الديوان.. استلهام قطري لغوته بتقريب الثقافة العربية للألمان

البيت الثقافي العربي يهدف لتقريب الثقافة العربية للمتلقين الألمان. الجزيرة نت.
البيت الثقافي العربي يهدف لتقريب الثقافة العربية للمتلقين الألمان (الجزيرة)

خالد شمت-برلين

بما يشبه توارد الخواطر اتفق وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ونظيره الألماني زيغمار غابرييل على إطلاق اسم "الديوان" -الذي يعد من أشهر كتب أمير الشعراء الألمان يوهان فولفغانغ غوته– على البيت الثقافي العربي الذي أقامته قطر في برلين، باعثا للآمال بمد هذا الصرح الجديد جسور الحوار والتبادل الثقافي بين ألمانيا والعالم العربي.

وشكر رئيس الدبلوماسية الألمانية الدوحة على" مبادرتها المعززة للانفتاح والتفاهم المتبادل" وأشار إلى أن حمل البيت الثقافي العربي اسم "الديوان" يذكر بالديوان الشرقي الغربي الذي كتبه غوته، وذكر فيه بما بين أوروبا والشرق من قواسم مشتركة تفوق الاختلافات.

ورد الوزير القطري على مضيفه مشيرا إلى أن الربط بين ديوان غوته وأول مركز ثقافي تقيمه قطر خارج حدودها لم يأت من فراغ، وتمنى إسهام هذا المركز بإبراز الثقافة العربية للألمان، ومساعدتهم بتغيير الصور النمطية السلبية السائدة عن العرب بأوروبا.

وزير الخارجية الشيخ محمد تمنى أن يسهم البيت الثقافي في مساعدة الألمان على تغيير الصور النمطية السلبية السائدة عن العرب بأوروبا (الجزيرة)
وزير الخارجية الشيخ محمد تمنى أن يسهم البيت الثقافي في مساعدة الألمان على تغيير الصور النمطية السلبية السائدة عن العرب بأوروبا (الجزيرة)

التزام قطر
وافتتح البيت الثقافي العربي الثلاثاء وسط حضور كبير من الدبلوماسيين والمثقفين الألمان والعرب، وممثلين للجامعات والمراكز البحثية والمؤسسات الثقافية الألمانية المعنية بقضايا الحوار مع العالم العربي.

واعتبر وزير الخارجية القطري في كلمته بالاحتفال أن افتتاح هذا المركز هو احتفاء بصداقة قديمة بين الدوحة وبرلين، وأوضح أن "الديوان" أسس ليكون منصة للتبادل الثقافي الحيوي، وشهادة على التزام قطر ببناء الجسور مع الثقافات المختلفة.

وأقيم البيت الثقافي العربي بفيللا كاليه التاريخية العريقة في حي تسيهلندورف الراقي شرقي العاصمة الألمانية، وهو يمتلك رؤية تتمثل بالتعريف بالثقافة العربية بين الألمان في مجالات الآداب والفنون والموسيقي والسينما، وتوسيع دائرة الحوار الحضاري العربي الألماني.

وأشار وزير الخارجية الألماني إلى أنه لن ينسى مصحفا فريدا مكتوبا من اليسار لليمين -يعود للعصر العربي بإسبانيا- شاهده بمتحف الفنون الإسلامية بالدوحة، ووجد فيه تعبيرا عن مواءمة ثقافية قال إنها مطلوبة بكل وقت.

وذكرغابرييل أنه أهدى نظيره القطري قطعة صغيرة من سور برلين لوضعها ضمن مقتنيات متحف الدوحة، وفاء لوعد أعطاه للشيخة المياسة بنت حمد شقيقة أمير قطر.

وفي تشبيه غير مباشر للحصار المفروض على قطر بسور برلين، قال غابرييل "أوقات الاضطرابات السياسية حيث تتراجع فرص الحوار، يصبح بناء الجسور ضرورة مهمة للتأكيد على القواسم المشتركة التي تساعد بإزالة الأسوار" وخلص إلى أن "إزالة الأسوار عمل شاق لكنه مُجد".

افتتاح البيت الثقافي العربي في برلين جرى ضمن فعاليات العام الثقافي القطري الألماني
افتتاح البيت الثقافي العربي في برلين جرى ضمن فعاليات العام الثقافي القطري الألماني

اهتمام قديم
ويضم البيت الثقافي العربي مكتبة ضخمة بالعربية والألمانية، وأشار السفير القطري في برلين سعود بن عبد الرحمن آل ثاني إلى أن "الديوان" الذي افتتح ضمن فعاليات العام الثقافي الألماني القطري يهدف إلى تقريب الثقافة العربية وتراثها الأدبي والعلمي والفكري للمتلقين الألمان، وإطلاق حوار ثقافي إستراتيجي عربي ألماني.

ولفت السفير -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن "الديوان" يهدف أيضا لتدريس اللغة العربية لزائريه الألمان، ودعم تدريس لغة الضاد بالمدارس الألمانية التي تعلمها لتلاميذها كلغة أجنبية، وذكر أن مؤسسة قطر للعلوم بحثت خططا بهذا المجال مع جامعات ومراكز بحثية ألمانية.

ومن جانبه، امتدح المدير السابق لمتحف برلين للفنون الإسلامية البروفسور كلاوس بيتر هازه إطلاق اسم "الديوان" على المركز الثقافي الجديد. 

 هازه تمنى أن يكون افتتاح المركز الثقافي بداية لاهتمام العرب بتغيير التصورات السلبية السائدة تجاه ثقافتهم بأوروبا
 هازه تمنى أن يكون افتتاح المركز الثقافي بداية لاهتمام العرب بتغيير التصورات السلبية السائدة تجاه ثقافتهم بأوروبا

وأوضح هازه -في تصريح للجزيرة نت- أن "غوته دافع عن الإسلام والنبي محمد دفاعا مجيدا، وقدم عنهما صورا مضيئة خلدتها أعماله، وبمستوى لم يفعله كاتب أو مثقف على مدار التاريخ الأوروبي".

ونوه إلى أن معظم كتابات غوته عن الإسلام -ومنها ديوانه "الديوان الشرقي الغربي" الواقع بخمسمئة صفحة بداية القرن التاسع عشر- جاءت في عصر حفل بتصورات نمطية سلبية قاسية تجاه هذا الدين والمؤمنين به.

ولفت المؤرخ الألماني إلى أن انفتاح مواطنيه الكبير على الثقافة العربية سبق غوته بقرون تعود إلى عصور الإسلام الأولى، وأوضح أن أول تمثيل دبلوماسي بين أوروبا وعالم الإسلام حدث ببعثة أرسلها الإمبراطور الألماني شارلمان إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد بالقرن الثامن الميلادي.

وتمنى هازه أن يكون افتتاح المركز الثقافي القطري بداية لاهتمام العرب بتغيير التصورات السلبية السائدة تجاه ثقافتهم بأوروبا، عبر حوار أساسه الصراحة والنقد.

المصدر : الجزيرة