البرامج الرمضانية الجزائرية.. اتهامات بالتقليد والاستنساخ

صور لمسلسل السلطان عاشور العاشر في نسخته الثانية والذي حقق نجاحا كبيرا العام الماضي مصدر الصور مخرج المسلسل
صورة من مسلسل السلطان عاشور العاشر في نسخته الثانية الذي حقق نجاحا كبيرا العام الماضي (مواقع التواصل الاجتماعي)

أحمد مروان-الجزائر

"تمخض الجبل فولد فأرا"، هذا المثل هو لسان حال غالبية الجزائريين في تقييمهم للأعمال التي تقدمها مختلف القنوات الفضائية الخاصة، فبعد أسابيع من الدعاية لمسلسلات ادعى منتجوها أنها ستصنع الحدث، بيد أن تلك الهالة تلاشت بسقوطها في مستنقع الاستنساخ والتقليد.

وقد كان واضحا، حتى قبل بدء الموسم الرمضاني، أن عددا كبيرا من الأعمال التلفزيونية الجزائرية التي أُنتجت للعرض في رمضان الحالي تأثرت بسلسلة "عاشور العاشر" للمخرج جعفر قاسم، التي حققت نجاحا كبيرا، خصوصا في جزئها الثاني الذي عرض العام الماضي.

هذا النجاح، حسب الكاتب والروائي علاوة حاجي، فتح شهية الكثير من المخرجين والمنتجين لتقديم أعمال من النوع نفسه، فتكرّرت أجواء الفانتازيا التاريخية الكوميدية في ثلاثة مسلسلات، هي "أسطورة الممالك" و"بيبان دزاير" و"عنتر ولد شدّاد" و"القبيلة" و"الرايس قورصو"، الذي صور في تركيا تحت إدارة المخرج المصري عادل أديب، لكن تصويره توقّف في ظروف لا تزال مبهمة.

جميع تلك الأعمال -حسب حاجي- كررت فكرة الحاضر الذي تدور أحداثه في الماضي، إذ عمدت إلى تصور قصص تجري في زمن ماض غير معلوم. والطريف برأيه أن البحث عن مصوغ درامي لتبرير هذا الخيار جعلها تتشابه في "ثيمة" السفر عبر الزمن، التي تكررت في ثلاثة أعمال منها.

‪من مسلسل السلطان عاشور العاشر في نسخته الثانية‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)
‪من مسلسل السلطان عاشور العاشر في نسخته الثانية‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)

استنساخ وتقليد
أما سلسلة "القبيلة" التي يقدمها اليوتيوبر المعروف أنس تينا، فوقعت حسب ما أكده حاجي للجزيرة نت في فخ الاستنساخ الحرفي لسلسلة مغربية بعنوان "الخواسر"، إذ أعادت تقديم الفكرة نفسها مع تغييرات على بعض التفاصيل.

وتصور السلسلة المغربية "الخواسر" للمخرج المغربي الشاب أمين الروائي التي عرضت في قناة "دوزيم" المغربية في رمضان 2015 قبيلة من القرن السادس عشر يستخدم سكانها أدوات العصر الحالي ويتحدثون لغة تخلط بين الفصحى والعامية، وقد أثارت السلسة آنذاك جدلا واسعا في المغرب بدعوى إساءتها للغة العربية.

هذه الموجة من الأعمال جعلت من الفانتازيا التاريخية الكوميدية موضة في رمضان الحالي، وهي فانتازيا تعكس حالة من الاستسهال التي تطغى على كثير من المشتغلين في هذا المجال على حساب ابتكار أفكار ومواضيع جديدة.

الملاحظة السابقة، برأي حاجي، تنسحب على عدد كبير من الأعمال الدرامية والبرامج التلفزيونية الجزائرية التي تعرض في رمضان وخارجه.

ولأن الدراما الجزائرية تتسم بالموسمية، إذ إنها تقتصر على رمضان وتغيب في باقي أيام السنة، يرى حاجي أن تسابق المخرجين والمنتجين إلى إنتاج أعمالهم في اللحظات الأخيرة يفسّر ضعف كثير مما يقدّمونه.

وبالمقابل تعتقد مديرة مؤسسة "فكرة برود" للإنتاج السمعي البصري والمتخصصة في إنتاج الأفلام الوثائقية القصيرة والطويلة فتيحة بوروينة أن المعد خصيصا لشهر رمضان يختلف كمًّا ونوعا عما كان يعرض زمن التلفزة الواحدة والحزب الواحد والجريدة الواحدة.

‪صورة من السلسلة الفكاهية
‪صورة من السلسلة الفكاهية "القبيلة" التي تم استنساخ فكرتها من سلسلة "الخواسر" التي عرضت في المغرب‬  (مواقع التواصل الاجتماعي)

انفلات واستياء
وبرأيها فإن التنوع الثقافي واللغوي وجد مكانته في مجموع ما يعرض من إنتاجات رمضانية من "سيتكومات" ودراما. لكنها تكشف بالمقابل للجزيرة نت عن حالة انفلات على مستوى المضامين التي صارت تثير حفيظة المشاهد الجزائري قادت وزارة الاتصال إلى استهجان ما يُعرض.

وتشدد على أن هناك حالة استياء تكاد تكون عامة من كمّ "المسخ" الذي تصدرّه القنوات الخاصة على وجه التحديد إلى بيوت الجزائريين.

ما سبق قد يكون سببا برأيها للغالبية العظمى من الجزائريين في مقاطعة التلفزيون المحلي تماما كما تقاطع الصناديق الانتخابية عند كل استحقاق، لأن ما يعرض فيها لا يمثّلهم ولا يشبههم، بل سيأتي يوم -تضيف- "سيعلن فيه بعضهم أن ما ظلت تسمى بـ(اليتيمة) أي التلفزيون العمومي، هو ألف مرة أفضل من القنوات الخاصة مجتمعة، من منظور احترامه خصوصية الفرد الجزائري وتقاليده، واستمراره في الحفاظ على الهوية الجزائرية في مجمل الأعمال الدرامية والسيتكومات والبرامج التي يعدّها خصيصا لشهر رمضان الكريم باعتباره شهرا له حرمته ومنطقه".

ويأتي الحديث السابق بعد الانتقادات الواسعة لبرامج الكاميرا الخفية التي تعرض في مختلف القنوات، والتي اتهمت باستهداف ثوابت الأسرة الجزائرية لملامستها المحظور واستضافتها مغنيات الملاهي، مع وضع مقالب لأزواج مع زوجاتهم بصورة مهينة قد تتسبب مستقبلا في تحطيم مستقبلهم الأسري.

المصدر : الجزيرة