تمهيدا للافتتاح.. متحف قطر يضع آخر اللمسات على تحفه الفنية

صورة لمتحف قطر الوطني، بعدسة إيوان بان
متحف قطر الوطني يحقق إنجازا عالميا في مجال الاستدامة (الجزيرة-أرشيف)

كشفت متاحف قطر بعض التفاصيل المتعلقة بعمليات حفظ وترميم المقتنيات والقطع الفنية، التي تعكس ماضي وحاضر ومستقبل قطر في متحف قطر الوطني الجديد، في إطار الاستعدادات الجارية لافتتاحه يوم 28 مارس/آذار الجاري.

قالت مديرة الشؤون المتحفية بمتحف قطر الوطني الدكتورة هيا آل ثاني "تعاونا مع خبراء من قطر والعالم لترميم وحماية كل قطعة يحتويها المتحف الوطني، فكل قطعة تكتب سطرا في قصة قطر وشعبها ومكانتها بين الأمم".

وأضافت أنه على الرغم من الاستعانة بعدد من التقنيات الحديثة لصنع تجارب تفاعلية، فإن المقتنيات الأصيلة تبقى ذات أهمية كبرى، فهي تمثل جزءا لا يمكن الاستغناء عنه لربط زائري المعرض بماضي قطر.

‪متحف قطر الوطني يتيح لزواره رحلة عبر الزمن تمتد داخل فضائه لمسافة تتجاوز 1.5 كلم‬ (الجزيرة)
‪متحف قطر الوطني يتيح لزواره رحلة عبر الزمن تمتد داخل فضائه لمسافة تتجاوز 1.5 كلم‬ (الجزيرة)

قلب المتحف
ويعد قصر الشيخ عبد الله بن جاسم بن محمد آل ثاني، الذي يقع في قلب المتحف الوطني الجديد، أكبر المقتنيات القديمة التي يحتويها المتحف وأكثرها إثارة للدهشة، ويمثل القصر معلما بارزا من معالم الدوحة وأثرا قيّما لما يعكسه من نمط قديم للحياة في قطر، ومنذ تأسيسه عام 1901 خضع القصر لعمليات ترميم كثيرة، مما دفع الخبراء الذين شاركوا في عملية الترميم الأخيرة إلى إزالة جميع آثار الترميم السابقة وصولا لنسيج المبنى الأصلي.

وواجه الخبراء تحديا آخر تمثل في عمر القصر ومحاذاته للساحل، مما يجعله عرضة للتشقق، وحرصا على سلامة القصر في المستقبل من أي تصدعات، وضع المهندسون المعماريون أوتادا خرسانية أسفل المتحف لدعم هيكله بعد أن أزالوا المياه الجوفية.

وتعاونت متاحف قطر مع متخصصين في تطوير حلول للمباني المستدامة لاستخدام مواد طبيعية في ترميم القصر، وقد أُنجِزت جميع المهام تحت إشراف دقيق من متخصصين باشروا مهامهم من موقع العمل، وذلك بالتعاون الوثيق مع متاحف قطر.
 
متاحف قطر تعاونت مع العديد من الخبراء المحليين والدوليين في مشاريع عدة تنوعت بين ترميم المباني الضخمة والحفاظ على المقتنيات الأصيلة، حفاظا على قيمتها التاريخية، وجمعت في ذلك بين أحدث التقنيات والمعرفة والفهم الدقيق لعادات أهل قطر.

كما يعمل خبراء الحفظ كذلك على حماية الآثار الهامة التي يكتشفونها في المواقع الأثرية في قطر، ومن بين هذه الاكتشافات التي سيعرضها المتحف صندوق لحفظ اللؤلؤ يعود للقرن التاسع عشر، وقد عُثر على هذا الصندوق في موقع تنقيب في الزبارة، وجرى استخراجه دون تخليصه من التربة المحيطة به بسبب هشاشته، وسيُسلط الضوء على هذا الصندوق في المتحف ضمن القطع المميزة المتعلقة بموقع الزبارة الأثري.

قطع نادرة من العصر المغولي بمتحف قطر (الجزيرة-أرشيف)
قطع نادرة من العصر المغولي بمتحف قطر (الجزيرة-أرشيف)

القرآن الكريم
ومن مقتنيات المتحف المتصلة بالزبارة أيضا أقدم نسخة من القرآن الكريم في قطر، والتي خطَّها أحمد بن راشد بن جمعة بن هلال المريخي في بداية القرن التاسع عشر في الزبارة، وتشير الصفحة الأخيرة من هذا المصحف إلى مكان ميلاد أحمد، وهو مدينة الزبارة، وقد استمرت عملية الترميم لعامين في متحف الفن الإسلامي تحت إشراف فريق من متاحف قطر.

كما يحتوي المتحف أيضا على سجادة بارودا الشهيرة المرصعة باللؤلؤ والتي تعكس العلاقات المزدهرة بين بلدان شبه القارة الهندية والخليج العربي في تجارة اللؤلؤ. وقد أمر مهراجا ولاية بارودا بصنعها في عام 1865 لتزيين قبر الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولطالما اعتبرت هذه السجادة تحفة فنية.

وقد كان التطريز فنا شائعا في بارودا، وكان بلاط مهراجا يرحب بالفنانين المتخصصين في فن النسيج، وكان الأمر أيضا ينطبق على صناع الجواهر والأحجار الكريمة، حيث كان يتم تكليفهم بصنع هدايا يقدمها حكام الهند لضيوفهم، وبفضل حب المجوهرات وعادة منح الهدايا والأوضاع المالية الجيدة تسنى لأسياد وأمراء بارودا صنع قطع فنية مدهشة، منها سجادة بارودا.

وخلال السنوات الماضية، رمم فريق من الخبراء المتخصصين هذه السجادة بدقة متناهية، وتتكون السجادة من أكثر من 1.5 مليون لؤلؤة خليجية وياقوت وزمرد وصفير وماس، وستعرض السجادة في إحدى صالات العرض الدائمة بمتحف قطر الوطني.

وستتاح لزائري المتحف خلال رحلتهم عبر الزمن التي تمتد داخل المتحف لمسافة تتجاوز 1.5 كلم، فرص للتفاعل مع هذه المقتنيات وغيرها من المعروضات، والتعرف على الدور الذي تلعبه في رواية قصة قطر.

المصدر : الجزيرة