محمد الشرفي.. عمر من الإبداع والنضال

الشاعر اليمني الراحل محمد الشرفي
undefined

عبد الغني المقرمي-صنعاء
 
بين الدبلوماسية والأدب والسياسة والمسرح ترحّل الشاعر اليمني محمد الشرفي طوال نصف قرن، وخاض معارك الشعر والتقدم الاجتماعي، وكتب للثورة والحب والمرأة. أصدر ما يربو عن خمسين كتابا في الشعر والمسرح وقضايا الأدب والنقد المختلفة قبل أن يرحل منذ يومين ليبقى علامة مضيئة في المشهد الأدبي اليمني والعربي.
 
تميزت تجربته الإبداعية بالثراء والحيوية، وتجلت فيما يزيد عن عشرين مجموعة شعرية مطبوعة، منها: "دموع الشراشف"، و"أغنيات على الطريق الطويل"، و"ولها أغني"، و"من أجلها"، و"منها وإليها"، و"الحب مهنتي"، و"من مجامر الأحزان"، و"الحب دموع والحب ثورة"، و"العصافير لا تطير".

خصص الشرفي مساحة كبيرة من شعره لقضايا المرأة، ولقب بسبب ذلك بـ"شاعر المرأة في اليمن"، و"نزار اليمن". وتمكن من خلال عمله أمينا عاما للجمعية الوطنية للمسرح اليمني من تأسيس حركة مسرحية عززها بنصوص من تأليفه تعالج مختلف قضايا الواقع اليمني، وصدر له في هذا الإطار قرابة عشرين مسرحية شعرية ونثرية، منها: "في أرض الجنتين"، و"حريق في صنعاء"، و"موتى بلا أكفان"، و"حارس الليالي المتعبة"، و"الكراهية بالمجان"، و"العجل في بطن الإمام"، و"لليمن حكاية أخرى" وغيرها.

ولد الشرفي في مديرية "الشاهل" في محافظة حجة عام 1940، وفيها درس مبادئ العلوم الأولية، ثم انتقل إلى مدينة صنعاء حيث واصل تعليمه في المدرسة العلمية، التي تخرج منها عام 1960، ثم عمل في إذاعة صنعاء حتى 1965، ثم عيّن موظفا في وزارة الخارجية، وتنقل في عدد من السفارات اليمنية في عدد من العواصم منها القاهرة وبيروت والجزائر وأديس أبابا وطهران وبغداد.

كتبت عنه العديد من الدراسات الأكاديمية المتخصصة (ماجستير ودكتوراه) وحصل على عدد من الجوائز الأدبية، ومنحه الرئيس السابق علي عبد الله صالح وسام الفنون من الدرجة الأولى عام 1989.

‪‬ عبد العزيز المقالح: رحيل الشرفي يمثل خسارة للمشهد الأدبي اليمني والعربي(الجزيرة)
‪‬ عبد العزيز المقالح: رحيل الشرفي يمثل خسارة للمشهد الأدبي اليمني والعربي(الجزيرة)

شاعر متميز
ويرى الشاعر علوان الجيلاني أن الشرفي ظل على مدى خمسين عاما شاعرا كبيرا ومتميزا، وكان في كل كتاباته مؤمنا بإنسانية الإنسان، منافحا عنها، شاهرا قلمه في وجه كل من يحاول العبث بها أو النيل منها.

ويؤكد الجيلاني في حديثه للجزيرة نت أن الشرفي تحت هذا المبدأ دافع عن قضايا المرأة، وانحاز إلى وطن نقيّ خال من مختلف أشكال التمايز العرقي والمذهبي، وطن يتّسع لجميع أبنائه، ولأجل ذلك كان من أهم رجالات التنوير المؤمن بالمستقبل.

ويشير الجيلاني إلى الحفاوة التي لقيها الشرفي في عدد من الدول العربية والأجنبية، سواء من حيث التكريم أو التناول النقدي، مؤكدا أنه لم ينل حقه داخل اليمن من الدرس النقدي بما يليق بإنجازه الإبداعي.

واعتبر الشاعر عبد العزيز المقالح في حديثه للجزيرة نت رحيل الشرفي خسارة فادحة للمشهد الأدبي في اليمن خصوصا وفي الوطن العربي عموما، معتبرا إياه رائد المسرح الشعري في اليمن وشاعر المرأة، مؤكدا أن اهتمام الراحل بهذين المجالين لم يمنعه من طرق المواضيع الوطنية الأخرى ومن المشاركة في صناعة المشهد الأدبي على نحو من العصرنة والتحديث.

وقال المقالح "لقد كان الشرفي ابنا مخلصا للقصيدة العربية في مختلف تجلياتها، وظل على هذا الوفاء حتى أيامه الأخيرة، وستفتقده الساحة اليمنية كثيرا، ولا أعتقد أن أحدا من الشعراء الموجودين يمكن له أن يملأ الفراغ الذي تركه الراحل رحمه الله".

من تجليات الشرفي الشعرية قوله:
جئتكِ اليومَ حاملاً نصف قرنِ
من سنين الهوى وقرناً عذابا
وأجرُّ الزمانَ كالشيخِ خلفي
وترًا نازفاً.. ولحناً مصابا
مزَّقتني الأيامُ واستعبدتْني
وارتمت مخلباً بقلبي ونابا
تتشظى جروح نفسي على خطوي
فأمشي بها ركاماً خرابا

المصدر : الجزيرة