سميرة المسالمة.. رمضان المنفى و"الدولة المتوحشة"

صور الكاتبة السورية سميرة المسالمة
يوميات سميرة المسالمة في رمضان تتوزعها هواجس السياسة وسحر المسلسلات ونداء المطبخ (الجزيرة)

في هذا الشهر الفضيل تبدو الكاتبة والروائية السورية سميرة المسالمة مسكونة بهموم الوطن وذهنية الفساد والاستبداد التي نخرته على مدى عقود وتسعى لفهم أعمق لميكانيزمات الحكم التي أوصلت بلدها إلى الهاوية.

وهكذا اختارت مؤلفة رواية "نفق الذل" أن يكون على مائدتها الرمضانية كتاب "سورية الدولة المتوحشة" الذي يرصد فيه المستعرب الفرنسي ميشيل سورا بنية الدولة وحقيقتها الطائفية وتداخلاته بآلية الحكم ودوائر الولاء في بنية الدولة المتوحشة.

وفي هذه الحلقة من السلسلة الحوارية الخاصة برمضان الكريم، تقول المسالمة -التي قادتها دروب المنفى إلى فيينا بعد إسطنبول- إن الأحداث الدامية في سوريا "تفرض علينا سلوكيات تخالف حياتنا الاعتيادية، حتى في اختياراتنا الثقافية التي نسكن إليها". وفي ما يلي نص الحوار:

undefined إلى أي حد تتأثر عاداتكم القرائية بحلول رمضان وطقوسه الخاصة؟ وما حجم البعدين الروحي والتراثي في ما ستقرؤونه خلال هذا الشهر؟

ربما يكون الواقع صادماً للبعض الذي يتعامل مع توجهاتنا السياسية كأنها تدير حياتنا الروحية والدينية، فأنا المرأة التي تنادي بعلمانية الدولة السورية، وأنا ذات المرأة التي ترى أن ممارسة الطقوس الدينية حق من حقوق المواطنين.

وهذا لا يتناقض إطلاقا مع توقي دائماً لاستعادة ذكرياتنا البيتية القديمة في ممارسة هذا الركن الإسلامي بكل تفاصيله، من صيام وقيام العبادات والإكثار من تلاوة القرآن، والعودة في كل مرة للتبحر في أحكام الدين الإسلامي، الذي أفضل أن أنهل منه من منبعه الأساسي وهو كتاب الله القرآن الكريم، والبحث في الأحداث التاريخية التي رافقت تطور مفهوم الدولة بعد الإسلام، ومدى تفاعل هذا المفهوم مع مفهوم السلطة والتسلط، الذي نعاني منه اليوم باسم الدين تارة، وباسم أمن الوطن تارة أخرى وأخرى.

undefined

 ما حجم تأثير وصدى السياسة وشؤون الساعة ببلدك وخارجه في ما تعتزمون قراءته خلال رمضان؟ 

ما نمر به من أحداث دامية في بلدنا سوريا، يفرض علينا سلوكيات تخالف حياتنا الاعتيادية، حتى في اختياراتنا الثقافية التي نسكن إليها، بهدف المتعة أولاً، وتنمية ذواتنا المعرفية ثانياً، لذلك ستكون "سورية الدولة المتوحشة" لميشيل سورا على مائدة الكتب الرمضانية لمعرفة دهاليز تلك الدولة المتوحشة خلال حكم الأسد الأب وفي فترة الثمانينيات، التي تابع تفاصيلها الكاتب، في زمن كانت المعلومة فيه شحيحة وممنوعة وتعد تهمة تؤدي بالنهاية إلى قتل الباحث عنها، كما حدث للكاتب سورا، الذي جمعت أبحاثه في الدولة البربرية حسب التسمية الفرنسية أو الدولة المتوحشة حسب الترجمة العربية.

undefined

undefined ما أبرز الكتب التي ستحظى باهتمامكم خلال رمضان؟ وهل بالإمكان إعطاء فكرة مقتضبة للقارئ عن واحد من أهم تلك الكتب؟ وماذا عن حيثيات اختيار ذلك الكتاب بالتحديد؟

كما ذكرت أنا بصدد قراءة "الدولة المتوحشة" فقد رصد فيه ميشيل سورا تفاصيل بنية الدولة السورية، وحقيقة التوصيف الطائفي وتداخلاته بآلية حكم سوريا، وما حقيقة الخطاب الديني للنظام السوري، وما دوائر الولاء في بنية الدولة المتوحشة؟

وهل ما حدث في ذلك الزمن الذي دونه وبحث في تفاصيله الكاتب يمكن إسقاطه على أحداث الثورة السورية التي انطلقت عام 2011؟ كل ذلك أتوقع أنني سأحصل على إجابات واضحة عنه خلال قراءتي للدولة المتوحشة، إلى جانب ما يمكن أن يفتحه عالم ميشيل سورا ورؤيته للتنظيمات الإسلامية التي ظهرت في مواجهة النظام السوري العسكري والأمني.

undefined عموما، هل بالإمكان الحديث عن عاداتكم القرائية وحجم وطبيعة منصات القراءة (رقمية أو ورقية)؟ وهل لشبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك وأخواته) تأثير ما في حجم وطبيعة ما تقرؤون؟

القرائية ربما لا تختلف كثيراً بين كاتب إعلامي وآخر، فهي تبدأ أولا بكل ما يتعلق بواقعنا المأساوي وأخبار الصحف وتحليلات الكتّاب والباحثين، ثم يكون لعملي في الكتابة وقت تختلف فيه عدد ساعاته باختلاف التزاماتي اليومية.

ولا يمكننا بأي حال أن ننكر أن وسائل التواصل الاجتماعي تحاصص وقتنا، وتشاركنا يومياتنا، لأنها وسيلتنا للتواصل المباشر مع الأصدقاء الحقيقيين و"الافتراضيين" في آن معاً، وأنا مولعة جداً بمسلسلات رمضان التي افتقدتها لسنوات بحكم عدم توفر تلفزيون في مكان إقامتي في إسطنبول.

لكن هذا العام سيكون في منزل اغتراب العائلة، وبالتالي أتوقع أن أختار مسلساً لمتابعته مع أسرتي، زوجي وابني الأصغر حسن، في حين يغيب عنا ابننا مجد لأسباب دراسية. لن أنسى أن أخبركم أن ساعات كثيرة سأقضيها في إعداد الطعام الرمضاني وفق قائمة الطعام السوري التقليدي المعروف، وهذا ضمن إحيائي للتراث الذي يسكنني، ولذلك فأصدقائي مدعوون دائما لهذه المائدة السورية.

المصدر : الجزيرة