"كل هذا الهراء".. ثورة مصر وأبطالها سرديا

غلاف رواية كل هذا الهراء للكاتب المصري عز الدين شكري فشير

يستطيع كل قارئ أن يجد مكانه في رواية "كل هذا الهراء" للكاتب المصري عز الدين شكري فشير، ويعتقد بأنه يقرأ عن حياته في السنوات الخمس الأخيرة من عمر مصر بعد "ثورة يناير" التي كانت أيضا موضوع رواية للكاتب نفسه صدرت عام 2012 بعنوان "باب الخروج".

يبدأ فشير روايته بإهداء حميم، مستدعيًا ذكرى "شهداء مذبحة الألتراس" في بورسعيد عام 2012، ثم يشمل كل ضحايا السنوات الخمس الفائتة ومسجونيها، "وإلى ملايين غيرهم في السجن الأكبر بانتظار يوم الخروج.. هذا اليوم آت لا ريب فيه".

ويقسم الكاتب في هذه الرواية -التي نفدت طبعتها الأولى خلال أسبوع واحد، وكان عنونها الأصلي "أمل وعمر في الفراش"- ثوار يناير إلى أنماط يبحث خلالها عن دوافع الثورة لدى الثائر ومصيره بعد هزيمتها.

ولم تستغرق حكايات الثورة "القتيلة" بين أمل وعمر سوى مسافة تمتد من منتصف الفراش حتى حافته، وزمنيًا استغرقت نحو 24 ساعة في ثمانية فصول بالرواية، هي تلك الفترة التي بقيت على سفر "أمل مفيد" المصرية الأميركية بطلة الرواية إلى نيويورك بعد خروجها من السجن عاما كاملا في قضية تمويل المنظمات الأجنبية في مصر.

أمل هي ابنة الضابط المصري الذي هاجر إلى أميركا، واستثمر في بيع نظم التشغيل، ثم مات بشكل مفاجئ وترك ابنة تعاني من ازدواج الهوية الثقافية بين مسلمة مصرية وأميركية متحررة، ثم وجدت في الثورة خلاصًا يمنحها صك الهوية، لكن الثورة تحاصر وتهزم.

يصنف الكاتب عز الدين شكري فشير في "كل هذا الهراء" ثوار يناير بين مهاجر للغرب، وهارب للقتال شمال شرقي مصر، وسجين، أو قتيل، أو محبط محطم بين جنبات سجن كبير

أما عمر، فيحكي قصص رفاق الميدان عبر الرواية، لكن حكايته تبدأ من مزرعة مملوكة لتنظيم القاعدة في شمال السودان، ليظهر لاحقا في ميدان التحرير لصالح الثورة بعد هروبه بطريقة معقدة من المزرعة ويستقر في مصر.

وتغطي قصة عمر التي يحكيها لأمل تاريخ الجيل السابق للثوار، وبالتحديد أولئك الذين تورطوا مع تنظيم القاعدة والتنظيمات المتطرفة الموازية لها زمنيًا.

وينتقل عمر في حكاياته إلى الجيل الذي التقى في ميدان التحرير، بدءًا من صبيحة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ويحكي عن الثلاثي وائل ومحب وتامر، وينتمي الثلاثة إلى جماعات "الألتراس" على اختلاف جذورهم الطبقية؛ حيث ينحدر "وائل" من أسرة شديدة الفقر ويدرس في كلية التجارة.

أما محب فهو مهندس برمجيات مسيحي وخريج جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة، أما الثالث فهو ابن خالة عمر، وينتمي للطبقة الوسطى، ويعمل محاميًا ويملك شركة برمجيات.

التقى الثلاثة في الميدان، وقتل اثنان منهم في "مذبحة الألتراس" في بورسعيد في الأول من فبراير/شباط  2012 ليخرج الثالث برغبة عارمة في الانتقام وإيمان كامل بالقوة والعنف كسبيل لمواجهة الظلم، وأودع السجن خمسة أعوام في قضية تظاهر.

ولعل ما يحسب للروائي فشير أنه أول مبدع عربي يتناول روائيًا مذبحة اعتصام رابعة العدوية، برؤية مغايرة للرواية الرسمية للاعتصام عبر أبطال روايته الذين ارتبطوا إنسانيًا، فتواجدوا دون أن يلاحظوا سلاحًا في الاعتصام.

ويستكمل عمر/فشير باقي الحكايات بعرض للسفر إلى أميركا تقدمه أمل، لكنه يتكاسل مؤكدًا أنه باق في اللامعنى الذي يعيشه ويطمع في إنجاز واحد وهو مرور الزمن.

وينهي الكاتب روايته الخاصة عن ثوار يناير مصنفًا إياهم بين مهاجر للغرب، وهارب للقتال شمال شرقي مصر، وسجين، أو قتيل، أو محبط محطم بين جنبات سجن كبير.

يشار إلى أن عز الدين شكري أصدر قبل "كل هذا الهراء" عدة روايات أخرى، بينها "باب الخروج "، و"رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعة"، و"عناق عند جسر بروكلين"، و"أبو عمر المصري"، ‏و"غرفة العناية المركزة".

المصدر : وكالة الأناضول