"مجنون كرشمة" شاعر باكستاني ينافس شعراء العربية
براء هلال-إسلام آباد
ويرى أستاذ الأدب العربي في الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام دكتور أباد حبيب الرحمن عاصم، أن هؤلاء الشباب هم استمرار لسلسلة شعراء شبه القارة الهندية الكبار ممن كتبوا الشعر بالعربية، كالشيخ يوسف البنوري والشيخ جميل قلندر، وكانوا يتميزون بسلامة اللغة العربية واللغة العروضية والشعرية.
كما امتازوا بمتانة التراكيب حيث ينسجون على طريقة شعراء الجاهلية وشعراء صدر الإسلام، ولكن الشعراء الشباب تجاوزوهم باستخدام اللغة المعاصرة وطرق أبواب الشعر العاطفي وشعر الوصف، بالإضافة إلى المواضيع القديمة المألوفة كالشعر الديني والسياسي وشعر المناسبات.
ويؤكد عاصم في حديثه للجزيرة نت أن كليات اللغة العربية في باكستان توجه طلابها والباحثين فيها إلى التركيز على نتاج شعراء العربية من الباكستانيين ومن شبه القارة الهندية، وتناول أشعارهم بالبحث والدراسة لتعريف العالم العربي بهم.
من جهته، يعزو الشاعر رفاقت راضي -الذي كتب وترجم عددا من القصائد العربية- هذا التطور إلى سهولة التواصل مع العالم العربي والانفتاح الذي يسرته مواقع التواصل الاجتماعي، والاطلاع اليومي على أساليب الشعراء العرب الشباب في الكتابة والإلقاء، حيث يترك ذلك أثراً عميقا في نفس الشاعر الأعجمي ذي الحس المرهف ويدعوه للمنافسة.
كما يشجع هؤلاء الشعراء الشباب وجود بعض الجمعيات التي تدعم الأنشطة الثقافية العربية وتعقد الأمسيات الأدبية والرحلات الترفيهية، ويقول رئيس جمعية عشاق العربية السيد زاهد عبد الشاهد أن هذه الأنشطة ستكون مثمرة لو أتيح لهؤلاء الشعراء منصات إعلامية خاصة تتبنى مواهبهم وقضاياهم نظرا لحجم خريجي المدارس العربية ومحبي الأدب العربي في باكستان.
ويعقد سعيد الباكستاني مع أقرانه مسابقات شعرية في المدرسة التي يدرس فيها ويعلم الراغبين أساسيات العروض والكتابة الشعرية، ويدير "مِرْبداً" رقمياً على فيسبوك على غرار مربد جرير والفرزدق، يتهاجى فيه مع بعض شعراء العربية من الباكستانيين والعرب، لتقوية المهارة الشعرية وتعلم الارتجال وسرعة البديهة.
ويشتكي سعيد ما يشتكيه أقرانه الشعراء في الكتاتيب الدينية من إهمال الطبقة المثقفة والجمعيات الأدبية في باكستان لمواهبهم في الكتابة والإلقاء، حيث إن معظمهم ينحدر من طبقات فقيرة جداً ولا يستطيعون دعم أنفسهم.
ويقول إنه لا يحظى بالاهتمام الذي يناله خريجو الجامعات وسكان المدن الكبرى، إذ ظل ديوانه الضخم الذي سماه "الديوان السعيد" حزينا، حبيس الأدراج على حد وصفه، على أمل أن يجد جهة أدبية تتبناه كشاعر من نسل الشعراء المولدين أو شعراء العربية الأعاجم، وإلى ذلك الحين يقول سعيد، إنه سيظل يغني لكرشمة طالما ظل كل يغني على ليلاه.
**********
ويصف سعيد حبه فيقول:
هذا الصباح املئيهِ يا (كرشمُ) هوىً
من مقلتيكِ وثغرٍ يسكبُ الخمــرا
واسقينيَ الكأس منه وهي مترعة
لتطفئ النار ما أوقــــدتِـــها عمراً
وقائلة من أنت؟ قلت أنا الذي
به من هواكِ يا (كرشمُ) جنـــونُ
إذا الليل لاحت في دجاه نجومه
أحاطت به للنأي عنكِ شجونُ
ويقول يشكو فقره:
تراني بعيشي ضقت ذرعا وتعلمُ
وكل امرئ ضاقت به الأرضُ يسأمُ
إلهيَ فاغفر لي الذنوب برحمة
وهل أحد إلاك يا ربِّ يرحمُ
وتكرمني يا رب بالعلم لم تزل
وزيّنتني بالعقل والعقلُ أعظمُ
فهلا ببعض المال أكرمتني لكي
أصون به عرضي، فعرضي مثلَّمُ
إلهيَ فاسلبني العلوم جميعَها
وبعضاً من الدنيا ارزقنِّي فأسلمُ