حكاية الحي اليهودي في صنعاء

7- حارات قاع اليهود ما زالت محافظة على هويتها كما خططها اليهود دون تغيير (الجزيرة نت )

 لا تزال حارات اليهود محافظة على هويتها دون تغيير (الجزيرة نت)


إبراهيم القديمي-صنعاء
لا يستطيع الزائر مغادرة صنعاء قبل أن يعرج على الحي التاريخي "قاع اليهود" الذي تشتهر به المدينة وتتباهى به أمام السياح الذين يفدون إليها من مختلف بقاع الأرض.
 
يعود تاريخ بناء الحي إلى عام 1930 حينما قرر الإمام يحيى بن حميد الدين إخراج اليهود الذين كانوا يقيمون داخل أسوار مدينة صنعاء القديمة -بسبب خمرتهم التي كانوا يحتسونها ويبيعونها- وخصص لهم بُقعة من الأرض تحتويهم ويتجمعون بها دون اختلاطهم بالمسلمين أطلق عليها "قاع اليهود".
 
ويشير أستاذ الآثار والفنون الإسلامية المساعد بجامعة صنعاء الدكتور غيلان حمود للجزيرة نت إلى أن قاع اليهود –الذي تحول اسمه حاليا إلى "قاع العلفي" بات خاليا الآن من أي وجود لليهود الذين هاجروا جميعا إلى أميركا وإسرائيل وبقيت منازلهم ودكاكينهم كما هي دون تغيير.
 

 حمود: جميع سكان الحي تقريبا هاجروا إلى الولايات المتحدة وإسرائيل (الجزيرة نت)
 حمود: جميع سكان الحي تقريبا هاجروا إلى الولايات المتحدة وإسرائيل (الجزيرة نت)

وتفيد المراجع التاريخية بأن قاع اليهود كانت له بوابتان

هما البونية والشبة، وتم تقسيمه إلى عشرين حارة لكل منها كنيس أو اثنان حتى غدا في صنعاء نحو 39 كنيسا يهوديا انقرضت جميعها.
 
ويتذكر الحاج علي الوتاري، وهو من سكان الحي القدامى، أن الإمام أحمد أرغم اليهود على بيع بيوتهم للمسلمين بأسعار الزمان والمكان -بعملة ماريا تريزا – وكانت تتراوح حينئذ بين عشرة وخمسين ريالا للبيت الواحد، وغادروا بعدها للخارج ومدن يمنية أخرى كصعدة وريده وحجة وعدن.

مهن متعددة
أما المواطن عامر هزاع فيؤكد أن اليهود أثناء بقائهم في القاع مارسوا طقوسهم الدينية والاجتماعية بحرية تامة، وكان المسلمون اليمنيون يشاركونهم أفراحهم وأتراحهم، ووجدت تعاملات تجارية بين الطرفين بنظام البيع الآجل.

وبحسب هزاع، فإن اليهود احترفوا جميع المهن بالحي في مقدمتها صناعة المنسوجات القطنية والحريرية والصوفية والأحذية ودباغة الجلود وصناعة الحلي الذهبية والفضية -التي تمتعوا فيها بشهرة فائقة- والتجارة الداخلية والخارجية عن طريق مستعمرة عدن فضلا عن صناعة الأسلحة الخفيفة مثل الجنبية والخنجر والسكاكين الحادة.

ورغم تحوله إلى سوق شعبي بعد هجرة اليهود، لا يزال الحي صامدا أمام عوامل الزمن محتفظا بجميع تفاصيله القديمة وبصمات ساكنيه سابقا بحوانيته القديمة المنتشرة وأزقته ضيقة المساحة وبوابتيه اللتين خصصتا لمراقبة الداخل والخارج للحي وعدم اختلاط المسلمين باليهود خوفا من انتقال عاداتهم إليهم.

أطلال قصر حاييم حبشوش (الجزيرة نت)
أطلال قصر حاييم حبشوش (الجزيرة نت)

النمط المعماري

ويلاحظ الزائر للحي أن النمط المعماري الذي بنيت به منازل اليهود يختلف عن كل الأساليب العربية والإسلامية والعثمانية الشاسعة حينذاك، فهي من الارتفاع لا تزيد على طابقين إلا ما ندر.
 
ووفقا لشهود عيان من سكان الحي فإن السطوح متلاصقة وكأنها سطح بيت واحد، ويتوسط أعلى كل بيت فتحة واسعة رصفت أرضها بالأحجار خاصة بالطقوس الدينية، وهي مغطاة ولا تفتح إلا في الأعياد أو مناسبات معينة، وحفر على جدرانها من الداخل نجمة داود.
 
وقد حرص يهود القاع على طلاء منازلهم بالطين، وتركها مدة من الزمن حتى يتقشر بعضها للإيحاء بالبؤس وسوء الحال حتى لا يطمع الآخرون بما في داخلها من متاع وأموال، بحسب المراجع التاريخية.
 
وعلى مقربة من البوابة الشرقية للحي، تقع بقايا قصر حبشوش الذي تعرض للهدم، ويزعم محمد السمني -وهو من سكان الحي- أن القصر كان ملكا لرجل يهودي يدعى "حاييم حبشوش" وكان ثريا من تجارة الذهب والفضة.
 
وبعد وفاته هاجر أحفاده إلى القدس بعد أن باعوا القصر لأحد الوُلاة، وبعد قيام ثورة الـ26 من سبتمبر/ أيلول 1962 صادرت الدولة المنطقة، وقامت بتوزيع بيوتها على الثوار، وأصبح القصر من نصيب أحدهم.

المصدر : الجزيرة