بثينة العيسى وسبر أغوار النفس داخليا وخارجيا

تصميم تخيلي لرواية ريح الجنة
في روايتها التي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر  تحت عنوان "سعاد" تتسم الكاتبة الكويتية الشابة بثينة العيسى بدقة مميزة في الوصف الذي يتخذ شكل رحلة ذات اتجاهين.. غور في النفس البشرية ثم ارتقاء منها إلى الخارج ثم عودة إلى الغور والارتقاء.
 
وقد تكون الشاعرة الكويتية سعدية مفرح في المقدمة التي كتبتها للرواية لخصت كثيرا من عالم الرواية الفني في قولها "تشتبك بثينة العيسى في هذه الرواية مع العالم بأكمله، عبر لغة مفرطة في رهافتها إلى حد أن تكون أغنية موزعة في معمار موسيقي يتراكم تدريجيا بين المتن والهامش فتفيض العذوبة ذهولا وبكاء، ولكنها قاسية أيضا إلى حد الوجع المقيم في تلافيف الروح منذ أزمان سحيقة لا بد ان بثينة عاشتها بتفاصيلها الدقيقة".
 
مفرح وصفت وعن حق الرواية بأنها نص روائي لا يريد أن يكتمل لأنه نص مفتوح على أسئلة تدور في فضاء القلق الوجودي الفادح في سوداويته ولكن الفاضح في تعريته لكل ما نحاول أن نخبئه تحت ركام من الإرث الإنساني النفسي, على حد وصفها.
 
تقوم الرواية على هيكل عام من الأحداث قد يبدو للقارئ أنه ليس كبيرا إلى درجة كافية أو بكلمة أخرى قد نشعر بأن قدرة الكاتبة على السرد والغور ربما كانت تؤهلها لأن تقوم على نطاق روائي أكثر اتساعا.
 
ولذا جاءت الرواية تركز على الغوص عموديا مع محدودية في الانتشار الأفقي، لكن قدرة الكاتبة جعلت من الحالات المتشابهة في أحداثها متنوعة بعيدة عن أن تكون نسخا مكررة فجاءت ممتعة ولم تفقد جاذبيتها.
 
ولا تقتصر قدرة بثينة على السرد على الوصف النفسي الدقيق، بل تتجلى أيضا في نقل صور نفاذة عن التصرفات البشرية والعلاقات التي تتجسد في أحداث وممارسات يومية من ضمنها رسم معاناة العرب في أميركا بعد 11 سبتمبر/ أيلول, والكاتبة تلتقط ذلك لا بعين واقعية حيادية بل بمزيج يتداخل فيه الواقعي والرومانسي والغوص والكشف القائمان على مبادئ من علم النفس.
المصدر : رويترز