الرسم على شوارع بيروت لنشر قيم احترام الاختلاف والتنوع

منظر عام للورشة - الجزيرة نت

رسموا أفكارهم بالشمع والطبشور (الجزيرة نت)

نقولا طعمة-لبنان

"نحن لبعض" و"نرفض التمييز" و"ما بتعرف شو في بقلبي" نماذج من الشعارات التي يتبناها متطوعو جمعية "على بعد أمتار"، ويحملونها إلى مدن بيروت وجبيل وصيدا اللبنانية، ويجسدونها رسومات وألوانا وتعابير مختلفة على أرصفة الشوارع لنشر القيم الإنسانية القائمة على عدم التمييز والداعية إلى احترام الاختلاف والتنوع.

تحرك الجمعية حلقة من سلسلة تبنتها منذ تأسيسها عام 2000، ويندرج ضمن برنامج أطلقت عليه عنوان "الآخر" ونفذت فيه برنامجين لصناعة أفلام الرسوم المتحركة وصناعة شريط التحقيق الصحفي.

وزع أعضاء الجمعية المتطوعون وفرق الطلاب أعمالهم على ثلاثة أيام أحد، فرسموا أفكارهم الأحد 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على درج محلة الجميزات في بيروت، وفي جبيل يوم السابع من الشهر الجاري، وينقلون نشاطهم الأحد القادم إلى صيدا الجنوبية.


"ما بتعرف شو في بقلبي"أي لا تحكم علي مسبقا (الجزيرة نت)

الورشة
بدأت الورشة عند التاسعة صباحا، وتوزع 35 متطوعا من الطلاب والطالبات على طول الشارع المحاذي لقلعة جبيل، ورسموا أفكارهم بالشمع والطبشور.

كانت الساعة قد شارفت على الظهيرة، حين اتضحت الرسومات والألوان المتناسقة والمضيئة.

رسم رالف مسن ومجموعته "قلب الآخر" و"ما بتعرف شو في بقلبي"، وهي كما يوضح مسن للجزيرة نت أن الإنسان يجب أن لا يحكم على الآخر من الخارج، و"جسدنا ذلك بعلبة بازيلا عندما نفتحها نجد فيها أشياء أخرى". ويوضح الفكرة بعبارة "ما بتعرف شو في بقلبي"، أي لا تحكم علي مسبقا.

في مكان آخر، عبرت مجموعة عن رفضها للتمييز العنصري بأشكاله المختلفة فرسمت ميزانا داخل دائرة يعبر عن التمييز العرقي، وآخر عن التمييز بين الرجل والمرأة.

وقد تولت مجموعة أخرى رسم ما يجمع بين الناس، قائلين بالألوان "نحنا لبعض" و"الألوان توحدنا"، في إشارة إلى ضرورة الوحدة في التنوع.


برنامج الآخر
وتحدثت عضو اللجنة الإعلامية بالجمعية فرح بعلبكي للجزيرة نت عن برنامج "الآخر" باعتباره فكرة تهدف إلى التحاور في كل القضايا الخلافية.

الرسم على الشوارع كفكرةللتحاور مع الآخر (الجزيرة نت)
الرسم على الشوارع كفكرةللتحاور مع الآخر (الجزيرة نت)

وأفادت بأن ثلاث ورش عمل نفذت بتمويل من الاتحاد الأوروبي، كانت أولاها عام 2005 والثانية والثالثة عام 2007 وقد ضمتا ما بين 25 و30 طالبا من المدارس الثانوية تم اختيارهم بناء على تنوع أوضاعهم الثقافية والدينية والجنسية والطبقية بحيث يعكسون النسيج الاجتماعي اللبناني.

وأضافت أن الطلاب خاضوا نقاشا حول مفاهيم الاختلاف والتنوع وعدم التمييز بطرق تربوية ناشطة، وتدربوا على صناعة شريط التحقيق الصحفي، وأنتجوا ستة أشرطة قصيرة للتوعية على قيم عدم التمييز والاختلاف.

كما تدرب هؤلاء على التقنيات والمهارات الضرورية التي تمكنهم من تصميم موقع على الإنترنت، وأنشؤوا موقعا خاصا ببرنامج "الآخر".

وفي هذا العام كما تقول "ارتأينا أن نلجأ إلى أسلوب لم يشهده لبنان سابقا"، وهو الرسم على الرصيف، بغية لفت نظر أكبر عدد ممكن من الناس إلى "دعوتنا".

وقالت إن البلديات لم تسمح باستخدام طلاء ثابت، ما اضطرهم لاستخدام الشمع والطبشور الذي سرعان ما يزول، ولذلك "ننشر الرسومات التي ننفذها على الرصيف عبر الموقع الإلكتروني".


رؤية "على بعد أمتار"
ويعرض عضو الهيئة الإدارية لجمعية "على بعد أمتار" ريشار بطيش رؤية الجمعية قائلا للجزيرة نت "تساءلنا كيف يكون الفن وسيلة لنشر القيم الإنسانية القائمة على التنوع والاختلاف وعدم التمييز، وربطها بالواقع اللبناني الممزق طائفيا".

الفن لنشر القيم الإنسانية (الجزيرة نت)
الفن لنشر القيم الإنسانية (الجزيرة نت)

وقال إن الناس لا يعرفون بعضهم بعضا رغم ضيق المساحة التي يعيشون عليها، ولا كيف يتعايشون بقبول الاختلاف والتنوع.

وأوضح أن التحدي كبير وأن التغيير المنشود لا يتم بين ليلة وضحاها ولا بقرار، بل بنضوج الظروف التي تحدث التغيير البنيوي في المجتمع، و"علينا البدء مع الأفراد ليكون لهم تأثير في التربية وفي تغيير القوانين مستقبلا".

وتبدي الطالبة إليانا سلامة ارتياحها للأسلوب الذي يؤثر على المشاركين وعلى من يتواصل مع رسالة الرسوم.

ولكنها ترى أن تأثير ذلك على المستوى العام قد لا يكون واسعا، ولكن "رغم كل شيء فأن نضيء شمعة خير من أن نلعن الظلام".

المصدر : الجزيرة