الأغنية العراقية تنحدر بعد تألقها لعقود

المطرب حسن بريسم في احدى حفلاته
undefined

علاء يوسف-بغداد

 
بعد عقود من التألق وملامسة الوجدان الجمعي للأمة، تحث الأغنية العراقية الخطى نحو الانحدار بعد التأثير السلبي للسياسة في الفن، وهجرة أغلب المطربين والملحنين.
 
ومع أن البعض يرى أن الأغنية العراقية تساير الزمن الذي تعيشه، يرى ملحنون ومطربون وشعراء أنها سقطت بعد الغزو الأميركي في العام 2003، حيث هيمن المتطفلون على فضاء اللحن والطرب.
 
ووفق هؤلاء، أصبحت الأغاني العراقية الحالية عبارة عن وسيلة لبث السموم والكلام البذيء في المجتمع.
 
أسوأ مرحلة
ويقول الملحن سرور الماجد إن الأغنية العراقية وصلت لأسوأ مرحلة، لأنها بدأت تتناول الشتيمة والكلمات البذيئة التي لا يمكن أن تتقبلها العائلات العراقية، حسب تعبيره.
 
ويشير الماجد إلى محاولات لإرجاع الأغنية العراقية إلى صورتها الطبيعية، من خلال تفعيل الكلمة الملتزمة واللحن الجميل المركب الذي يصدر من الروح.
‪الشاعر العلاق طالب بتشكيل لجنة ثقافية لإنقاذ الأغنية وانتقاء الأصوات الجميلة‬ الجزيرة)
‪الشاعر العلاق طالب بتشكيل لجنة ثقافية لإنقاذ الأغنية وانتقاء الأصوات الجميلة‬ الجزيرة)

لكن هذه الجهود تصطدم بغياب الدعم المادي للمطربين الملتزمين، منبها إلى أن الأغنية الواحدة تكلف 5000 دولار.

ويسير في هذا الاتجاه المطرب حسن بريسم الذي يرى أن الأغنية العراقية أصبحت عبارة عن تهريج بشكل متناسق "وفقدت عذريتها بسبب الكلام البذيء والاستهزاء بمشاعر العراقيين".

وحسب تعبيره، فإن العراق الذي عرف منذ القدم بأنه بلد الشعراء، لم يعد ينتج شعرا، محملا المؤسسة الثقافية الحكومية مسؤولية تردي الأغنية.

أما المطرب الشاب عقيل عمران، فيقول في حديثه للجزيرة نت إن الأغنية المحلية يتقاسمها حاليا طرفان، شباب يحاولون تقديم أعمال جميلة تليق بالذائقة العامة، وآخرون يسيئون لتاريخ الطرب العراقي.

ويعتقد أن الأغنية العراقية تسير نحو المنحدر بسبب غياب الوعي الفني لدى العديد من المطربين، والذين يستعجلون الشهرة ويهدفون لتحقيق الربح على حساب الذائقة الجمالية.

وحسب المطرب جمال كريم، فإن هناك مافيا تقف خلفها جهات خارجية تحاول هدم الثقافة العراقية وبالخصوص الأغنية، مضيفا أن الإعلام يحتفي بالمسيئين للطرب العراقي، ويتجاهل الملحنين والشعراء المميزين.

ويقول الشاعر باقر العلاق إن الأغنية العراقية السابقة كانت تتكون من الكلام واللحن والأداء الجيد، وهي عناصر تفتقدها الأغنية الحالية، حسب تعبيره.

حسب الطلب
ويوضح العلاق في حديث للجزيرة نت أن الشاعر العراقي بدأ يكتب وفق ما يطلبه المطرب والجهة المنتجة مما جعل المفردات لا تمت للأغنية العراقية بصلة، وفق تعبيره.

‪منصور: الساحة الفنية لا تزال تصدح بأغان جميلة تقدم بأداء مثالي‬ (الجزيرة)
‪منصور: الساحة الفنية لا تزال تصدح بأغان جميلة تقدم بأداء مثالي‬ (الجزيرة)

وينادي العلاق بإنقاذ الأغنية العراقية من خلال تأسيس لجنة لانتقاء الصوت والنص الجميلين، لأن أغلب الأغاني الحالية متشابهة من حيث الأداء والتصوير.

أما الناقد الغنائي سامر المشعل فيذكر بأن الأغنية العراقية رغم كونها صاحبة إرث جمالي وذوق عال، فإنها دخلت مجال التجارة وانحرفت بعدما سماه اهتزاز منظومة الذوق والجمال والأخلاق.

لكن المطرب المخضرم حميد منصور يرى أن الأغنية العراقية في الوقت الحالي في وضع جيد، لأنها تضم ألحانا وأصواتا وجميلة، ولكنها تحتاج إلى تهذيب كلمات الشعراء الشباب.

وينفي في حديث للجزيرة نت أن تكون الأغنية العراقية تعاني من الانحدار، لأن الساحة الفنية لا تزال تصدح بأغانٍ جميلة تقدم بطريقة مثالية.

ويلاحظ الملحن محمد هادي أن بعض المختصين ينتقدون الأغنية العراقية الآن بسبب خفتها وعدم التزامها والإشكاليات الموجودة في مفرداتها.

ويلفت إلى أن الوسط الفني يشهد جدلا بين من يعد الأغنية الحالية إساءة لتاريخ الغناء العراقي، ومن يرى أنها مواكبة للعصر الذي يتطلب الخفة والمباشرة في التعبير والأداء.

المصدر : الجزيرة