في الأردن.. كتب تُمنع للإساءة للأديان وانتقاد العائلة الملكية

كتب على الارفف في مكتبات اردنية
دائرة المطبوعات التابعة لهيئة الإعلام الأردنية منعت 52 كتابا حتى نهاية يونيو/حزيران الماضي (الجزيرة)

الجزيرة نت-عمان 

رغم مرور سنوات على تطبيق الأردن لقانون المطبوعات والنشر الذي يمنع كل أشكال الرقابة المسبقة، يشكو أصحاب دور نشر استمرار ما يصفونه بـ"مسلسل منع ومصادرة دخول كتب إلى المملكة"، في حين يلتزم الرقيب الأردني الصمت فلا يعلق على الموضوع سلبا أو إيجابا.

وحصلت الجزيرة نت على بيانات حديثة لدائرة المطبوعات التابعة لهيئة الإعلام الأردنية، أكدت قيام الدائرة بمنع 52 كتابا حتى نهاية يونيو/حزيران الماضي. 

وحسب البيانات، منعت تسعة كتب على الأقل لاحتوائها على "عبارات بذيئة، تخدش الحياء العام وتسيء للأديان"، فيما منعت البقية وغالبيتها ذات طابع سياسي بحجة "إساءتها للهاشميين (العائلة الملكية الأردنية)، إضافة إلى دول وأنظمة".

ووفق البيانات نفسها، منعت بعض الكتب بزعم "إساءتها للملك عبد الله الأول والملك حسين بن طلال (والد ملك الأردن عبد الله الثاني)".

وغالبا تتعلّق "الإساءة" إلى العائلة الملكية الأردنية بتاريخ القضية الفلسطينية، واتهامها المتكرر بـ"التواطؤ" مع الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل.

‪كيالي: غالبية المطبوعات المحظورة تحمل بعدا سياسيا‬ (الجزيرة)
‪كيالي: غالبية المطبوعات المحظورة تحمل بعدا سياسيا‬ (الجزيرة)

مسلسل المنع
وتشير البيانات على سبيل المثال إلى منع كتاب "جواسيس ضد معركة النهاية" (Spies Against Armegeddon) الذي يتحدّث عن الحروب السرية للمخابرات الإسرائيلية منذ العام ١٩٤٨. وتلفت إلى أن سبب المنع يتمثل بـ"الإساءة للملك عبد الله الأول والملك الحسين". 

كما مُنعت وفق البيانات الترجمة العربية لكتاب الصحفي الأميركي الاستقصائي بوب وودوورد "حجاب: الحروب السرية للمخابرات المركزية ١٩٨١-١٩٨٧" دون إبداء الأسباب.

ويؤكد المدير العام للمؤسسة العربية للدراسات والنشر في عمان وبيروت ماهر كيالي "استمرار مسلسل منع ومصادرة الكتب في الأردن"، مشيرا إلى أن غالبية المطبوعات المحظورة "تحمل بعدا سياسيا" فيما تمنع نسبة أقل من الكتب "لاحتوائها عبارات جنسية وأخرى تنال من الأديان".

وقال للجزيرة نت إن ثمانية كتب طبعتها مؤسسته هذا العام "منعت بالأردن"، ودلل على ذلك بكتب "الوعود البلفورية" للكاتب علي حطيط، وكتاب "حديث الجنود" لأيمن العتوم، وكتاب "مراجعات في الفكر الإسلامي" لمنيل أبو قرون وكتب أخرى.

واستغرب كيالي استمرار سياسة الرقابة والمنع، وقال إن هذه الأساليب لم تعد تجدي في عصر الفضائيات وانتشار الإنترنت.

وأضاف أن المنع والتضييق يروجان للكتاب أكثر مما يتصور الرقيب، ويذكر أن أحد كتبه التي صُودرت نشرته على الإنترنت وحصد في فترة وجيزة عشرة آلاف قراءة، وهو رقم كبير إذا ما قورن بحجم المبيعات الورقية.

العتوم وروايته الممنوعة
العتوم وروايته الممنوعة "حديث الجنود" (الجزيرة)

منع وملاحقة
غير أن كيالي اعتبر أنه لم يعد بمقدور أصحاب دور النشر الاعتماد على السوق الأردني فقط في ظل المنع والتضييق، مؤكدا توجههم نحو الأسواق العربية ومعارض الكتب التي تعقد سنويا في عديد الدول، لتغطية خسائرهم الاقتصادية والمعنوية.

وبدأ الأردن عام 2007 تطبيق قانون المطبوعات والنشر الذي ألغى الرقابة المسبقة على الكتب المطبوعة بالمملكة بينما سمح باحتفاظ الدائرة بالكتب المستوردة لأسبوعين فقط، وبعدها تجيزها أو تحاول الحصول على قرار قضائي بحظر تداولها في الأردن. لكن هذا القانون لم يُنفذ.

وحاولت الجزيرة نت على مدى أسبوع كامل الحصول على رأي الجهة المختصة بمنع ومصادرة الكتب، دون جدوى. وكانت دائرة المطبوعات أكدت غيرة مرة أن منع الكتب في الأردن "صفحة وطويت".

لكن مختصين يتحدثون عن مئات الكتب التي منعها الأردن في السنوات القليلة الماضية، في حين تشير دراسات لباحثين منهم الباحث الأردني عبد الله حمودة أن الرقيب الأردني يمنع ويصادر في الأسبوع الواحد ما لا يقل عن كتابين.

ويرى الكاتب أيمن العتوم أن قانون المطبوعات والنشر الأردني "لا يعدو كونه حبرا على ورق". وقال للجزيرة نت إن السلطات منعت روايته "حديث الجنود"، التي وثقت انتفاضة طلاب جامعة اليرموك الأردنية عام ١٩٨٦، وانتهت باجتياح القوات الحكومية للجامعة وقتل ثلاثة طلاب وجرح واعتقال المئات.

وأضاف أنه لم يقف الأمر عند منع الرواية، فقد أحيل إلى المدعي العام بتهمة إثارة النعرات العنصرية، ومُنع من دخول خمس جامعات حكومية، منها جامعة اليرموك، لمناقشة الرواية بناء على دعوات وجهت إليه.

المصدر : الجزيرة