أزمة القروض العقارية بين الاحتواء وتباطؤ النمو العالمي

الأسواق المالية في العالم مضطربة بسبب تصاعد أزمة القروض العقارية في الولايات المتحدة
الأسواق المالية في العالم مضطربة بسبب تصاعد أزمة القروض العقارية في الولايات المتحدة
 
لا تزال الأسواق المالية في العالم مضطربة بسبب تصاعد أزمة القروض العقارية في الولايات المتحدة رغم ضخ أكثر من 300 مليار دولار خلال الأيام الثلاثة الماضية من البنوك المركزية الأميركية والأوروبية والآسيوية لحماية النظام المالي العالمي من الاهتزاز.
 
وبينما يطمئن خبراء ومحللون بقوة الاقتصاد العالمي وسرعة تدخل الأنظمة المصرفية وهو ما يبشر بقرب احتوائها، إلا أن آخرين يتوقعون حدوث تداعيات سلبية على النمو الاقتصادي بسبب انكماش متوقع في سوق الإقراض العالمي.
 
ظهرت بوادر الأزمة بفعل تزايد عدد العاجزين عن سداد قروضهم العقارية في الولايات المتحدة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة, وهو ما مثل اتجاها معاكسا بعد سنوات من ارتفاع أسعار المنازل وانخفاض الفائدة.
 
وتسبب ذلك في حدوث العديد من عمليات توقف الدفع واستعادة العقارات، مع مواجهة المقترضين -خاصة ممن لا يملكون سجلا ماليا قويا- صعوبة كبيرة في الإيفاء بدفعاتهم للبنوك.
 
وانعكس ذلك سلبا على أرباح البنوك التي قلت قدرتها على تمويل صفقات الاندماج الكبرى التي أنعشت الأسواق في الآونة الأخيرة.
 
كما أضعف هذا الأمر قدرة البنوك على تمويل الشركات والأفراد، وهو ما قلل الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي ويهدد بحدوث كساد. وتسبب ذلك الوضع في اضطراب الأسواق المالية خلال الأسابيع الماضية.
 
غير أن المخاوف زادت بشدة بعدما أعلن مصرف "بي. أن. بي باريبا" الفرنسي العملاق الخميس أنه جمد ثلاثة صناديق استثمارية مرتبطة بسوق العقارات الأميركي، وبدت الأزمة ككرة الثلج المتدحرجة التي انتقلت عبر القارات.
 
وللحيلولة دون تحول أزمة القروض العقارية الأميركية إلى أزمة مالية عالمية جاء التحرك السريع للبنوك المركزية بضخ مئات المليارات من الدولارات في الأسواق لتعويض نقص السيولة الناجم عن الأزمة والتي تمثل روح النظام المالي العالمي.
 
المنطقة العربية لم تتأثر

"
الشريك التنفيذي بشركة "WMG" البريطانية لإدارة المحافظ المالية حسن الخليل قال إن المنطقة العربية لم تتأثر بهذه الأزمة لأنه لا توجد بنوك عربية لها علاقات مع البنوك الأميركية في هذا الصدد
"

وفسر الشريك التنفيذي بشركة "WMG" البريطانية لإدارة المحافظ المالية حسن الخليل سبب انتقال هذه الأزمة عبر الحدود بأن سوق الائتمان العالمية أصبح متواصلا خاصة في ظل وجود البنوك العالمية بالولايات المتحدة والتي قامت بإقراض بنوك أميركية، إضافة إلى حدوث الأزمة في ديون متعلقة بقطاع كبير مثل العقارات بلغت نحو 600 مليار دولار.

 
وقال الخليل في حديث عبر الهاتف مع الجزيرة نت إن المنطقة العربية لم تتأثر بهذه الأزمة لأنه لا توجد بنوك عربية لها علاقات مع البنوك الأميركية في هذا الصدد، لكنه لم يستبعد وجود مستثمرين عرب في محافظ استثمارية تعرضت للأزمة وربما الإفلاس.
 
وأضاف الشريك التنفيذي بشركة "WMG" البريطانية أن النظرة الإيجابية للأزمة تتمثل في أن تواصل الاقتصادي العالمي الحالي ووضعه الجيد ينبئ بتخطي الأزمة خاصة أن البنوك المركزية العالمية أظهرت مرونة كبيرة في مد الأسواق بالسيولة اللازمة.
 
لكن النظرة السلبية –كما يقول الخليل- تتمثل في إمكانية حدوث انكماش فعلي في سوق الإقراض نتيجة هذه الأزمة لفترة غير محددة بعد قيام البنوك العالمية بإعادة تقويم مراكز المخاطر لديها، وهو ما قد يؤدي بالتبعية إلى حدوث تباطؤ بالنمو الاقتصادي العالمي.
المصدر : الجزيرة