جائزة نوبل للآداب "الساعية للتنوع" قد تحمل مفاجأة هذا العام

A medal of Alfred Nobel is pictured prior to the beginning of a press conference to announce the winner of the 2017 Nobel Prize in Medicine on October 2, 2017 at the Karolinska Institute in Stockholm. The 2017 Nobel prize season kicks off with the announcement of the medicine prize, to be followed over the next days by the other science awards and those for peace and literature. / AFP PHOTO / Jonathan NACKSTRAND (Photo credit should read JONATHAN NACKSTRAND/AFP/Getty Images)
توقع اسم الفائز بالجائزة بات أكثر صعوبة ويرى مراقبون أنها قد تمنح هذا العام لشخصية غير متوقعة (غيتي)

مع اقتراب موعد الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للآداب بعد غد الخميس، تترقب الأوساط الأدبية اسم المتوج لمعرفة هل سيكون أحد الكتّاب الكبار، أم اسما يشكّل اكتشافا. ولا يستبعد البعض مفاجأة من المنظمين الميّالين إلى إبراز المؤلفين المغمورين.

فبمنحها الجائزة العامين الأخيرين للشاعرة الأميركية لويز غلوك والروائي البريطاني من أصل تنزاني عبد الرزاق جورنا، اختارت الأكاديمية السويدية المسؤولة عن الجائزة الأدبية "الأشهر" إبراز مؤلفين لم تُترجَم مؤلفاتهم كثيرا وغير معروفين حتى لدى دوائر قطاع النشر.

وتقرّ رئيسة قسم الأدب في الإذاعة الوطنية السويدية لينا كالمتيغ بأن توقع اسم الفائز بالجائزة "بات أكثر صعوبة" بعد نتيجة العام الفائت، وروت كيف عمّت المفاجأة الاستوديو عند الإعلان عن فوز جورنا.

أما رئيس القسم الثقافي بصحيفة "داغينز نيهتر" السويدية بيورن فيمان فيقول "أعتقد أن ثمة رغبة في اسم معروف أكثر هذه السنة نظرا لمفاجأة العام الفائت".

صورة الأكاديمية

والأكاديمية اليوم في طور التعافي من أزمة طويلة بعد فضيحة تندرج في إطار الموجة النسوية "#مي_تو" (أنا أيضا) شهدها عام 2018 والضجة التي أثارها العام التالي منح جائزة نوبل للكاتب النمساوي بيتر هاندكه الذي اتخذ مواقف مؤيدة للرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش.

ويلاحظ فيمان في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن "الأكاديمية باتت مهتمة بصورتها في ما يتعلق بالتنوع وتمثيل الجنسين بطريقة مختلفة تماما عما كانت عليه قبل فضيحة 2017-2018".

ويضيف "لقد انضم إليها أشخاص جدد كثر لديهم آفاق أخرى ومراجع أخرى".

كما استحدثت الأكاديمية عام 2020 مجموعة خارجية جديدة من الخبراء في مناطق لغوية مختلفة، بعدما تعرضت للانتقاد لافتقارها إلى التنوع باختيار الفائزين.

أديبات نوبل

ومنذ الهزة التي أحدثتها فضيحة الفرنسي جان-كلود ارنو، زوج عضو الأكاديمية الشاعرة كاتارينا فروستنسون، والاضطرار إلى تأجيل الإعلان عن جائزة 2018 لمدة سنة، فازت بالجائزة امرأتان هما البولندية أولغا توكارتشوك ثم الأميركية لويز غلوك، في حين حصل عليها رجل واحد.

وتشكّل هذه الغلبة النسائية الأعوام الثلاثة الأخيرة مدعاة تفاؤل للمؤلفات المُتداوَلَة أسماؤهن كمؤهلات للفوز، ومنهنّ الأميركية جويس كارول أوتس والفرنسيتان آني إرنو وماريز كوندي، والكندية مارغريت أتوود.

وحصلت 16 امرأة على الجائزة الأدبية المرموقة منذ تأسيسها، كانت أولاهنّ الكاتبة السويدية سلمى لاغيرلوف عام 1909.

ومن بين المحتمل منحهنّ الجائزة أيضا الروسية لودميلا أوليتسكايا التي سيكون فوزها، لو حدث فعلا، بمثابة رسالة مناهضة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد غزو أوكرانيا.

ويرى فيمان أن من شأن منح أوليتسكايا الجائزة "أن يجعل الناس يتفاعلون" إذ يسلّط الضوء على معارضة المؤلفة للكرملين، وعلى الثقافة الروسية في خضم الحرب في أوكرانيا.

ويشدد على أن "هذا النوع من الجدل الفكري حول جائزة نوبل مطلوب ومرغوب".

أما الأميركية جوان ديديون والبريطانية هيلاري مانتل والإسباني خافيير مارياس، الذين طرحت أسماؤهم فترة طويلة، فقد توفوا هذه السنة ولن يتمكنوا من نيل الجائزة.

وبكثرة، يجري تداول اسم مرشحيْن هما الأميركية جويس كارول أوتس، الياباني هاروكي موراكامي.

مراهنات

وعلى مواقع المراهنات، تبدو كفّة الفرنسي ميشال ويلبيك المرجّحة، وهو يتقدم على الشاعرة الكندية آن كارسون، أو سلمان رشدي الذي نجا من محاولة قتل في أغسطس/آب.

ولم تشجب الأكاديمية إلا عام 2016 الفتوى التي استهدفت رشدي مؤلّف "آيات شيطانية" من منطلق حرصها على الحياد، مما أثار استياء عدد من أعضائها.

ومن الأسماء المتداولة دائماً أيضاً الكيني نغوغي واثيونغو، المجري لازلو كراسزناوركي، الأميركيان توماس بينشون ودون ديليلو.

ويقول الناقد الأدبي يوناس ثينتي "روايات ما بعد الحداثة الأميركية لم تحصل على أي جائزة حتى الآن".

ومن المرشحين الآخرين: النروجيان جون فوس، كارل أوف كناوسغارد، اللذان قد يعيد فوز أي منهما -إذا حدث- نوبل إلى مهدها الإسكندنافي، بعد أكثر من 10 سنوات على منح جائزة الأدب للسويدي توماس ترانسترومر.

أما الناقدة الأدبية ماريا هيمنا رامنيهيل، فتفضّل فوز الفرنسي المغربي طاهر بن جلون أو الكرواتية دوبرافكا أوغريسيتش.

وتشرح قائلة "أعتقد أن لكليهما، ولو بطريقة مختلفة، مؤلفات عن الهويات". وتضيف "يتحدثان عن هويتيهما بطريقة معقدة، ويسلطان الضوء على واقع متشابك يصعب فهمه ولا يمكن تفسيره بحلول بسيطة".

نقاد الجائزة

ويرى الأكاديمي الأميركي بروتون فيلدمان في كتابه النقدي "جائزة نوبل.. تاريخ العبقرية والجدال والحظوة" أن "الجائزة تُرى على نطاق واسع بوصفها سياسية، أي جائزة نوبل للسلام متنكرة في قناع أدبي".

وكان السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية هوراس إنغدل أعلن عام 2009 أن "أوروبا لا تزال مركز العالم الأدبي" وأن "الولايات المتحدة معزولة للغاية، ولا تترجم بشكل كاف ولا تشارك حقا في الحوار الكبير للأدب".

وبهذا السياق، شكك الروائي والأكاديمي البريطاني تيم باركس في أن يكون أعضاء اللجنة السويديون في الغالب قادرين على تذوق الشعر الإندونيسي مثلا أو الأدب الأفريقي، منتقدا في مقال سابق أن يكون أعضاء الأكاديمية قادرين على تحديد أعظم الروائيين والشعراء على الساحة الدولية، ومشيرا إلى انحيازهم للثقافة الإسكندنافية، حيث فاز 16 أديبا من أصول إسكندنافية بالجائزة العالمية من أصل 113 منذ إطلاقها وحتى عام 2016.

وينظر فيلدمان وباركس، وغيرهما من نقاد الجائزة، إلى تاريخ طويل مما يعتبرونها انحيازات سياسية وغير أدبية للجائزة العالمية.

فمن عام 1901 إلى 1912 قيّمت اللجنة السويدية برئاسة كارل دافيد إف ورسين الجودة الأدبية للأعمال بالنظر إلى إسهامها في نضال الإنسانية "نحو المثل الأعلى" ومع ذلك لم يُمنح أدباء كبار مثل الروائي الروسي ليو تولستوي، والمسرحي النرويجي المثير للجدل هنريك إبسن، والروائي الأميركي الساخر مارك توين، الجائزة التي منحت في المقابل لأدباء ليسوا معروفين في عالمنا اليوم.

المصدر : الجزيرة + الفرنسية