير للولايات المتحدة.

منطقة اليورو
ففي منطقة اليورو -التي تشمل 17 عضوا- يصل معدل البطالة إلى 11% وهو الأعلى منذ إصدار اليوور بصورة رسمية عام 1999، بينما تكافح اليونان وإيرلندا والبرتغال حتى بعد حصولها على حزم إنقاذ.

أما وصفة الشفاء للأزمة فقد كان تطبيق سياسات تقشف. لكن هذه السياسات وزيادة الضرائب أدت إلى انكماش اقتصادات منطقة اليورو.

وفي تحذير مباشر صدر الأسبوع الماضي، قال رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي إن الاتحاد النقدي الأوروبي لن يستطيع الاستمرار بدون تقوية التعاون المالي بين دول المنطقة.

وهناك مخاوف من أن تتخلى اليونان عن اليورو، بينما تضطر إسبانيا والبرتغال إلى أن تحذو حذوها، مما سينشر الاضطراب في أوروبا.

وفي نفس الوقت، تواجه إسبانيا ارتفاعا في كلفة القروض بسبب خوف المستثمرين من أنها لن تستطيع تسديد ديونها. وتعاني إسبانيا من ارتفاع في معدل البطالة وصل إلى 24.4%، ووصل المعدل بين الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة إلى 51.5%.

آسيا وأميركا الجنوبية
ومنذ انتهاء الركود العالمي في 2009، دفعت الاقتصادَ العالمي قوى صاعدة من الاقتصادات الناشئة، تقودها الصين والهند والبرازيل. لكن هذه الاقتصادات تعاني حاليا من عدة مشكلات. فقد سجل قطاع الإنتاج الصناعي في الصين ضعفا في الشهر الماضي. وأفاد تقرير صدر يوم الجمعة الماضي بأن إنتاج المصانع كان الأضعف في ثلاثة أشهر.

إنتاج المصانع بالصين كان الأضعف في ثلاثة أشهر (الأوروبية)
إنتاج المصانع بالصين كان الأضعف في ثلاثة أشهر (الأوروبية)

ويقول اقتصاديون إن الاقتصاد الصيني سوف يتباطأ إلى 8% في الربع الثاني.

وبالمقاييس الغربية يعتبر هذا المعدل عاليا، لكنه الأضعف بالنسبة للصين في ثلاث سنوات، مما دفع الحكومة الصينية لتطبيق برنامج للحفز.

يأتي ذلك بعد أن سجل الاقتصاد الصيني نموا بلغ 10.4% في 2010 و9.2% في 2011، واستطاع دفع الاقتصاد العالمي في العامين الماضيين، بحيث اعتمدت أستراليا ودول آسيوية أخرى على السوق الصينية لتصريف صادراتها.

أما الهند فتعاني حاليا من تباطؤ أعمق. وقد سجل اقتصادها نموا بنسبة 5.3% في الربع الأول، وهو الأبطأ في تسع سنوات.

كما انخفض إنتاج المصانع. وارتفع معدل التضخم إلى 9.2% منذ 2010.

وإلى عهد قريب، كان السياسيون الهنود يدّعون أن اقتصادهم سوف ينافس اقتصاد الصين لينتشل الملايين من الفقر. لكن أداء اقتصاد الهند -وهو ثالث أكبر اقتصاد في آسيا- يعتبر حاليا أقل من الطبيعي.

وفي آسيا أيضا، نما الاقتصاد الياباني بمعدل 4.1% في الربع الأول من العام الحالي، لكن عوامل إضعافه لا تزال هناك. ومنها هبوط طلب أوروبا على الصادرات اليابانية، مما يثير مخاوف من أن يتباطأ أو حتى أن يتوقف الاقتصاد الياباني عن النمو.

وفي أميركا اللاتينية، نما الاقتصاد البرازيلي بمعدل 0.2% في الربع الأول من العام الحالي بالمقارنة مع الربع الذي سبقه. وكان المعدل أقل من توقعات بنموه بنسبة 0.5%، فيما ينسب المسؤولون البرازيليون ذلك إلى ضعف السوق الأوروبية.

المصدر : أسوشيتد برس