هل يغني الغاز أميركا عن واردات النفط؟

epa03163520 (12/20) A gas pipeline juts from the landscape at a farm outside
undefined

يبدو أن اكتشافات الغاز الطبيعي الضخمة بالولايات المتحدة واستخدام التكنولوجيا الحديثة باستخراجه بدأت تقنع الكثير من الأميركيين بالتحول إلى الغاز الطبيعي كأحد مصادر الطاقة الرئيسية، حتى إن البعض ينادي بالاستغناء عن نفط الشرق الأوسط.

وقالت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية في تحليل إن الغاز قفز فجأة ليصبح الهيكل المفضل الذي يبني عليه الأميركيون أحلام مستقبل استقلالهم بقطاع الطاقة.

وأضافت أن خبراء الصناعة يرون أن انخفاض سعر الغاز كوقود سيلعب دورا في تغيير أوراق لعبة الطاقة بالعالم، كما سيساعد الولايات المتحدة في تخفيف اعتمادها على نفط الشرق الأوسط بحيث تتغير سياستها الخارجية. كما سيضيف الغاز إلى تعزيز الاقتصاد وإيجاد فرص عمل، وسيساعد في خفض الانبعاثات الضارة للبيئة.

وقبل خمس سنوات فقط كان هناك خطط أميركية لإنشاء 47 محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال المستورد، تم بناء خمس منها لكن معظمها هجر حاليا دون استخدام بسبب الاكتشافات الجديدة.

وفي مارس/ آذار الماضي هبطت واردات الغاز الطبيعي إلى أدنى مستوى بعشرين سنة، بينما ارتفع الاستهلاك المحلي إلى أعلى مستوى بعشرين سنة.

أكبر منتج عالمي
وتعتبر الولايات المتحدة حاليا أكبر منتج للغاز الطبيعي بالعالم، وفق كريستيان ساينس مونيتور.

وأشارت الصحيفة إلى أن السبب في زيادة الإنتاج هو استخدام التكنولوجيا المتطورة في استخراج الغاز، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط.

وقالت إن التكنولوجيا المستخدمة باستخراج الغاز عن طريق تفتيت الصخور الزيتية التي تحتوي على طبقات الغاز ساعدت في الوصول إلى عدة تريليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعي المحبوسة بالصخور الزيتية في أعماق الأرض بأماكن مختلفة من الولايات المتحدة. وقد جعل ارتفاع أسعار النفط عملية استخراج الغاز ناجحة من الناحية الاقتصادية.

الغاز الطبيعي أصبح يلعب دورا رئيسيا بالاقتصاد الأميركي (الأوروبية)
الغاز الطبيعي أصبح يلعب دورا رئيسيا بالاقتصاد الأميركي (الأوروبية)

وطبقا لتقديرات وزارة الطاقة الأميركية فإن هناك ما لا يقل عن 482 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي تكفي استهلاك تسعين سنة بمعدل الاستهلاك الحالي.

ونبهت الصحيفة إلى أن الغاز الطبيعي أصبح يلعب دورا رئيسيا بالاقتصاد الأميركي. فهو الوقود الرئيس للتدفئة والطبخ بأكثر من نصف البيوت الأميركية، كما أنه يتم الاعتماد عليه في توليد ثلث الكهرباء. يضاف إلى ذلك أنه المكون الرئيس بالصناعات الكيميائية.

وفي قطاع النقل أصبحت السيارات تتجه لاستخدامه بصورة أكبر من ذي قبل.

وتقوم هوندا ببيع سيارة سيفيك تستخدم الغاز كوقود بـ38 ولاية حيث تلاقي رواجا كبيرا. كذلك سوف تنتج كرايسلر سيارات نقل تعمل بالغاز هذا العام، بينما تنتج جنرال موتورز سيارات نقل مماثلة عام 2012 أيضا.

وفي طول البلاد وعرضها هناك 1100 محطة وقود للغاز الطبيعي، والعدد في ازدياد مقابل 150 ألف محطة للبنزين.

وقد زاد عدد مستخدمي الغاز كوقود إلى سبعين مليون مواطن حاليا من أربعين مليونا عام 1970، مما يعني أكثر من نصف البيوت بالولايات المتحدة.

ويعتقد المؤيدون للتوسع باستخدام الغاز أن "ثورة غاز الصخور الزيتية" غيرت وجه صناعة الطاقة.

وتقول كاثرين كلاي، بالمؤسسة القومية للغاز بواشنطن، إن المسألة ليست فقط في وجود الغاز لكن أيضا في تنوع توزيعه بمناطق جغرافية مختلفة.

وقد شجع وجوده بكميات كبيرة الشركات على التوسع باستخدامه منذ ثلاث سنوات لتوليد الكهرباء.

التكسير الهيدروليكي
ولاستخلاص الغاز من الصخور الزيتية تستخدم الشركات مزيجا من الحفر الموجه والتكسير الهيدروليكي.

ويتم القيام بالحفر بصورة رأسية حتى الوصول لطبقات الصخور الزيتبة، ثم يبدأ التحرك أفقيا للوصول للصخور التي تحتوي على الغاز. ويتم استخدام آلة للثقب من خلال حفرة واستخدام مقذوفات لإحداث ثقوب بجدار البئر المحفورة قبل أن يتم حقن ملايين الجالونات من المياه المعالجة والرمل تحت ضغط عال جدا لتكسير الصخور، وليدفع الغاز ليتم ضخه إلى السطح.

وبسبب استخدام مواد ملوثة للبيئة، يقول معارضو استخدام هذه التكنولوجيا إنه يجب التغلب على الآثار البيئية الناجمة عنها.

بعض الولايات تعارض استخدام التكسير الهيدروليكي لاستخراج الغاز (الأوروبية)
بعض الولايات تعارض استخدام التكسير الهيدروليكي لاستخراج الغاز (الأوروبية)
كما يقول المعارضون إن استخدام هذه التكنولوجيا يتسبب في وقوع هزات أرضية صغيرة سجلت في أوهايو.

وأكدت الولاية أن السبب في الهزات بالفعل هو استخدام هذا النوع من التكنولوجيا.

معارضون آخرون
ويشكك آخرون بالجدوى الاقتصداية للغاز الطبيعي بحيث قد يمنع هؤلاء عمليات الاستخراج بمناطق تحتوي على احتياطيات كبيرة بالولايات المتحدة.

فقد أعلنت ولاية نيويورك أنه لا يمكن استخدام تكنولوجيا التكسير الهيدروليكي في بعض مناطقها، كما أعلنت بعض المدن عن منعه على الإطلاق.

وفي بنسلفانيا حيث تم إصدار تشريع يسمح باستخدام التكنولوجيا، قدمت عدة مدن قضايا بالمحاكم لوقفه.

ويبقى أيضا قانون العرض والطلب المتقلب الذي سيتحكم في سوق الغاز.

وتعتبر أسعار الغاز الطبيعي مضطربة ومتقلبة جدا، وسوف تعتمد لحد كبير على عوامل المناخ وعلى الكميات التي سيتم استخراجها، وأخيرا على قرار واشنطن التحول لاقتصاد يعتمد على الغاز الطبيعي.

المصدر : كريستيان ساينس مونيتور