برنارد مادوف سباح محترف يغرق أثرياء وول ستريت

REUTERS/ Bernard Madoff walks back to his apartment in New York December 17, 2008. Disgraced financier Madoff, accused of orchestrating a $50 billion fraud, was placed under house

مادوف بدأ مشواره بتأسيس شركة رأسمالها خمسة آلاف دولار عام 1960 (رويترز-أرشيف)

بدأ برنادرد مادوف الذي يقف وراء عملية احتيال قيمتها حوالي خمسين مليار دولار، بسبر الأعماق وإنقاذ المعرضين للغرق، قبل أن يحلق في عالم المال بطرق أسقطته نهاية المطاف مكبل اليدين بين أيدي الشرطة.

ففي خمسينيات القرن الماضي كان رجل الأعمال الذي رأى النور في نيويورك عام 1938، يشتغل سباحا محترفا مهمته إنقاذ المعرضين للغرق كما عمل في تركيب مرشات الحريق.

منذ بداية شبابه طور مادوف المنحدر من عائلة يهودية علاقة خاصة مع المال، وراكم من إنقاذ الغرقى حوالي خمسة آلاف دولار ثم أسس بها شركة استثمار وهو لم يتعد بعد عامه الـ22.

خلال عقد واحد فقط طور شبكة واسعة من العلاقات وأصبحت له لائحة عملاء تضم كبار الأثرياء خاصة من يهود نيويورك، قبل أن يلج عالم الاستثمار بالقطاع المصرفي ليلمع نجمه بعالم المال مطلع تسعينيات القرن الماضي.

اكتسح مادوف وول ستريت بسرعة فائقة وأصبح رئيسا لناسداك (بورصة شركات التكنولوجيا)، لكن أساليبه في استمالة العملاء بقيت هي نفسها من خلال تسخير "ماخر" (رجل مهم بالعبرية) يقنعهم بوضع أموالهم بين يديه لما يتمتع من مهارات استثمارية.

ولكي يجعل الطعم سهل الابتلاع لدى عملائه، لعب هو ومن يدور في فلكه ورقة "النزاهة الأخلاقية" والعمل الخيري حيث اشتهر بتبرعاته السخية لفائدة كثير من المؤسسات الخيرية والثقافية، وبعضويته في مجالس إدارة مؤسسات معروفة بذلك المجال.

أساليب سرية
بذلك آلت إلى مادوف إدارة أموال هيئات تقودها شخصيات يهودية بارزة مثل مؤسسة إيلي فيزل والجمعية الخيرية التي أسسها المخرج السينمائي ستيفن سبيلبرغ، ليصبح أحد أشهر الأثرياء اليهود بالولايات المتحدة ممن يلعبون دورا بارزا في تنظيم الدعم المالي الموجه لإسرائيل.

ورغم ذلك بقي الغموض يلف أساليبه الاستثمارية وثروته التي لم يكن أحد يعرف شيئا عنها، باستثناء بعض أملاك عقارية بعدة مناطق بالولايات المتحدة وفرنسا ويخت في جزر الباهاما.

ومنذ سنوات بدأت الإشاعات تنتشر بشأن شخصيته وطريقته الغامضة في الاستثمار ومآل رؤوس الأموال التي أوكل إليه تدبيرها، ففتح وول ستريت ممثلا بلجنة الأوراق المالية والبورصات التحقيق حوله عدة مرات دون أن يحل اللغز.

ولكن يبدو أن صدر مادوف ضاق ذرعا بسر كبير لم يكن يعرفه إلا هو، ولم تعد له القدرة على مواصلة مسلسل يلعب فيه وحيدا دور بطل مضاد (anti-hero) يستدرج ضحاياه بمن فيهم أبناء ملته، بأذكى الطرق قبل أن يحتال عليهم.

هكذا باح مادوف لأحد أبنائه أن الإمبراطورية المالية التي بناها على مدى نحو خمسة عقود كانت مجرد قصر من الرمال، وأنها أصبحت على أبواب الانهيار لينتهي به الأمر ضيفا خاصا على مكتب التحقيقات الفدرالي.

المصدر : الجزيرة