وديع سعادة شاعر ينتصر للنشر الإلكتروني

الشاعر اللبناني وديع سعادة - وديع سعادة شاعر من السبعينات ينتصر للنشر الالكتروني - زهرة مروّة - بيروت
‪(الجزيرة)‬ وديع سعادة اختار النشر على الإنترنت لأنها تتناسب أكثر مع مبادئه
‪(الجزيرة)‬ وديع سعادة اختار النشر على الإنترنت لأنها تتناسب أكثر مع مبادئه

زهرة مروة-بيروت
لم يقصد الشاعر اللبناني وديع سعادة أي دار نشر لإصدار آخر ديوانين له، بل نشرهما على موقعه الإلكتروني الخاص، فهو يفضّل النشر على الإنترنت لأنها تضمن وصول كتابه إلى عدد كبير من القراء عبر العالم دون أية تكلفة. كما أن دور النشر "تهضم حقوق المؤلفين" كما يقول.

ابن قرية شبطين بشمال لبنان المولود عام 1948، يكتب قصيدة النثر منذ عقود وله بصمته الخاصة في الشعر. وقد كتب مجموعته الأولى "ليس للمساء أخوة" عام 1968 بخط يده واكتفى بتوزيعها على أصدقائه دون نشرها.

حنين الشاعر
ويقول سعادة في حديث للجزيرة نت "بالنسبة لي حلّ الكتاب الإلكتروني مكان الكتاب الورقي، وأفضّل أن أنشر كتبي على الإنترنت على اللجوء إلى دار نشر". لكنه يؤكد أنه  ليس ضد الطباعة الورقية، فهو ما زال يشتري كتبا ورقية. ولكن النشر على الإنترنت يتناسب أكثر مع مبادئه.

الشاعر الذي هاجر إلى أستراليا أواخر عام 1988 لم يسلم من وجع الغربة في منفاه الاختياري، ففي شعره حنين إلى القرية والأصدقاء ومرابع  الطفولة والصبا، وفي نصوصه ما زالت الحقول مهجورة والقلوب ظامئة والغياب موجع والأماني صارت رمادا.

وفي الكثير من أشعاره يلحظ القارئ أنه بدأ يعيش في فضاء الذكريات، ويروي قصصا قديمة عن واقع عايشه أو سمع عنه: "كانوا يُخْبرونَ أطفالَهم / عن الملاكِ الحارسِ والزرع / والبلبلِ الذي جاءَ هذا الصباح/ وغنَّى في شجرةِ التوت، على شبَّاكهم/ يُخبرونهم عن عِنَبٍ / سيبيعونه ويشترون / لهم ثيابًا جديدة/ عن كنزٍ / يكون غدًا تحت وسادتهم إذا ناموا، لكنَّهُم وَصَلُوا / قطعوا الحكاياتِ/ تركوا بقعًا حمراءَ على الجدار / وخرجوا" (من ديوان "بسبب غيمة على الأرجح").

لكن وقع الحنين ولوعة البعد لم يمنعا سعادة من الاستفادة من بعض إيجابيات واقعه الجديد على مستوى حياته وأشعاره، وهو يرى أن "أي مكان، ولا سيما الغربة يترك أثرا في الشاعر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فالغربة تبلور مفاهيم الكاتب وتغني تجربته الثقافية والشعرية".

ويعتبر صاحب "رتق الهواء" في حديثه للجزيرة نت أنه بوصفه مبدعا وإنسانا لا ينتمي إلى بلد معين، وأنه ما من مكان أو بلد واحد لكل إنسان، ومن الممكن أن يشعر أي فرد -وخاصة الشاعر- بالغربة وهو في بلده.

تركت الحرب ندوبا في شعر سعادة، ويظهر ذلك جليا من خلال الأجساد والجثث العارية في نصوصه، وهذا ما جعل شعره يكتسي بطابع تراجيدي في بعض الأحيان

ندوب الماضي
بوصفه لبناني المنشأ تركت الحرب بدورها ندوبا في شعر سعادة، ويظهر ذلك جليا من خلال الأجساد والجثث العارية في نصوصه، وهذا ما جعل شعره يكتسي بطابع تراجيدي في بعض الأحيان: "إنَّهم يحصدونَ بعضَهم في الشمال/ ويحصدونَ بعضَهم في الجنوب/ ويحصدونَ بعضَهم في الجبال/ ويحصدونَ بعضَهم في المُدُن/ قبلَ أيَّامٍ كانوا رفاقًا.. زاروا بعضَهُمْ بعضًا وشرِبوا القهوةَ وتواعدوا للقاءِ الأحد المقبل/ وفجأةً يتلاقونَ مدجَّجينَ بالسلاح/ يتقابلونَ أعداء وجُثثاً /المذيعةُ تنقلُ أسماءَ جثثهم، وتُنهي بأغنية" (من قصيدة "لحظات ميتة").

الجرح لا يلتئم في شعر سعادة، ويظهر ذلك  في ديوانه "بسبب غيمة على الأرجح" (1992)، وكذلك في المجموعة الأخيرة التي نشرها على موقعه الإلكتروني وهي بعنوان "من أخذ النظرة التي تركتها أمام الباب" 2011. وبالإضافة إلى جراح الماضي ، ينضح شعر سعادة بالعدمية، وهذه العدمية ناتجة أولا من الحرب ومن أساليب القهر والاستغلال والظلم التي يتعرض لها الانسان  على حد قوله.

من الملفت في نصوص الشاعر أيضا "جدلية الغياب والحضور" . فالشاعر دائما مسكون بإنسان غائب أو ميت ويعتبر سعادة أنه يجب أن  نكون أصدقاء للضعفاء والأقوياء على حد سواء، وأن هناك موتى عبروا وما زالوا ساكنين فينا، ويجب أن نعترف بهذا الشيء.

يذكر أن سعادة يعمل في الصحافة منذ أن هاجر إلى أستراليا أواخر عام 1988. وعمل أيضا في الصحافة العربية في بيروت وباريس ولندن، كما أنه يكتب في الأقسام الثقافية لبعض الصحف  والمجلات الثقافية. كما تُرجمت بعض أعماله إلى الإنجليزية والألمانية والفرنسية. 

المصدر : الجزيرة