شعراء المتوسط يمجدون ثورات العرب

الشاعر المغربي محمد بنيس لقي احتفالا كبير خلال مشاركته

الشاعر المغربي محمد بنيس (وسط) لقي احتفاء كبيرا بتجربته خلال المشاركة (الجزيرة نت)

عبد الرّزاق بوكبّة -الجزائر

نظم المركز الثقافي الفرنسي بالجزائر العاصمة الدورة الرابعة من تظاهرة ربيع الشعراء وشارك فيها نخبة من شعراء البحر المتوسط هم محمد بنيس من المغرب وبرنار نويل وإديث عزام من فرنسا وكازيميرو دو بريتو من البرتغال وستراتيس باشاليس من اليونان وحبيب طنغور وهجيرة أوبشير من الجزائر ورافقتهم العازفة اليونانية كاترينا فوتيناكي التي غنت لكبار شعراء المتوسط مثل لوركا وناظم حكمت.

وجاءت التظاهرة في إطار الاحتفال باليوم العالمي للشعر الذي أقرته منظمة اليونسكو وتوزعتها أمسيات شعرية وموائدُ مستديرة في أكثر من مكان بالجزائر العاصمة وناقشت موضوعات عدة أهمها الشعراء والمتوسط والشعر والحياة.

الندوة الأولى قارب فيها الشعراء رؤيتهم للمتوسط باعتباره مخيالا ذا ضفتين يحكمهما شعوران على طرفي نقيض هما الخوف من كل منهما على مدار قرون بفعل تجار السياسة والدين والمصالح والقوميات، ثم الحلم بالحوار والسلام وهو أمر بقي معلقا ولم ينتعش بشكل لافت للانتباه مثلما انتعش هذه السنة بفعل الثورات العربية حيث اشتركت ضفتا المتوسط لأول مرة منذ الثورة الفرنسية في تقديس الحرية وجعلها سقف مطالب الإنسان.

عقدت ندوات وطاولات مستديرة في مهرجان الشعر بالجزائر (الجزيرة نت)
عقدت ندوات وطاولات مستديرة في مهرجان الشعر بالجزائر (الجزيرة نت)

وأكد برنارد نويل أحد أكبر شعراء فرنسا الأحياء وأحد مثقفيها الذين ساندوا الثورة الجزائرية في الخمسينيات على ضرورة تثمين ما يحدث في الوطن العربي من ثورات وصفها بأنها أعراس الحرية معتبرا إياها مكسبا إنسانيا.

ستقلب المشهد
أما الشاعر المغربي محمد بنيس الذي كان من المثقفين المغاربة الذين وقفوا إلى جانب شباب حركة 20 آذار في المملكة المغربية، فقال إن هذه الثورات التي أفرزتها حاجة الإنسان العربي إلى الحرية ستقلب المشهد العربي رأسا على عقب لأن هذا النوع من الحاجات غير قابل للقمع والتهميش.

وفي معرض استضافته من طرف معهد اللغة العربية وآدابها بجامعة الجزائر حيث تم الاحتفاء به بشكل لافت، قال صاحب "سبعة طيور" إن الشاعر الحقيقي ينتصر بالضرورة للحرية حتى وإن كان المحيط الذي يعيش فيه لا يشجع على ذلك مبديا إعجابه بالشاعر التونسي الراحل أبي القاسم الشابي الذي عاد إلى الواجهة بعد سبع وسبعين سنة من رحيله حيث بات شعره الممجد للحرية مزروعا في أفواه الشباب العربي من المحيط إلى الخليج واصفا إياه بأخيه الكبير.

من جهته تناول الشاعر والباحث السوسيولوجي الجزائري المقيم بفرنسا حبيب طنغور عنصر المفاجأة في الثورات العربية ليس من حيث توقيتها فحسب بل من حيث تحرر شبابها من النزعات الإيديولوجية المترهلة يمينا ويسارا حيث كان الغرب والمؤسسة الرسمية العربية يعتقدان أن الشارع العربي سيكون إسلاميا بالضرورة إذا أتيحت له حرية الاختيار لذلك فقد غض هذا الغرب نظره عن قمع الأنظمة العربية لشعوبها على مدار عقود من الزمن مفضلا إياها على المد الإسلامي.

العازفة اليونانية كاترينا فوتيناكي غنت لكبار شعراء المتوسط مثل لوركا وناظم حكمت (الجزيرة نت)
العازفة اليونانية كاترينا فوتيناكي غنت لكبار شعراء المتوسط مثل لوركا وناظم حكمت (الجزيرة نت)

أوراق التوت
لكن الذي حدث –وفق طنغور- كان عكس ذلك تماما مما أسقط أوراق التوت عن الحاكم العربي والإدارات الغربية معا، وهو المعطى الذي جعل الإنسان الغربي حسب الشاعر وأستاذ العلوم السياسية اليوناني ستراتيس باشيليس يغير نظرته للإنسان العربي الذي سوقه الإعلام الغربي على أنه كائن عنيف ومخيف خاصة بعد تجربة سقوط البرجين.

يذكر أن الأمسيات الشعرية الثلاث أثثتها خمس لغات متوسطية هي العربية والأمازيغية والفرنسية والبرتغالية واليونانية، وخلق تنوع اللغات جمهورا متنوعا حلق مع القراءات المموسقة في أجواء قالت عنها لطيفة الطالبة الجامعية للجزيرة نت إنها أنستهم لون وصوت الرصاص والغاز المسيل للدموع في ليبيا واليمن وسوريا وساحل العاج.

وتم على هامش تظاهرة ربيع الشعراء إشهار أنطولوجيا شعراء المتوسط الصادرة عن دار غاليمار الفرنسية والتي ضمت مائة صوت متوسطي بما في ذلك أصوات عربية على غرار شوقي بغدادي من سوريا، وربيعة جلطي من الجزائر والطاهر بنجلون من المغرب.

المصدر : الجزيرة